IMLebanon

رمضان لبنان كئيب… والانهيار ضيف موجع على موائده

كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي الكويتية”:

ليست المرةُ الأولى يحلّ الشهرُ الفضيلُ «في كنف» الانهيار المالي الذي بدأ يتدحرج في «بلاد الأرز» منذ آذار 2020، ولكن رمضان 2022 يطلّ فيما «العاصفة الكاملة» أَطْبَقتْ على أبناء الوطن الصغير الذين تَكاتَفتْ عليهم الاختناقاتُ المعيشيةُ، من داخلٍ بات رهينةَ «الإفلاسَ الشامل» غير المعلَن وارتداداته التي لم تنفكّ تتضخّم، ومن خارجٍ هبّتْ منه تداعياتُ «الإعصار الأوكراني» الذي هدّد الأمن الغذائي العالمي.

وفي موازاة «اللحظة السياسية» البالغة الحساسية التي تجعل رمضان هذه السنة «شهرَ فصْلٍ» عن محطةٍ مفصليةٍ تشكّلها الانتخاباتُ النيابية المقرَّرة في 15 أيار وما يستتبعها من استحقاقاتٍ دستورية مُلازمة مثل تأليف حكومة جديدة أو «متلازمة» كالانتخابات الرئاسية (بدءاً من 31 آب)، فإن طبولَ «نيابية 2022» ومعاركها الضارية التي ستملأ الطريق إلى صناديق الاقتراع وتشتدّ ابتداءً من 5 نيسان، اليوم التالي لانتهاء مهلة تسجيل اللوائح الانتخابية، سيوازيها في البيوتات وخلف الجدران سكونٌ يضجّ بكل أثقال أزمة متوحّشةٍ تشي بأن تجعل الشهر الكريم محكوماً للكثيرين بعنوانٍ مؤلم صيامٌ ولا إفطار.

في لبنان الكئيب «الفاقد البهجة»، الذي يصارع تضخماً مرعباً بالأسعار التي ارتفعت 11 مرة منذ 2019 والذي يتقلّب ثلاثة أرباع سكانه بين خطيْ الفقر أو الفقر المدقع، لم يعُد من رهجةٍ لمدفع رمضان بعدما بات هدير البؤس أعلى من أن «يُبَلْسِمَه» شهرٌ أطفأ عصفُ الانهيار فوانيسَه، وتحوّلت حكايا القهر «فوازيرَ» من وجعٍ… من أنين مرضى سرطان يستنجدون كل يوم ويتوسلون دواءً بعدما تُركوا فريسةَ «إبادة جماعية» في بلد تحوّل «مقبرة» لأبنائه «على عينك» يا سلطات «خبيثة»… أنين باحثين عن كيفية تأمين لقمة عيشٍ صارت مغمّسة بشقاءٍ وبالكاد توفّرها قلّة على موائد لن تكون عامرة بالولائم كما الأيام الخوالي، بل ستخلو من الكثير من أساسياتها لتكون بنكهةِ مُر الزمن البائس الذي زُج فيه الوطن المنكوب بعدما أصبح «ضيفاً دائماً» على «ولائم الخراب» في منطقةٍ لا تشبع من الدم والدمار.

وعشية حلول رمضان، لم يَعْلُ همٌّ على أخبار «القفزات» في أسعار الخبز واللحوم والخضار و«أخواتها» من مستلزمات إفطاراتٍ باتت أكلافها خيالية، وفاقَمها ارتفاع ثمن الزيوت والسكر والحبوب بفعل الحرب على أوكرانيا، ناهيك عن جشع تجار لا يتوانى بعضهم عن بيع كيلو التفاح بنحو 100 ألف ليرة، وسط تحذيرات لا تهدأ من إمكان حصول ارتفاعاتٍ إضافية حتى على سعر رغيف الفقراء.

هو رمضان الذي ستنافس فيه حكايا «صندوق الفرجة» وذكرياته، صفّارةَ انطلاق السباق إلى صناديق الاقتراع في 15 أيار، ما لم يطرأ ما يوقفه في الأمتار الأخيرة، وأيضاً المسارَ الحاسم من المباحثات مع صندوق النقد الدولي وصولاً لمسودة اتفاق يُراد أن يتم إنجازها بحلول منتصف الشهر ليُعرض بعدها على إدارة الصندوق لإبرامه بصورته النهائية.

وأمس طغت زيارة وفد صندوق النقد على المشهد الداخلي، حيث زارت بعثته برئاسة ارنستو راميريز ريغو كلاً من رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وذلك غداة لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون تحت سقف شروطٍ تتبلور تباعاً والتزامات وضمانات رئاسية بالتنفيذ و«استمراريته» بعد الاستحقاق النيابي يسعى الـ IMF للحصول عليها كشرط لكسر قاعدة عدم إبرام برامج مالية مع سلطات تعدّ لانتخاباتٍ.

وفي حين تتجه الأنظار إلى كيفية تلقُّف البرلمان مشروع قانون الكابيتول كونترول الذي أقرته الحكومة أول من أمس مع بعض التعديلات غير الجوهرية، وهل سيسقط مجدداً في حسابات الانتخابات النيابية و«ضروراتها الشعبوية» فيكون «الضربة القاضية» لأي إمكانية نهوض على متن اتفاق مع صندوق النقد، فإن أوساطاً سياسية طرحت علامات استفهام حول كيف سيُترجم اعتراض وزراء الثنائي الشيعي «حزب الله» وحركة «أمل» على المشروع نيابياً، «وهل ثمة مَن يدفع من الخلف لنسف جسور التفاهم مع صندوق النقد لرمي لبنان أكثر فأكثر في أحضان الاقتصاد المقاوم وعرّابته طهران».