IMLebanon

كيف يقنع “التيار” جمهوره بانتخاب “الثنائي”؟

كتبت راكيل عتيِّق في “الجمهورية”:

على رغم اعتراف رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل أنّ «تفاهمنا مع «حزب الله» فشل في بناء الدولة»، وعلى رغم اعتباره أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري «بلطجي»، وعلى رغم كلّ الاتهامات بالفساد المتبادلة بين «التيار» وحركة «أمل»، يخوض الثلاثي الانتخابات النيابية المقبلة معاً، إمّا ضمن لوائح واحدة في بعض الدوائر، وإمّا بطريقة أن تصبّ أصوات فريق لمصلحة الآخر في دوائر أخرى. إذ في 15 أيار المقبل سينتخب «العونيون» حركة «أمل» وسيصوّت الحركيون لـ«التيار». فماذا بعد الانتخابات؟

يحمل «التيار الوطني الحر» لواء مكافحة الفساد فيما أنّ البعض يتهمه بالفساد خصوصاً في ملف الكهرباء، وورد هذا الاتهام أكثر من مرّة على ألسنة قياديين في «أمل». من جهته، ينادي «حزب الله» بمكافحة الفساد فيما معارضوه إمّا يتهمونه مباشرةً بالفساد، أقلّه في ملف المعابر الحدودية، وإمّا «يعيّرونه» بأنّه متحالف مع «أرباب» الفساد. إنطلاقاً من ذلك، يسأل كثيرون، ومنهم من جمهور «التيار» و«أمل» و«الحزب»، ماذا بعد الانتخابات؟ هذا الثلاثي يتحالف انتخابياً للحفاظ على الغالبية النيابية، كما يركّز «حزب الله»، والغالبية النيابية تؤثر على تشكيل الحكومات وانتخاب رئيس للجمهورية،، وبالتالي ألن يشكّل هؤلاء الأفرقاء تحالفاً أكثرياً بعد الانتخابات، يأتي بحكومات ورؤساء جمهورية؟ وكيف سينعكس هذا التحالف على بقية الملفات؟ هل يُمكن أي منهم عدم «مسايرة» الآخر؟ ومن منهم سيكافح الفساد بعد الانتخابات؟ وهل سيواجهون بعضهم بعضاً؟

بالنسبة الى «حزب الله» يكتفي بالقول: «من يكون معنا عليه تحمُّل مسؤولية الإصلاح ومحاربة الفساد، وليُعتقل أي فاسد حتى لو كان من «الحزب». على ضفة «التيار»، سبق أن قال باسيل: «نقعد بلائحة انتخابية ليوم الانتخاب، وبعد ذلك كلّ واحد منا يقعد في كتلته أو حزبه او تياره ويعمل تحالفاته السياسية». هذا التبرير يعتبره معارضو الثلاثي أنّه غير مقنع، وأنّ هذا الثلاثي الذي يحكم الآن ومُمسك بزمام السلطة هو الذي أوصل البلد الى الانهيار، وبالتالي من دمّر البلد لا يمكنه إعادة بنائه. كذلك بعدما ظهرت التحالفات وظهرت اللوائح، ومن خلال مواقف «حزب الله»، أصبح واضحاً أنّ من أولوياته تثبيت وجود حلفائه وفي مقدّمهم «التيار»، ولذلك عمل على ضمان 3 مقاعد لحليفه المسيحي في دوائر: بيروت الثانية، بعلبك – الهرمل والبقاع الغربي. الى هذه الدوائر يخوض «الحزب» و«أمل» و«التيار» الانتخابات في لائحة واحدة في بعبدا، وفي كسروان – جبيل شكّل «التيار» و«الحزب» لائحة واحدة حيث سينتخب «الحركيون» مرشح «حزب الله» رائد برو، وبالتالي ينتخبون مرشحي «التيار» أيضاً، وهذا الأمر من المفترض أن يسري في دائرة زحلة أيضاً.

ويبرّر «التيار» هذا التحالف بأنّ «هناك تفاهما سياسيا بيننا وبين «حزب الله» منذ عام 2006، نترجمه الآن بالتحالف الانتخابي، على رغم كثير من المطبات في العلاقة بيننا، وهذا التحالف الانتخابي لا يعني ذوبان أي كيان بالآخر، وفي 16 أيار سيكون كلّ نائب ضمن تكتل أو كتلة ويُكمل نشاطه ضمن تياره أو حزبه».

في كسروان ـ جبيل، رفض باسيل في انتخابات 2018 ضمّ مرشح «حزب الله» الى لائحة «التيار»، لأنّ الناخبين في هذه الدائرة لا يتقبلون مرشحاً حزبياً لـ«الحزب». هذه الدورة اختلف الأمر، وترشّح برو مرشح «حزب الله» عن المقعد الشيعي في جبيل ضمن لائحة «التيار». وفيما يعتبر البعض أنّ هذا التبدل مردّه الى حاجة لائحة «التيار» الى أصوات الشيعة كرافعة، تشير الحسابات الى أنّ هذا التحالف يفيد «حزب الله» وليس «التيار» إذ إنّ مرشح «الحزب» لا يملك حاصلاً انتخابياً استناداً الى دورة 2018 بحيث حصدَ مرشح «حزب الله» غالبية الاصوات الشيعية الّا أنّه لم يتمكّن من تأمين الحاصل الانتخابي. وبالتالي، إنّ قبول باسيل بمرشح «الحزب» ضمن لائحته مردّه الى أولية «حزب الله» بالحفاظ على المقاعد الشيعية الـ27 كلّها. وتقول مصادر «التيار»: «إنّ برو ابن جبيل وعائلته من العائلات الأساسية في القضاء، وبالتالي حتى لو كان مرشح «حزب الله» الّا أنّه ليس مُسقطاً على المنطقة». وتشير الى أنّ «التحالف من باب المصلحة المشتركة والتفاهم القائم بيننا، وليس صحيحاً أنّ «حزب الله» سيؤمّن لنا حاصلاً انتخابياً، وبالأرقام كان يمكننا تشكيل لائحة من دون «حزب الله»، لكننا أردنا أن نترجم التفاهم القائم في لبنان في جبيل أيضاً». وفي حين يُحكى عن تراجع شعبية «التيار»، وبالتالي إذا لم تتمكّن اللائحة الّا تأمين حاصلين انتخابيين فهذا يعني أنّ مرشح «حزب الله» سيفوز على حساب أحد مرشحي «التيار»، تؤكد المصادر نفسها «أنّنا لا نُقارع على حاصلين، بل إنّ وضعنا متقدّم جداً، وكلّ المؤسسات الإحصائية تشير الى نَيلنا 3 حواصل على الأقلّ».

أمّا بالنسبة الى أنّ هذا الثلاثي هو «الفريق الحاكم»، فتعتبر مصادر «التيار أنّه «في لبنان لا يوجد أكثرية وأقلية، بل كلّ حزب لديه مشروعه وبرنامجه، وفي مجلس النواب تتشكّل الاكثريات تبعاً للملفات، فأحياناً نكون مع «حزب الله» أو ضده، كذلك مع «القوات اللبنانية» أو ضدها». وتشير الى أنّ «برنامجنا يختلف عن برنامج «حزب الله» لكن هذا لا يمنع التحالف انتخابياً، فالانتخابات تفرز أحجام الكتل، بعدها يُصار الى تفاهمات أو تصويت ضمن مجلس النواب طبقاً لكلّ ملف». وعن امتعاض بعض مؤيدي «التيار» الذين لا يريدون انتخاب «الحزب» أو «أمل»، تقول: «هذا التساؤل ليس محصوراً بجمهور «التيار»، في كلّ انتخابات يكون أمام كلّ ناخب هذا التساؤل، وبالنتيجة هذا تفاهم انتخابي فيما أنّ الصوت التفضيلي يمثّل الاقتناع الشخصي للناخب». أمّا بالنسبة الى محاربة الفساد بعد اتهام «أمل» بذلك في أكثر من مناسبة، فتعتبر المصادر نفسها أنّ «هناك تدقيقاً جنائياً يُعطي أسماء لأشباح الفساد، لمعرفة من هو فاسد فعلاً ومن هو بريء».

على ضفة «أمل»، تؤكد مصادرها «أنّنا لا نحكم بمفردنا، ونحن فريق لم نختلف مرةً مع الرئيس سعد الحريري أو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد حنبلاط». أمّا بالنسبة الى التحالفات الانتخابية، فتقول: «نحن نتحالف في كلّ الدوائر مع «حزب الله»، و«الحزب» يتحالف مع «التيار»، وهذا طبيعي، ولا مانع من التعاون الانتخابي». أمّا عن مرحلة ما بعد الانتخابات فـ«يُبنى على الشيء مقتضاه، ولا يُمكن معرفة ذلك قبل أن تظهر نتائج الانتخابات، كذلك إنّ المرحلة المقبلة ستتأثر بالتغيرات الإقليمية والدولية، من الحرب الروسية ـ الاوكرانية الى الاتفاق النووي الإيراني وصولاً الى حرب اليمن، فنحن لسنا وحدنا في المحيط».