IMLebanon

لبنان على محكّ ملاقاة “اليد الخليجية” الممدودة

كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي الكويتية”:

انطلقتْ في بيروت مرحلةٌ هي أقرب إلى «تمرينٍ» سياسي – ديبلوماسي على كيفيةِ الوفاءِ بالتزاماتٍ شائكةٍ تَعَهَّدَتْ بها حكومةُ الرئيس نجيب ميقاتي لدولِ الخليج، التي أبدتْ بموجبها مرونةً تجاه لبنان تَجَلَّتْ في قرارِ عودةِ سفرائها كبدايةِ مسارٍ مرهونة «تتمّاتُه» الانفراجية بخطواتٍ «قيد المعاينة»، وأيضاً لصندوق النقد الدولي الذي «رَبَطَ» السلطات الحالية وما بعد الانتخابات النيابية بدفتر شروط مالي صارم يُشكّل «جوازَ عبورٍ» من الانهيارِ إلى… منطقةِ الأمان.

وبعد يومين من عودة السفيرين الكويتي عبدالعال القناعي والسعودي وليد بخاري لبيروت، ترصد الأوساط السياسية الحِراك الذي سيعقب هذه الخطوة التي مهّدتْ لها المبادرة الكويتية التي أدارتْ ما يشبه الديبلوماسية «المتعددة الذراع» التي تَشابَكَتْ فيها جهود عربية – خليجية – دولية (فرنسية – أميركية) أفضتْ إلى إطفاء «فتيل» الأزمة بين لبنان ودول الخليج على قاعدة مزدوجة:

أوّلها «اختبارِ النيات» التي عبّر عنها ميقاتي في «بيان الالتزامات» بـ «اتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي ووقف كلّ الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمسّ المملكة ودول مجلس التعاون».
وثانيها عدم السماح بترْك لبنان يقع، من البوابة المالية، فريسة الفوضى الشاملة التي من شأنها تهديد استحقاقاتٍ دستورية مثل الانتخابات النيابية ثم الرئاسية، وتالياً فتْح الواقع السياسي على رياح عاتية يُخشى أن تطيح بما تبقى من أسس «جمهورية الطائف».

ومن هنا جاء التفاهم الفرنسي – السعودي على «الممر الإنساني» عبر مساعداتٍ للشعب اللبناني لن تمرّ عبر المؤسسات الرسمية.
وكان أول تواصل مباشر بين السعودية وميقاتي تمّ أول من أمس، باتصال أجراه السفير بخاري برئيس الحكومة هنأه فيه بحلول شهر رمضان المبارك، ووجه إليه الدعوة إلى حفل إفطار يقيمه في دار السفارة، مثمناً جهود ميقاتي «في سبيل حماية لبنان في هذا الظرف الصعب وإعادة العلاقات اللبنانية – السعودية إلى طبيعتها».

وكان الاتصال مناسبة «لتأكيد عمق علاقات لبنان العربية وتقدير الرئيس ميقاتي للخطوة الخليجية والسعودية بشكل خاص بعودة السفراء الى لبنان كمقدمة لاستعادة هذه العلاقات عافيتها كاملة». كما تم «الاتفاق على استكمال العمل الاخوي الإيجابي لأجل لبنان وعروبته».

وفي غمرة هذه المناخات، رأت الأوساط السياسية أن العودة الديبلوماسية الخليجية جاء «مفعولها سريعاً» في تعبيرها عن أبعادها المتصلة بمحاولة إعادة التوازن إلى الوضع اللبناني في شقه الإقليمي – الدولي عند تقاطُع الانتخابات النيابية، وإن كان هذا الاستحقاق ليس إلّا جزئياً في خلفيات إغماض «العين الحمراء» الخليجية والذي ارتكز على تراجُعاتٍ في الموقف الرسمي اللبناني وتحديداً من ميقاتي اعتُبرت «تستحقّ» ملاقاتها «بما يوازيها» على أن يكون أيّ تطوير لتطبيع العلاقات مرتبطاً بترجمات عملية، من دون إغفال أن ملامح الاحتضان الخارجي اللصيق لـ «بلاد الأرز» والذي تدخل في صلبه أيضاً زيارة البابا فرنسيس لبيروت في يونيو المقبل يصعب فصْلها عما تشهده «رقعة الشطرنج» الإقليمية من متغيراتٍ تحتّم عدم ترْك فراغاتٍ يمكن أن تشكّل خطراً على ما بقي من لبنان… الذي كان.

من هذا المنظار، اعتبرت الأوساط أن رعاية الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله «لقاء الهدنة» بين القيادييْن المسيحيين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وزعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية، على مائدة إفطار، جاء ليعكس سريعاً استشعار «حزب الله» وحلفائه بوجوب «رصّ الجبهة» وإعلاء أولوية «مصلحة الخطّ» على «الحروب الصغيرة»، الانتخابية أو الرئاسية، بين «أبناء الصف الواحد»، وسط ملاحِظةً أن فرنجية نفسه وضع اللقاء الذي كان فيه «حديث عن فتح صفحة جديدة وإمكان استتباع اللقاء بجلسات تنسيقية»، في إطار «توحيد الجهود في مرحلة دقيقة وحساسة دولياً وإقليمياً وداخلياً».