IMLebanon

47 عاماً على الحرب اللبنانية: ذكرى بتواريخ كثيرة

كتبت جويل رياشي في صحيفة الأنباء:

13 أبريل 1975 صودف يوم أحد، وفي ذلك اليوم وقعت «حادثة البوسطة» الشهيرة في ضاحية عين الرمانة (متفرعة من بلدة الشياح في ساحل المتن الجنوبي، قضاء بعبدا). كانت الشرارة التي أطلقت الحرب الأهلية اللبنانية التي انتهت في يوم سبت بتاريخ 13 من شهر أكتوبر 1990، على وقع هدير طائرات السوخوي السورية فوق سماء القضاء عينه بعبدا، ومع صوت العماد ميشال عون عبر الراديو في تسجيل من مقر السفارة الفرنسية بالحازمية، يطلب فيه «من الأركان في قيادة الجيش، تلقي الأوامر من العماد إميل لحود».

في كل سنة يتذكر اللبنانيون حربهم الأهلية، أو «حرب الآخرين» على أرضهم كما يحلو للبعض تسميتها. ويرفقون الذكرى بشعار «تنذكر ولا تنعاد»، فيما يتذكر قسم منهم البوسطة المتوسطة الحجم التي آلت ملكيتها الى سامي حمدان، ويسرد البعض حكايا عن حرب حصدت أكثر من 200 الف قتيل وتركت مصير اكثر من 17 الف مفقود مجهولا.

ولكن الاستعادة الأخيرة لمشاهد الحرب كانت على مستديرة الطيونة «خط التماس» الذي لم يسقط من النفوس، بسقوط ضحايا من «الجانب الآخر»، من «الشطر الغربي للعاصمة» في 14 أكتوبر 2021.

الأمكنة تصدح بذكريات الحرب على طول ذلك الخط، ويكرس معالمها في شكل أريد منه التصالح مع الذات «بيت بيروت»، اي مبنى بركات في محلة السوديكو بالأشرفية، على مقربة من تقاطع بشارة الخوري في منطقة رأس النبع.

أبنية اخرى لم تنفض عنها آثار الحرب كفندقي «هوليداي إن» في القنطاري، والسان جورج في عين المريسة. ولكن اضافة الى الحجر، يبدو ان آثار الحرب الأهلية بقيت في نفوس من عاشها، وصولا احيانا الى الجيل الذي لم يكن قد وولد مع الطلقة الأولى في ذلك الاحد من 13 أبريل.

كثيرون يختارون أماكن سكنهم في مناطق يصفونها بالنائية والمحمية، مستذكرين خطوط التماس التي شطرت العاصمة الى قسمين، فضلا عن معابر فصلت بين المناطق اللبنانية على مساحات الوطن الصغير.

مناطق نائية او «العمق الآمن»، مفردات يرددها كثيرون وخصوصا من لبنانيي الانتشار الذين يشاؤون الابتعاد عن خطوط التماس. اما من أقدم منهم غير هياب على شراء شقق في قلب العاصمة، فقد احتاط (ربما) واشترى شققا ومنازل في «المناطق النائية».

يحضر الثالث عشر من أبريل في يوم، لكنه يطل في أيام عدة من السنة على وقع الأزمات التي تضرب البلاد. وبعض المشاهد تستعيد صورا عدة من الحروب الداخلية كالفترة التي قطعت فيها الطرقات في المناطق المسيحية بعد احتجاجات 17 أكتوبر 2019، وتذكر كثيرون حقبة 31 يناير 1990 و13 أكتوبر من عامذاك.

قلب بيروت الذي يطلق عليه حاليا اسم «الوسط التجاري» لا يخفق. هو حزين في غياب حركة الأسواق التي صممت في شكل لا يشبه العاصمة قبل الحرب.

وقد أضيف الى ذكريات العاصمة ولبنان غير السعيدة، مبنى اهراءات القمح الذي نال نصيبه من انفجار المرفأ في 4 أغسطس 2020. مبنى تحول مادة جدل بين مطالبين بهدمه، وآخرين يريدون الحفاظ عليه كما حال «مبنى بركات».

في كل ما تقدم، تصمد المدينة وتلملم ذكرياتها غير السعيدة، تحت شعار النهوض مجددا.

تمر الذكرى الـ 47 لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، على أمل استمرار العداد، دون البدء من جديد في ظل الصفيح الساخن الذي تعيش فوقه البلاد والمنطقة.