IMLebanon

لا ديمقراطية في ظل السلاح (بقلم رولا حداد)

ما جرى في الصرفند خلال محاولة إعلان لائحة “معاً للتغيير” لم يكن مفاجئاً لأحد. فالاعتداءات المسلحة وبالضرب على المشاركين في الاحتفال من قبل مجموعات ميليشيوية هي ممارسة يومية في مناطق نفوذ الثنائي الشيعي بوجه كل من يخرج عن بيت الطاعة.

في الشكل، ورغم نفي حركة “أمل” علاقتها بما جرى، إلا أن تفاصيل الحادثة تذكّر بكل “اعتداءات الأهالي” ضد قوات اليونيفيل في حوادث متكررة من الجنوب إلى قلب الضاحية ايام التحقيقات الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وبطبيعة الحال كل من شاهد فيديوهات الاعتداءات وكيفية تعاطي الجيش اللبناني مع المعتدين أدرك أنهم محميون وينتمون بطبيعة الحال إلى الثنائي الحاكم والمتحكم بكل تلك المنطقة، فالجيش اللبناني لم يعتقل من حمل مسدساً حربياً وأطلق النار ولا من قاموا بالاعتداء بالضرب المبرح على مواطنين عزّل ولا من قاموا بإلقاء الحجارة على المشاركين بالاحتفال، ولم يعمل على فك الطوق الذي فرضه الميليشيويون حول مكان الاحتفال محاصرين من بداخله، في حين أن كل ذلك هو من أبسط واجبات الجيش اللبناني التي ينفذها بحزم في مناطق معينة ويتقاعس بالكامل في مناطق أخرى كالصرفند!

أما في المضمون فما جرى ويجري بشكل شبه يومي في الجنوب حيث سقط قبل 14 شهراً الشهيد لقمان سليم برصاص كاتم الصوت من دون أن يتم اعتقال احد في الجريمة، إنما يعكس نمط العيش الذي يسعى إليه “حزب الله” الحاكم بأمره جنوباً، والنظام الذي يطمح لإحلاله مكان النظام البرلماني الديمقراطي الذي كنا نتغنّى به في لبنان. إنه نظام مستنسخ عن نظام الملالي في إيران حيث لا صوت يعلو فوق صوت المرشد الأعلى والحرس الثوري، وكل من يحاول أن يعلي صوته يلقى المصير المعروف.

ما جرى في الصرفند إنما دفن الانتخابات النيابية ونتائجها من اليوم، كما أجهز على كل جوهر الديمقراطية. فلا معنى لأي انتخابات في كل مناطق نفوذ الثنائي الشيعي في ظل تفلّت السلاح تحت البدعة المهزلة المسمّاة “مقاومة”. كيف يتحدثون عن انتخابات في الجنوب بعد فعل الترويع الذي حصل؟ كيف يمكن لأي ناخب أن يمارس حقه الديمقراطي بالاقتراع إذا كان فعل الترشح وإعلان لائحة منافسة للائحة الثنائي بمثابة جريمة عقابها إفلات الرعاع ضد المرشحين ومناصريهم؟

أما من يبرّرون ما حصل بأن الحل في مواجهته هي “الميغاسنترز” إنما هم يدفنون رؤوسهم في الرمال. فهل تنفع “الميغاسنترز” في السماح للمرشحين واللوائح بأن يقوموا بجولاتهم الانتخابية في قرى الجنوب ولقاء الناخبين وعرض برامجهم؟ وهل تنفع “الميغاسنترز” في تأمين حرية المقترعين في قراهم في التصويت لمن يشاؤون أم تراهم يحتاجون إلى النزوح بشكل معاكس نحو المدن بحثاً عن “الميغاسنترز” للاقتراع بحسب ما يرغبون به؟ وهل “الميغاسنترز” هي الحل لعجز الدولة عن بسط سلطتها وهيبتها على كل الأراضي اللبنانية وتأمين حرية الممارسة الديمقراطية؟

كل ما سبق يؤكد أن لا ديمقراطية في ظل السلاح وأن الثنائي الشيعي يصادر ببلطجة السلاح 27 مقعداً شيعياً إضافة إلى عدد كبير من المقاعد الأخرى المسيحية والسنية والدرزية الواقعة ضمن مناطق نفوذهما، وبالتالي تصبح هذه الانتخابات مشكوكاً بأمرها وبنزاهتها ولا قيمة ديمقراطية ودستورية لها. ويبقى على المجتمع الدولي وكل هيئات وبعثات مراقبة الانتخابات أن تعلن حقيقة ما يجري وأن لبنان واقع تحت احتلال السلاح والميليشيات الإيرانية، وأن لا حل ولا قيمة لأي انتخابات قبل تطبيق القرارات الدولية وفي طليعتها القرار 1559… فهل من يجرؤ على تصويب بوصلة المعركة؟!