IMLebanon

ماراثون عودة الكهرباء يستلزم 4 سنوات

جاء في “الراي” الكويتية:

تحظى معضلة قطاع الكهرباء بحيز استثنائي على لوائح المقاربات المحلية والدولية الهادفة الى اقتراح أفضل المعالجات لخروج لبنان من هاوية الانهيار. ذلك ان ما استنزفه هذا القطاع من تمويل بالاستدانة من البنك المركزي عبر تغطية الجزء الأكبر من عجوزات الموازنة في العقد الأخير، قارب 20 مليار دولار كمبالغ صافية، تضاف إليها أكلاف فوائد بمعدلات بين 6 و7 في المئة سنوياً طبقاً لمتوسط المردود المطبَّق على سندات الدين الدولية.

ومن اللافت أن غالبية الخطط الخاصة بالقطاع والتي تتبناها الحكومات المتعاقبة في لبنان، تتغافل عمداً عن وجوب إنشاء الهيئة الناظمة والمسماة في القانون رقم 462 الصادر عام 2002 «هيئة تنظيم قطاع الكهرباء» التي تتولى تنظيم ورقابة شؤون الكهرباء وتتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال الفني والإداري والمالي. ذلك أن وزراء الطاقة المتعاقبين، والذين ينتمون بغالبيتهم الى فريق سياسي واحد، يمتنعون عن اقتراح التعيين المنوط بهم، بذريعة نزع صلاحيات الوزير لقاء تحميله المسؤولية، ما يفرض أولوية تعديل القانون.

لكن، ما هو مثير أكثر وفق قراءة مسؤول اقتصادي مُواكِب، يكمن في المقاربة المواربة التي استخلصها الفريق الاقتصادي الحكومي من ضمن حزمة الإصلاحات الاساسية التي ستلتزمها الحكومة اللبنانية في مندرجات اتفاقية التمويل الموعودة مع إدارة صندوق النقد الدولي، حيث ابتكر اقتراح «القيام بمراجعة شاملة للقانون رقم 462 وتأسيس هيئة تنظيمية للطاقة وتشغيلها بشكل كامل بحلول نهاية العام الجاري».

وتقرّ الحكومة في مذكرة السياسات المالية والاقتصادية التي ستشكل بنودها بعد موافقة مجلس الوزراء، التزامات الدولة الإصلاحية في القطاع العام ومؤسساته، أن أوجه القصور التي طال أمدها في قطاع الكهرباء كانت العائق الرئيسي امام النمو وأثقلت كاهل المالية العامة، بحيث بلغ متوسط الدعم الذي يستهلكه سنوياً نحو 3 في المئة من الناتج المحلي خلال العقد الأخير، ومبيّنة أن القطاع يعاني لعقود طويلة من سوء الادارة، ومن الاعتماد على الفيول الباهظ التكلفة لتوليد الكهرباء، ومن تعرفة هي أدنى بكثير من التكلفة، وخسائر عالية في الشبكة والتحصيل.

وفي عرض المعطيات، فإنه وفي ظل الظروف الحالية، يمكن للمؤسسة توفير الكهرباء لمدة 3 الى 4 ساعات يومياً فقط، الأمر الذي يدفع المستهلكين الى الاعتماد على مولدات خاصة (في الأحياء) باهظة التكلفة، في حين أقر مجلس الوزراء خطة شاملة تهدف الى وضع قطاع الكهرباء على مسار مستدام، مع ضمان خدمات كهرباء يُعتمد عليها. كما اعتمد البنك الدولي هذه الخطة التي تحتاج الى طلب قرض آخَر.

وتقوم الخطة على أربع ركائز محورية تحتاج الى معالجة فورية وبشكل متزامن. وهي تتضمن زيادة وتنويع مصادر الطاقة، على ان يكون الهدف الفوري زيادة الامداد الى 8 – 9 ساعات يومياً اعتماداً على الكهرباء الاقليمية واستجرار الكهرباء والغاز من الأردن ومصر، وذلك من خلال ابرام اتفاقية مع عمان لاستيراد متوسط فائض 200 ميغاواط، اي ما يعادل ساعتين يومياً من الإمداد الاضافي بالكهرباء، وتوقيع اتفاقية مع القاهرة لتوريد الغاز الطبيعي لمدة 10 سنوات عبر خط الغاز العربي، وهذا بدوره سيسمح بتوليد إضافي يبلغ نحو 400 ميغاواط، أي بزيادة الإمداد بالتيار نحو أربع ساعات يومياً.

وعلى المدى المتوسط، تكشف الورقة الحكومية أن مؤسسة الكهرباء ستقوم بإمداد الطاقة لمدة 16 إلى 18 ساعة يومياً، من خلال البنية التحتية الحالية والموقتة عن طريق توليد الطاقة بالغاز الأكثر كفاءة ومصادر الطاقة المتجددة، ومن خلال تشغيل محطتين جديتين لتوليد الطاقة بمشاركة القطاع الخاصة، وخطة محتملة لمحطة ثالثة يمكن النظر فيها لاحقاً. ولتحقيق هذا الغرض، سيتم إطلاق مناقصة للمحطتين على أمل الحصول على استجابة جيدة من شركات دولية مرموقة وبشروط تمويل مؤاتية محتملة. مع التنويه باستهداف زيادة إمداد الكهرباء ليصل من 20 الى 24 ساعة بحلول 2025.

وبهدف معالجة الخسائر المالية الكبيرة للمؤسسة، تعتزم الحكومة اعتماد تعرفة تحقق سعر استرداد التكاليف بحلول 2025، متعهدة بأن تكون الخطوة الأولى زيادة متوسط التعرفة الأساسية ليصبح 12 سنتاً أميركياً للكيلواط، في موعد لا يتجاوز شهرين من بدء استيراد الغاز من مصر، او استيراد الكهرباء من الأردن. ثم ترتفع الى 18 سنتاً بمجرد زيادة إمدادات الكهرباء. مع التنويه بعدم تطبيق التعرفة الجديدة على المستهلكين الذين يستهلكون أقلّ من 300 كليوواط شهرياً.

وفي سياق علاجي أساسي، تتطرق مذكرة السياسات الى ضرورات تقليل خسائر النقل والتوزيع، بعدما بلغت الخسائر الفنية وغير الفنية نحو 40 في المئة من الكهرباء المولَّدة في العام الماضي. وتقدّر الحكومة إمكان تقليل هذه الخسائر إلى 20 في المئة بحلول عام 2026 من خلال خطة شاملة تتضمن إعادة إنشاء مركز الرقابة الوطني في المؤسسة، وعودة حملات التخلص من التوصيلات غير القانونية، وتحسين دورة الفوْترة والتحصيل، وتطبيق نظام البنية التحتية للقياس المتقدّم، والاستثمار في شبكة التوزيع.

العتمة الكاملة… مجدداً

وفي انتظار الحلولِ «الماراتونية»، يَمْضي لبنان من جولة عتمةٍ كاملةٍ إلى أخرى بفعل «إبرٍ تخديرية» غالباً ما لا تتوافر استمراريةٌ لمفاعيلها ولو التي لا تتجاوز «بصيص ضوء».

وفي هذا الإطار جاء إعلان مؤسسة كهرباء لبنان «نفاد مادة الغاز أويل من معملي دير عمار والزهراني».

وبحسب بيان المؤسسة فإنه «لَما كانت الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها حالياً من معامل الإنتاج لدى»كهرباء لبنان«، تعتمد راهناً فقط على كميات المحروقات التي يتم توريدها لصالحها بواسطة جانب وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط، وذلك بموجب إتفاقية التبادل المبرمة بين كل من جانب الجمهورية العراقية والجمهورية اللبنانية، بحيث أن الشحنة التي يتم توريدها شهرياً من مادة الغاز أويل لا تتعدى حمولتها //40،000// ± 10 طن متري تقريبا كحد أقصى، وحيث أن خزين مادة الغاز أويل، قد وصل إلى حدوده الدنيا في كل من معملي دير عمار والزهراني، وهما المعملان الوحيدان اللذان لا يزالا في الخدمة، الأمر الذي وضع معمل دير عمار خارج الخدمة قسريا يوم الثلثاء عند الساعة الواحدة ظهرا، وسيضع قسرياً أيضا معمل الزهراني خارج الخدمة خلال اليومين المقبلين، على أن يعاد وضعهما في الخدمة مجدداً، بعد وصول شحنة الغاز أويل العائدة لشهر نيسان 2022، والمرتقب أن تصل مساء غد الخميس عند الساعة 23:30، وتأكد شركات الرقابة المكلفة من المديرية العامة للنفط، من مطابقة مواصفاتها، ليصار من ثم إلى تفريغ حمولتها في كل من خزانات مصبات المعملين المعنيين».

وأوضحت كهرباء لبنان «ان كميات المحروقات التي ستتوافر لديها، ولا سيما بعد تفريغ حمولة الشحنة ذات الصلة، مع كافة الإجراءات الإحترازية الممكن أن تتخذها من جهة، وفي ظل السياسة الإنتاجية المعتمدة، والتي لا تتعدى //450// ميغاواط من جهة أخرى، وهذا هو الحد الأدنى الممكن إعتماده في هذه الفترة، للحفاظ على حد أدنى من الثبات والإستقرار في التغذية بالتيار الكهربائي، فتلك الكميات الواردة على متن الناقلة»ELANDRA OAK«، والبالغة نحو //40،900// طن متري فقط، لن تكفي سوى للإستمرار في توليد طاقة كهربائية بنفس الوتيرة المتبعة (أي 450 ميغاواط) لغاية تاريخ 18/05/2022 كحد أقصى».