IMLebanon

المؤتمر التأسيسي لم يطرح دوليًا: بروباغندا!

جاء في “المركزية”:

كأن الكلام عن صيغة جديدة للبنان، والتحضير لعقد مؤتمر تأسيسي -دولي خاص بلبنان برعاية القوى الدولية تكون فرنسا صاحبة المبادرة إليه والحاضنة الرئيسية له بمشاركة السعوديين والإيرانيين، بات من الثوابت التي يطلقها محللون سياسيون وإعلاميون وصولا إلى النخب. حتى أن البعض ذهب الى تحديد موعد انعقاد هذا المؤتمر قبل نهاية السنة.

الخطير في هذا الكلام أن المحللين و”مطرزي” هذا السيناريو ذهبوا إلى تمرير خطة مفادها أن فرنسا قررت تسليم لبنان إلى إيران وحزب الله وأن المؤتمر المقررعقده هو لتكريس هذا العقد. وفي هذا السياق تكشف مصادر ديبلوماسية ل”المركزية” أن لقاء عُقد بطلب فرنسي بين مسؤولين فرنسيين ومجموعة من الإعلاميين اللبنانيين لوقف التسريبات ودحض الكلام عن عقد مؤتمر تأسيسي بمباركة فرنسية لأن الخطة المقررة هي عقد حوار وليس مؤتمر تأسيسي. فاقتضى التصويب!.

خيوط “تطريز” سيناريو تسليم لبنان إلى حزب الله  وصلت إلى الفاتيكان بحيث ربط بعض المحللين زيارة البابا فرنسيس إلى لبنان بهذه الحبكة لأهداف لا تخرج عن طور غسل دماغ الرأي العام. وما التسريبة التي حاولوا إقناع الرأي العام بها حول لقاء جرى بين وفد من حزب الله وامين سر الكرسي الرسولي للعلاقات بين الدول في الفاتيكان المونسنيور بول ريتشارد غالاغيرفي السفارة البابوية خلال زيارته لبنان إلا مقدمة لهذا العرض. وفي هذا السياق، تلفت مصادر مطلعة على أجواء زيارة الرئيس ميشال عون إلى الفاتيكان ولقائه البابا فرنسيس ل”المركزية” أن البابا كان واضحا في موقفه من حزب الله عندما قال “أن الخطر الكبير ليس في سلاحه إنما في الإيديولوجيا”،  وكذلك في كلامه عن الهوية وسؤاله المباشر للرئيس عون “أين قتلة لقمان سليم وضحايا مرفأ بيروت؟”. وتستغرب المصادر الكلام اليوم عن اعتبار زيارة البابا تعويما للرئيس عون “علما أن الزيارة الرسمية التي قام بها خرجت عن أصول البروتوكول الديبلوماسي، إذ كان يفترض أن يرافق عون السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتيري كما الحال في كل زيارات رؤساء الجمهورية واللقاءات التي تتم مع رئيس دولة أخرى. وهذا يؤكد على موقف الفاتيكان من حزب الله وحلفائه”.

المدير التنفيذي لـ”ملتقى التأثير المدني” زياد الصائغ يستغرب بدوره الكلام عن عقد مؤتمر تأسيسي ويقول عبر “المركزية” “ملفت جدا أن تتولى غرفة سوداء إنتاج بروباغندا من نسيج أحلامها الخاصة واعتبار أنها أنهت الهوية اللبنانية والصيغة الحضارية اللبنانية وتوجت إنقلابا كاملا على الدستور اللبناني واتفاق الطائف والهوية اللبنانية. وملفت أيضا أن تتولى هذه الغرفة إنطلاقا من هذه البروباغندا تعميم اليأس لدى الشعب اللبناني من إمكانية التغيير من خلال صناديق الإقتراع، وأن تعتبر نفسها أنها تتظلل ببركة دولية لتأمين بركة الإنقلاب على المؤسسات الدستورية والشرعية والسيادة اللبنانية وتغييرها. والمستغرب أيضا أن ترتبط مجموعة من النخب اللبنانية من قادة رأي وإعلاميين ومفكرين واكاديميين بهذه الغرفة السوداء. هناك تناقض كامل مع الضمير الوطني ومع موجب الدفاع عن القضية اللبنانية والهوية اللبنانية. هذا في الثوابت”.

ويستطرد الصائغ ليؤكد بأن “مصدر البروباغندا معروف وكذلك الأهداف، وهي سوف تستشرس وتتصاعد في المرحلة المقبلة في وقت بات واضحا أمام المجتمع الدولي والعالم العربي المسببات الرئيسية للأزمة اللبنانية والتي باتت ترتبط بتهديد الهوية اللبنانية الحضارية، وليس كما يحاول البعض تصويرها بأزمة إجتماعية وإقتصادية ومالية”. ويضيف “بهذا المعنى كل الكلام الذي يثار عن عقد مؤتمر تأسيسي هو استعادة لمراحل سابقة تتجدد بطموحات فوائض القوة لتأكيد الإنقلاب على الصيغة اللبنانية التي كرسها اتفاق الطائف بكلام عن ضرورة الإنتقال إلى دولة المواطنة كما ورد في المادة 95 من الدستور وتطبيق اللامركزية الموسعة وإنجاز قانون إنتخابي عصري ينشئ مجلسا نيابيا خارج القيد الطائفي بعد إعادة النظر بالدوائر الإنتخابية وحتما ليس كما يطرح البعض لبنان دائرة واحدة مع نسبية ،فهذا مناقض للطائف. وعليه فإن كل الكلام عن فرض صيغة جديدة هو مجرد أوهام يطرحها البعض ويحاول تسويقها وإيهام الشعب أن هناك بركة عربية دولية على حساب نضالات اللبناني منذ ثورة 17 تشرين الثاني”.

يجزم الصائغ أن موضوع عقد مؤتمر تأسيسي لم يطرح على أي مستوى دولي ولا على مستوى عربي ويشير إلى أن “هذه المسالة تتعلق بخيارات اللبنانيين أنفسهم. وفي الأساس علينا أن نستعيد الدولة ومنطق الدولة قبل الكلام عن أي حوار في صيغة النظام.فالمشكلة ليست في النظام اللبناني والدستور بل بالإنقلاب عليهما وعلى المؤسسات وتجويف العقد الإجتماعي واستباحة السيادة وضرب علاقة لبنان بالشرعيتين العربية والدولية”.

ويختم الصائغ “إستسهال فبركة السيناريوهات سمة من الشطارة التي يحترفها البعض في لبنان ويسعى إلى تسويقها. هناك من يطمح بأن يستثمر منطق ما فوق الدولة في فرض دولة ونظام على قياسه إنطلاقا من إيديولوجيا تُناقض الإختبار التاريخي اللبناني.وللأسف يبدو ان هذا المسار لم يأخذ العِبَر حتى الساعة من التجربة اللبنانية التي تقوم على مرتكزات حضارية واضحة المعالم لا يمكن أن يسقطها إحتلال ولا وصاية ولا إيديولوجيا غير لبنانية ولا منطق قوة.ومن المفيد هنا أن يقرأ المراهنون على تغيير الصيغة اللبنانية التحولات الجيوسياسية الدولية من أوكرانيا إلى لبنان والتي باتت تعيد الإعتبار بحق الشعوب في تقرير مصيرها وهوياتها الوطنية”.