IMLebanon

عدم الإعتراف بالعمر

كتب أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:

كلما تقدّم الإنسان بالعمر، كلما صعب عليه الإعتراف بعمره الحقيقي. فبالرغم من انّ بعض الأشخاص لا يأبهون بالتقدّم بالعمر، معتبرين أنّ العمر الحقيقي للإنسان هو نشاطه وديناميكيته في الحياة. ولكن بعض الأشخاص يهلعون بسبب التغيّرات الجسدية أو الفيزيولوجية التي تدلّ جميعها إلى التقدّم بالعمر، وبالتالي يصعب عليهم ذكر عمرهم. وبعد الهلع، هناك الهرع إلى أطباء بشكل عام وأطباء التجميل بشكل خاص، لاسترجاع شكلهم الخارجي. وطبعاً، ليس عيباً الاهتمام بالصحة وبالشكل، ولكن يصبح الوضع مقلقاً عندما يصبح التقدّم بالعمر هاجساً يمنع الشخص من العيش كل يوم بيومه بسبب قلق الموت. فلِمَ بعض الأشخاص لا يحبون ذكر عمرهم؟ وهل «فوبيا العمر» له علاقة بقلق الموت؟

من أكثر الأسئلة التي يمكن أن تصيب بعض النساء أو الرجال هي: «مواليد أي سنة؟» أو «كم عمر طفلك البكر؟» أو «ما هو عمرك؟». فكلما تقدّم الإنسان بالعمر كلما أصبحت هذه الأسئلة و»أخواتها» مقلقة أو حتى مخيفة لدى بعض الأشخاص الذين لم يفكروا أنّهم يوماً ما سيشيخون. لذا، التفسير لهؤلاء الأشخاص عن سبب التغيّرات الجسدية التي ترافق التقدّم بالعمر هو أساسي لكي يستوعبوا فكرة «الشيخوخة»، وبالتالي يصبحون أكثر إسترخاءً تجاه البوح بأعمارهم.

لماذا الخوف من العمر؟

بشكل بسيط، كل إنسان يخاف من التقدّم بالعمر بسبب الخوف من الموت، وهذا ما نسمّيه «قلق الموت» الموجود عند كل إنسان. هناك أسباب كثيرة وعوامل تساعد في إظهار قلق الموت، ويمكن تقسيمها إلى أقسام عدة وهي: العوامل النفسية والإجتماعية. فالأشخاص الذين عايشوا بطريقة أو بأخرى الموت أو الإنفصال يمكن أن تظهر عليهم سمات «قلق الموت». كما انّ الشخص الذي عايش «شيخوخة» أحد ما من عائلته أو حتى موت قريب، يصعب عليه التقدّم بالسن. ولكن طبعاً لا يمكننا تعميم ذلك.

كما هناك سبب آخر نفسي-إجتماعي يلعب دوراً نسبياً لظهور قلق الموت، وهو عدم الإستقرار العلائقي في كنف البيت أو قبل الزواج. وطبعاً الحماية المفرطة من الاهل لأطفالهم، تجعل منهم اشخاصاً مفرطين أيضاً في اهتماماتهم ويخافون كثيراً من الإنفصال عن أطفالهم.

ما هي تفسيرات التقدّم بالعمر؟

لمساعدة الأشخاص لتقبّل عمرهم، هناك بعض التفسيرات البيولوجية أو المعلومات التي تساعد في فهم عملية ظهور الشيخوخة:
– خلايا الجسم التي تتعب وترهق بعد مرور السنين، تساعد في ظهور أول علامات الشيخوخة. فالخلايا هي في تغيّر مستمر. وكلما تقدّم الإنسان بالعمر، كلما تبطئ عملية الإستبدال.
– عندما تنقص الأنظميات المولّدة للون الشعر «تيروسيناز» Tyrosinase ، وعندما ينخفض عدد خلايا الميلانين Mylanocytes، في منبت الشعرات، يتغيّر تدريجياً لون الشعر، ويتحوّل إلى الأبيض. كما بعض الشعراث تنمو في فروة الشعر من دون الميلانين، ويكون لونها أصلاً أبيض. وهناك الشيب المبكر الذي يظهر بعمر الشباب وسببه فرط عمل الغدة الدرقية Hyperthyroidism أو فقر الدم، أو حتى اسباب نفسية، منها القلق المزمن أو الكآبة.

البوح بالعمر وترهّل الجسم

الأعمار التي يبدأ فيها ظهور ترهل الأجسام، تختلف بين إنسان وآخر… حسب عرقه أوالإتنية التي ينتمي إليها. فبشكل عام، يبدأ الجسم بالتغيير عند الاشخاص ذات البشرة البيضاء ما بعد الأربعين سنة. أما أصحاب البشرة الداكنة، فما بعد الخمس والأربعين. أما بالنسبة للإتنية، فيظهر الترهل عند الأشخاص الآسيويين في عمر 50 – 55 سنة.

ولكن، لكل إنسان ميزاته وتكوينه الجيني الذي يجعله مختلفاً عن الآخر. لذا لا يمكننا أن نعمّم ذلك: يمكن أن نجد شخصاً، بشرته بيضاء، تجاوز عمره الـ50 سنة، ولم يصبه الشيب وجسمه ما زال شاباً، وشخص آخر بشرته سمراء، في العشرينيات، بدأت ملامح التقدّم بالعمر تظهر لديه.

ماذا عن تقبّل العمر؟

في نهاية المطاف، عند التقدّم بالعمر، يجب تقبّل كل التغيّرات التي تصيب الجسم. ولكن ماذا عن الشخص الذي لا يتقبّل إنتصار الشيب وتفشيه في فروة الرأس وضعف الجسد وترهل العضلات؟ وهنا تبدأ الرحلات الأسبوعية عند الأطباء ومتابعة برامج غذائية وصحية مع ممارسة الرياضة بشكل منتظم. كما هناك بعض الملحوظات التي يمكن تطبيقها للتخفيف من قلق الشيخوخة:
– عدم الإكتراث للآخرين الذين فقط يهتمون بالشكل الخارجي والتذكّر دائماً بالخبرات الإيجابية التي مرّ فيها الإنسان من خلال نضجه الذكائي.
– التحدث عن عمر مختلف أفراد العائلة، وإظهار النقاط الإيجابية خلال مختلف المراحل العمرية.
– إذا كان «قلق الشيخوخة» يهيمن على حياة شخص ما، يجب أن يلجأ إلى ممارسة الرياضة وتطبيق حياة صحية في يومياته.
– عدم الخجل من العمر المتقدّم. في نهاية المطاف، الكثير من الأشخاص هم متقدّمون بالعمر، بل يجب إستغلال كل دقيقة من الوقت.
– الإهتمام بالذات وبالشكل أمر ضروري لكل إنسان، ولكن يجب ألّا يصبح شكلك الخارجي هوساً يومياً لك. بل تقبّل تقدّم عمرك، حتى لو كان الأمر صعباً. واعرف أنّ كل إنسان سيتقدّم بالعمر وسيعايش الشيب.
– الإبتعاد عن القلق المزمن والكآبة أو الحزن قدر المستطاع، للتخفيف من سرعة ظهور التجاعيد والشعر الأبيض، من خلال ممارسة الرياضة التي تساعد في صقل الشكل الخارجي.