IMLebanon

“الحزب” يحتجز ناخبين ويحجز هويّات… هنا أُم المعارك!

تكاد الاهتمامات بالمعركة الإنتخابية في الدوائر الـ15 المقررة صباح 15 أيار تنحصر في دائرة بعلبك-الهرمل، لكثرة ما يحصل فيها. فكلما اقتربت ساعة الصفر من موعد فتح صناديق الإقتراع يرفع حزب الله من منسوب الرعب في المناطق التي تتوزع فيها أصوات المعارضة الشيعية وفق خطة تتماشى مع أجواء المرحلة ووسط وضع معيشي ضاغط.

المشهد على الأرض يختصره الخارجون من بقعة جغرافية تحولت إلى ما يشبه ساحة حرب أو مستعمرة عسكرية لكن من دون دماء، اذ يقول أحد سكان المنطقة الذي قرر أن يغادر منزله ليقطن في “معقل” أحد المرشحين المعارضين  لـ “المركزية”  أن أشكال الترهيب التي ابتكرها حزب الله وصلت إلى حد شراء بطاقات الهوية من الناخبين الشيعة بمبلغ لا يتجاوز المليوني ليرة لبنانية، واحتجاز أفراد في مراكز مجهولة حتى يوم الإنتخاب لضمان أصواتهم!. ويلفت إلى أن الحزب يستفيد من واقع الذل الذي يعيشه أهالي المنطقة علما أنه من صنع أيديهم وسياسة حلفائهم في الحكم.

حماوة الخطاب الإنتخابي “المغمس” بشعارات العمالة والتخوين الذي اعتمده الحزب في المرحلة الأولى من المعركة الإنتخابية لم ينفع مع أبناء شيعة المنطقة المعارضين إذ تبين أن رقعة المعارضة أوسع وأكثر شمولية مما كانت عليه في دورة 2018 إذ بلغ نحو 17 ألف صوت، أي 7.9 في المئة من مُجمل الناخبين الشيعة. وتحسبا من أن يرتفع هذا الرقم في الانتخابات الحالية في ضوء تنامي الأصوات المعارضة الناقمة عليه وعلى سياسته التي زادت بعد انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 بدأ الحزب في تطبيق الخطة “ب” في ظل غياب كل مظاهر الدولة من خلال ممارسة كل أنواع الترهيب على المرشحين الشيعة على اللائحة المدعومة من القوات بهدف إضعافها وشرذمتها  وقد تحقق ذلك مع سحب 3 مرشّحين وسط معلومات عن انسحابات أخرى في الساعات المفصلية الأخيرة من موعد فتح صناديق الإقتراع.

ويقول أحد أبناء العشائر أن الحزب رفع من وتيرة التصعيد عبر استخدام كل الأساليب غير المشروعة على الأرض بدءا من عملية شراء الأصوات وترهيب ومحاصرة الأفراد المتمردين وصولا إلى استخدام عناصره عند الحدود البرية للتدقيق في هويات الوافدين من الداخل السوري وإخضاعهم بالترهيب والترغيب للتصويت لصالح لائحة الثنائي الشيعي وإلا…”. علما ان ثمة معلومات تتحدث عن سعي الحزب لوضع صناديق انتخابية قرب الحدود في منطقة القصير ليتسنى للبنانيين الموجودين في سوريا وبعض المجنسين من المشاركة في العملية الانتخابية.

ويضيف: “ما يجري في بعلبك الهرمل لم يعتده أبناء العشائر والعائلات في منطقة لطالما حكمتها عادات وتقاليد يفتخر بها الجميع، الى أن دخلها الحزب وبدأ يفرض هيمنته وسياسته القمعية علي الأهالي بقوة السلاح. وهناك تخوف من عمليات إلغاء وتنكيل يقوم بها عناصر الحزب بحق شريحة كبيرة من المجتمع العشائري والعائلي في بعلبك الهرمل المعارض لنهج الجهل والسلاح المتفلت والفوضى”.

هذا وتختلف “فنون” الترهيب التي يمارسها الحزب على شريحة المثقفين وفي السياق يقول أستاذ جامعي يدور في فلك المعارضة الشيعية أن الإتصالات التي ترد إلى شريحة المثقفين تبدأ “بمحاولة التقصي عن كيفية الوصول إلى مركز الإقتراع بهدف التأكد من وجهة الصوت الإنتخابي وتنتهي المكالمة بتحسين وضعه الوظيفي. أما من يرفض الاستجابة للضغوط فهو معرض لخسارة وظيفته”!

بالتوازي دخل بازار الرشاوى على الصوت السني والدفع هنا ب”الفريش دولار” بحيث وصل السعر إلى 200 دولار. أما المرشحون فتصلهم رسائل الترغيب والإستمالة عبر وسطاء وهذا ما أكده المرشّح السنّي على اللائحة ابن بلدة عرسال السنّية زيدان الحجيري في أحد اللقاءات بحيث أشار إلى تلقيه عرضاً بمبلغ مالي كبير مقابل الانسحاب من اللائحة المعارضة، إلا أنه رفض.

في الإنتخابات الماضية، نجحت لائحة “الكرامة والانماء”، التي ضمّت النائب أنطوان حبشي، بالفوز بمقعدين نيابيين، بعد أن نالت 35607 صوتاً، بينما بلغ الحاصل الإنتخابي الأول 18707 صوتاً، مع العلم أنها كانت تضم في صفوفها مرشحاً شيعياً قوياً هو النائب السابق يحيى شمص، الذي نال 6658 صوتاً تفضيلياً، بالإضافة إلى تيار “المستقبل”، حيث نال المرشحان السنيان أكثر من 10000 صوت. ويبلغ عدد الناخبين في دائرة بعلبك-الهرمل 341263 ناخباً من بينهم 251417 ناخباً شيعياً، هم بغالبيتهم الساحقة الكتلة الصلبة التي يمتلكها حزب الله برصيده، فهي التي تؤمن بنهجه وامكاناته وقدراته في ظل غياب الدولة منذ تسعينيات القرن الماضي، وتتوقع مصادر مطلعة على صلة بالانتخابات واستطلاعات الرأي ان نسبة الاقتراع في الدائرة لن تقل عن الـ 50في المئة كحد أدنى، وربما تصل إلى 55في المئة على رغم عوامل المقاطعة ومن أبرزها الأوضاع الاقتصادية الصعبة وعزوف تيار المستقبل عن خوض المعركة الإنتخابية.

قد تصح عبارة أم المعارك في انتخابات 2022 على دائرة بعلبك-الهرمل، وقد تشهد بحسب مصادر مقربة من لائحة “بناء الدولة” حماوة يشهد لها في تاريخ الإنتخابات النيابية . وإذ تؤكد أنه على رغم كل الضغوط التي يمارسها الحزب إلا أنها لا تستبعد أن ترتد إيجابا لجهة تأمين الحاصل إلا في حال انسحاب مرشح سني جديد وهذا أقصى ما تخشاه.