IMLebanon

قرار غادة عون بشأن شركة مكتّف “سلبطة”… فمن يحاسب؟

جاء في “المركزية”:

لم يكن قرار قاضي الامور المستعجلة في المتن رالف كركبي الذي صدر عصر أمس الثلثاء 10 أيار وقضى بفض الاختام عن ابواب شركة مكتف ش.م.ل للصيرفة مفاجئا، ولا حتى فتح مكاتب الشركة بواسطة رئيسة قلم قاضي الأمور المستعجلة لأنه جاء عملا بنص المادة 579 من قانون أصول المحاكمات المدنية. وعليه كان يُفترض أن يستأنف موظفو الشركة عملهم إبتداء من صباح اليوم.

لكن الخبر الصاعق كان بإعادة وضع الشمع الأحمر على أبواب شركة مكتف بعد ساعات معدودة بقرار من مدعي عام الاستئناف في جبل لبنان القاضية غادة عون لأنه “لا يحق لقاض مدني أن يكسر قرار نيابة عامة استئنافية”!

هي سابقة قانونية كما صرّح الوكيل القانوني لشركة مكتف للصيرفة المحامي مارك حبقة. والأخطر أن الملف ليس بعهدتها بل انتقل إلى قاضي التحقيق وبالتالي فإن أي قرار يجب أن يصدر عن قاضي التحقيق لا القاضية عون.  فلماذا لم يصدر أي قرار عن مدعي عام التمييز الذي انتزع من القاضية عون القضايا المالية؟ ولماذا أقفل خطه ولم يرد على اتصالات وكيل الشركة عقب تنفيذ “فتوى” القاضية عون؟ وماذا يمنع من إحالة الأخيرة إلى التفتيش القضائي القابع في ظلمة العدل وظلامية الفساد القضائي؟

مشهد “فُضًت… خُتِمت” السوريالي الذي شهد عليه أهل البيت وضع بدوره أختام الشمع الأحمر على هيبة العدالة والقضاء في لبنان. وما حصل في الأمس أخطر من كونه سابقة في تاريخ القضاء “إنها وصمة عار على جبين العدالة في لبنان” يقول مرجع قضائي. ويستغرب عبر “المركزية” تبرير القاضية غادة عون بإعادة وضع الشمع الأحمر على أبواب شركة مكتف بعد فضها بقرار من قاضي الأمور المستعجلة في المتن رالف كركبي وتنفيذه بواسطة رئيسة القلم معللة السبب بأنه “لا يحق لقاض مدني أن يكسر قرار نيابة عامة استئنافية”. هذه ترهات وليست مجرد سابقة في تاريخ القضاء اللبناني”. ويضيف: “ما تقوم به عون غير قانوني فالملف لم يعد في عهدتها. فبأي حق تعطي الإشارة القضائية بإعادة ختم مكاتب الشركة بالشمع الأحمر ومن أولاها سلطة القرار”؟

بحسب الفقرة 2 من المادة 579 من أصول المحاكمات المدنية “من صلاحيات قاضي الأمور المستعجلة إزالة التعدي الواضح على الأوضاع المشروعة”. أما على أرض الواقع فالواضح أن سلطة عون تتخطى كل القوانين  على ما يقول المرجع القضائي، ويلفت إلى ان قرارها بختم أبواب شركة مكتف للصيرفة بالشمع الأحمر شكل مخالفة منذ البداية لأنه في الجرائم الجزائية يتم ضبط المواد الجرمية كمثل المسدس أو اية أداة استعملت عند ارتكاب جريمة. لكن لا يحق للقاضي إقفال مكان بالشمع الأحمر وإعادة فتحه على هواه. ف”الموقع” بحد ذاته لا يشكل مادة جرمية. من هنا يمكن القول أن ما قامت به عون شكل مخالفة من الأساس أضف إلى ذلك أن الملف المالي لشركة مكتف لم يعد بعهدتها بعدما انتزع بقرار من رئيسها المباشر المدعي العام التمييزي”.

ما وصفته عون “بالكركبة” تعقيبا على القرار الذي اتخذه قاضي الأمور المستعجلة رالف كركبي يعتبر قانونيا ولا غبار عليه “فهو قام بواجبه وأصدر قرارا بفض أختام الشمع الأحمر عن شركة مكتف للصيرفة على اعتبار أن هناك تعدٍيا فاضحا على أوضاع مشروعة من قبل القاضية عون والمكتب أو أبواب الشركة ليست مادة جرمية”.

أخطر من “سابقة غادة عون القضائية الفاضحة” أنها “منزّهة عن المحاسبة” إذ لا سقف قانونيا لأفعالها ولا يمكن حتى الإستئناف في القرارات التي اتخذتها بحق شركة مكتف لدى أي مرجع قضائي لأن لا أساس قانونيا لما ارتكبته. من هنا يمكن القول إن ما تفعله لا يتعدى إطار “سلبطة” ولا مرجعية قضائية لمحاسبتها. وهذا لا يجوز”. ويسأل المرجع: “أين التفتيش القضائي من هذه الممارسات الخطيرة التي ترتكب بإسم القضاء؟ أين المدعي العام التمييزي الذي يفترض أن يحول القاضية عون إلى التفتيش القضائي؟ وهل يجوز أن تكون هناك قاضية “فاتحة على حسابها” وتعمل على تشريح القانون وفق حسابات مرجعيتها السياسية التي تديرها؟”.

إزاء ما حصل في الأمس يشكك المرجع القضائي بإمكانية إعادة فض أختام الشمع الأحمر عن أبواب شركة مكتف للصيرفة بعدما أطاحت القاضية عون بالمسار القانوني “إلا إذا حصلت أعجوبة وتحرك التفتيش القضائي لكن هذا الأمر مستبعد طالما أن الأخير ومعه المدعي العام التمييزي مرتبطان باعتبارات سياسية. يبقى الرهان على المتغيرات التي قد تحصل في الأيام المقبلة والتي من شأنها أن تأخذ معها كل الرؤوس الفاسدة وتسقط الأقنعة عن الوجوه التي حولت القضاء إلى ساعة تدور عقاربها على أهواء السياسة”.

أقل ما يقال إزاء تحول ملف شركة مكتف للصيرفة إلى عصا في يد العدالة المنقوصة يتم التلويح بها عند كل مفصل سياسي إنه مشهد عبثي. ولأنه كذلك تعالوا نتخيل رد فعل الراحل ميشال مكتف من عليائه. تُراه يهزأ من واقع القضاء الذي سقط عند أبواب شركته؟ أم يبكي حزناً على مستقبل وطن انهارت فيه سلطة القضاء وبات القاضي المسيس والمحسوب على مرجعية سياسية “يتسلبط” على الحق ويسخر من كتب الفقه والقانون التي أقسم على ولائها تحت قوس العدالة؟  لعل ميشال مكتف اليوم يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا .