IMLebanon

حسابات مرّة لما بعد 15 أيار! (بقلم رولا حداد)

انتهت فصول العملية الانتخابية بعد طول ترقب وانتظار. بغض النظر عمّا سبق هذه الانتخابات وتخللها من عيوب جوهرية تتعلق بالآليات الديمقراطية في ظل ممارسات “حزب الله” بالترهيب والتهويل على المرشحين واللوائح والناخبين، إضافة إلى كمّ المال الانتخابي من دون حسيب أو رقيب، ناهيك عن استغلال النفوذ وتهديد الناخبين بوظائفهم وأعمالهم ومصالحهم إن لم يصوّتوا لهذا الفريق أو ذاك ولهذه اللائحة او تلك، بغض النظر عن كل ذلك بات اللبنانيون اليوم أمام واقع جديد بمعطيات متشعّبة وخطرة، ودخلنا مرحلة قد تكون الأخطر في التاريخ اللبناني الحديث، لناحية ما ينتظرنا من تدهور دراماتيكي على مختلف الأصعدة.

فعلى الصعيد المالي والاقتصادي سنشهد في المرحلة المقبلة تسارعاً مخيفاً في الانهيار وتفلّتاً مالياً واقتصادياً واجتماعياً وربما أمنياً في ظل عدم قدرة مؤسسات الدولة على القيام بأي شيء. الدولار سيحلّق ومآسي اللبنانيين ستتعمق على صعيد الأدوية والاستشفاء والمحروقات ولقمة العيش، وسط تخبّط غير مسبوق وتراشق مرتقب يلهي اللبنانيين عن مصائبهم، في انتظار أي تسوية محتملة ينتج عنها انتخاب رئيس جديد للجمهورية والتوافق على مضامين العهد الجديد حكوميا وإصلاحياً وربما أيضاً ما يتّصل بالنظام.

وبطبيعة الحال فإن التسوية المشار إليها لن تكون تسوية داخلية بل مجرد انعكاس لتسوية خارجية تبدأ من فيينا مروراً بمجريات الحرب الروسية في أوكرانيا وتشعباتها ولا تنتهي بالمفاوضات الإيرانية- السعودية. ففي حال التوصّل إلى تسوية على الصعيدين الإقليمي والدولي يمكن أن ينعكس ذلك إيجاباً على الواقع اللبناني، وإن ذهبت الأمور خارجياً في اتجاه الصدام فإن ما سينتظر اللبنانيين سيكون قاتماً جداً ويزيد من أوجاعهم.

لذلك فإن نتائج الانتخابات النيابية لن تشكل جسر عبور نحو الاستقرار والإصلاح، وخصوصاً مع إنتاج مجلس نيابي جديد لا قدرة فيه لأي طرف على الحسم او تأمين الاكثرية المطلوبة في أي ملف، في ظل خسارة “حزب الله” وحلفائه للأكثرية النيابية، وفي ظل وجود أكثر من 20 نائباً بين مجموعات ثورة سابقاً ومعارضين مستقلين وجميعهم غير مرتبطين بمرجعية قرار سياسي محدد.

هكذا يدخل لبنان في مرحلة من انعدام الوزن سياسياً ومالياً واقتصادياً واجتماعياً سينتج عنها عدم القدرة على اتخاذ أي قرار، ناهيك عن احتمال الدخول في نفق الفراغ المؤسساتي، وعلى الأقل في ملفي تشكيل حكومة جديدة قبل انتهاء العهد كما على صعيد الانتخابات الرئاسية، ما يفتح الأفق على الأسوأ الذي لم يأتِ بعد.

لا تهدف السطور السابقة إلى زرع الياس في صفوف قرّائها، بل إلى محاولة رسم صورة واقعية عمّا ينتظرنا في الأيام والأسابيع المقبلة، بعد سلسلة الاحتفالات التي عمّت المناطق بفوز هذا الطرف او ذاك، من دون أن نفهم فعلاً بأي فوز كان الجميع يحتفلون؟!

مبروك لجميع الفائزين والمحتفلين والمتنافسين على منطق “كتلتي أكبر من كتلتك”، عسى أن يصبح التنافس يوماً في وطنناً على قاعدة الإنجازات والالتزام بالبرامج الانتخابات وليس بالشعارات التي تسقط مع إقفال صناديق الاقتراع!