IMLebanon

“الحزب” يرحب بالترسيم… ولكن وفق اي خط؟!

جاء في “المركزية”:

بانتظار وصول الموفد الاميركي المسهل اموس هوكشتاين إلى بيروت عصر الاثنين المقبل تلبية لدعوة لبنانية عاجلة وترحيب اسرائيلي واضح، تتكثف المشاورات لصياغة موقف لبناني موحد ولو بالحد الادنى لئلا يتجدد شعور الموفد الاميركي  بالصدمة التي كانت قد أصابته  في  اولى مراحل مهمته، قبل ان يستوعب العقل اللبناني ويتفهم حجم المماحكات التي رافقت جولاته لاحقا الى درجة رفع فيها البطاقة الحمراء في زيارته الاخيرة الى بيروت في 8 شباط الماضي، ملمحا الى عدم الحاجة بالعودة ما لم تتبدل المواقف بشكل جذري مخافة ان يفشل في تحقيق المهمة التي كلف بها.

واستنادا الى هذه المعطيات الثابتة، كشفت مصادر دبلوماسية لبنانية وغربية لـ “المركزية” ان هوكشتاين ومعه فريق عمله استبق الزيارة التي دعي اليها بمجموعة من الرسائل المباشرة التي تمنى فيها ان ينال اجوبة واضحة على مجموعة الأسئلة التي طرحها في آخر زيارة له لبيروت. وهي رسائل تمكن من توجيهها مباشرة عبر نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بو صعب الذي كلف بالإتصال به نهاية الأسبوع الماضي لدعوته للقيام بهذه الزيارة العاجلة لمواجهة ترددات دخول البارجة “اينيرجي باور” الى حقل كاريش  لمنع حصول اي صدام عسكري، بصفته مكلفا من قبل رئيس الجمهورية بمتابعة هذا الملف.

وإلى هذا الدور، كشفت المصادر عينها ان السفيرة الأميركية في بيروت دورتي شيا التي كانت تمضي فترة من النقاهة في بلادها تولت المهمة عينها بنقل المزيد من الرسائل فور عودتها الى بيروت تلبية لدعوة مماثلة كتلك التي تلقاها هوكشتاين، مؤكدة ان الموفد الاميركي  ينتظر جوابا شافيا على مقترحاته الأخيرة بالإضافة الى رفضه اعادة البحث في الخط 29 والظروف التي أدت إلى طرحه على طاولة المفاوضات غير المباشرة والتي انتهت بتجميدها منذ الخامس من ايار العام الماضي. وما اضافته انها نقلت رسالة إسرائيلية واضحة وصريحة بعدم وجود اي نية بالتصعيد، وأن إسرائيل لن تتجاوز الخط 29 المقترح من الجانب اللبناني بأي شكل، وسيصدر كبار المسؤولين فيها مواقف واضحة بهذا الشأن، وهو ما قام به وزير الدفاع الاسرائيلي بعد أقل من 3 ساعات على زيارة شيا الى وزارة الخارجية وأقل من ساعة ونصف على توجه الوزير عبدالله بو حبيب الى قصر بعبدا لإبلاغ رئيس الجمهورية بتفاصيل الموقف الأميركي.

وعلى رغم مجموعة الملاحظات هذه، فقد سجل غياب أي لقاء تنسيقي بين كبار المسؤولين حتى ساعة متقدمة من ليل امس الجمعة، واستعيض عنه بالحراك الذي قام به وزير الخارجية ومجموعة الاتصالات التي أجراها بو صعب مع بري وميقاتي في ما تحرك آخرون ومنهم قادة أمنيون بعيدا من الاضواء من اجل توحيد الموقف الرسمي. ولذلك ظهر واضحا، ان كلا من رئيس الجمهورية ومعه رئيسي مجلس النواب والحكومة لم يلتقوا حتى اليوم سوى على رفض اي توجه لتعديل المرسوم 6433. فهم باتوا على قناعة بان مثل هذه الخطوة  ستقود الى  انهاء مهمة الموفد الاميركي قبل ان تبدأ وربما الى وقف البحث باستئناف  المفاوضات غير المباشرة في الناقورة لترجمة التفاهمات المبدئية التي يمكن ان يتم التوصل إليها في زيارة هوكشتاين ان لم تقد الى ما يشبه إعلان الحرب، بعد ان تندلع شرارتها نتيجة اي دعسة ناقصة او خطوة غير محسوبة النتائج.

وبناء على ما تقدم طرحت الأسئلة حول ما قصده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من اطلالته الأخيرة اول امس الخميس وقد قدم درسا جيو سياسية لمكان تمركز الباخرة اليونانية مهددا ومتوعدا بعدم السماح باستخراج الغاز من حقل كاريش ما لم يتمكن لبنان من استثمار حقول له، في وقت سبقت فيه الترتيبات الاسرائيلية كل ما  قام به لبنان للوصول الى هذه المرحلة بأقل من عقد من الزمن بقليل. وهو وبعدما تجاهل الحديث عن الخطوط المطروحة ولم يحدد موقفه من اي خط يريده الحزب وخصوصا ما بين خطي 23 و29 وما بينهما من خطوط أخرى يتم التداول بها  كما انه لم يحسم موقف الحزب من اي خط يدعمه، اكتفى بالوقوف  خلف الموقف الرسمي المفقود.

ولذلك، وصفت المراجع الديبلوماسية والسياسية مواقفه من باب الحرب النفسية التي تشد عصب  الشارع اللبناني من دون ان تحركه، كما انه لن يكون لها اي صدى في الشارع الاسرائيلي الذي سيبدأ جني الأرباح مما انتهت إليه أعمال الحفر والاستكشاف قبل ست او ثماني سنوات في مجموعة من الحقول المحيطة بكاريش قبل بلوغ مرحلة الاتجار بموارده الطبيعية في وقت قريب يسبق الشتاء البارد الذي تستعد له أوروبا حيث من المتوقع ان يكون انتاجهم في الأسواق الأوروبية عبر الخط المصري الخماسي الجديد وربما أبعد منها.

على هذه الخلفيات، توسعت القراءات المتشابكة حول ما يمكن ان يحمله هوكشتاين الى بيروت ومقاربته للموقفين الإسرائيلي واللبناني، فتوقفت المصادر عينها عند بيان وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة التي أكدت انها سترسل مبعوثا إلى لبنان الأسبوع المقبل وتحديدا في  13 و14 حزيران الجاري  لمناقشة أزمة الطاقة في البلاد وتأكيد أمل واشنطن في أن تتمكن بيروت وإسرائيل من التوصل إلى قرار بشأن ترسيم حدودهما البحرية، ولما انتهى  اليه البيان من الإشارة الى المفاوضات غير المباشرة الجارية بين الدولتين بشأن الحدود البحرية المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان في عام 2020 وأوحى  باستعداد هوكشتاين للقيام بجولة مكوكية بين بيروت وتل ابيب من اجل استئنافها ان حمل من الجانب اللبناني ما يؤدي الى هذا التوجه القديم – الجديد.

تقول المصادر الديبلوماسية ان لبنان الذي لا يمتلك اي تصور نهائي يرضي هوكشتاين، يمكن ان يقوده إلى مثل هذه الجولة مرة أخرى وهو ما استبقه بيان الخارجية بتأكيد النية بالقيام بها عندما رحب بـ “الروح التشاورية والصريحة للطرفين للتوصل الى قرار نهائي من شأنه أن يؤدي الى قدر أكبر من الاستقرار والأمن والازدهار لكل من لبنان وإسرائيل والمنطقة “.

انطلاقا مما تقدم، يبدو من المفيد ان ننتظر اياما قليلة لاستكشاف ما يمكن ان تؤدي اليه وساطة هوكشتاين من دون ان ننسى ان البلد على شفير المزيد من الازمات التي يمكن ان تشل الادارة العامة مع دخول الموظفين في الادارات العامة إضرابا مفتوحا يستبق زيارة هوكشتاين بساعات قليلة وان تاخرت الاستشارات النيابية الملزمة سنكون امام ازمة جديدة تخلط حابل الأزمات الداخلية بنابل الإقليمية والدولية منها لتزيد من الوضع المأساوي الذي تعيشه البلاد ولكن الى متى؟