IMLebanon

إستقلالية القضاء تناقش في البندقية فهل تُبصر النور؟

كتبت مرلين وهبه في “الجمهورية”: 

 

توجّه أمس وزير العدل هنري الخوري الى ايطاليا لتمثيل لبنان في الاجتماع السنوي للهيئة العامة الخاصة بالـ commission de venise التي ستعقد في 17 و18 الجاري، وهي تلتئم سنوياً مرة او مرتين في venise، علماً انّ لبنان يشارك للمرة الاولى حضورياً في هذا الاجتماع ممثلاً بوزير العدل وذلك لمناقشة الاستشارة التي أرسلتها «الهيئة العليا الاستشارية لمجلس اوروبا» حول اقتراح قانون استقلالية السلطة القضائية، والتي وصلت الى وزارة العدل بناء على اقتراح مسبق قدّمته وزيرة العدل السابقة ماري كلود نجم ومتابعة وزير العدل الحالي الذي طلب هذه الاستشارة بعد وصول اقتراح القانون في صيغته النهائية الى الهيئة العامة في مجلس النواب الّا انّ الخوري طلبَ تجميد إقراره شهراً للاطلاع.

وفي المعلومات انّ الاستشارة، وفور وصولها الى وزارة العدل، علّقت عليها وزارة العدل خطياً وأعادت إرسالها الى الهيئة الاستشارية العامة في الخارج، علماً انّ الاستشارة المطلوبة كانت تتعلق بمدى تطابق اقتراح القانون بالمعايير الدولية…

في المعلومات، هذه هي النقاط الابرز التي تناولتها الاستشارة:

– الطائفية في التعيينات القضائية

– إمكانية إجراء تعديل دستوري في بعض النقاط

– دور الادعاء التمييزي وكيفية تعزيز استقلاليته واستقلالية المدّعين العامين عموماً.

– طريقة تشكيل مجلس القضاء الاعلى بين الاعضاء المنتخبين والاعضاء الحكميين والآلية لتأمين مجلس قضاء مستقل عن السلطة السياسية.

– دور التفتيش القضائي وآلية تعزيز استقلاليته.

– الاجراءات التأديبية في الهيئة العليا للتأديب في شكل تمنح ضمانات للقاضي الذي يعاقب او الذي في حقه إجراء تأديبي.

– طريقة إتمام التشكيلات القضائية العامة والضمانة ان تكون السلطة القضائية مشكلة بطريقة فعالة ومستقلة.

– قرار عدم الاهلية.

 

تجدر الاشارة الى انّ نقاطاً اخرى تمّ بحثها أُرسلت ضمن الاستشارة من الـ commission de venise لا تقلّ اهمية عمّا ذكر… الّا انّه من المهم الاشارة الى انّ المقترحات لآلية العمل لمشروع السلطة القضائية لا تعتبر نهائية قبل مناقشتها مع فريق وزارة العدل في الهيئة العامة في venise في 17 حزيران لتقرّها الهيئة بعد ذلك في صيغتها النهائية في 23 حزيران.

والجدير ذكره انّ الاستشارة تبقى مشروع «رأي استشاري» وليست مشروع قانون.

ومن الجدير ذكره انّ هذه الاستشارة تبقى غير ملزمة للبنان الّا انه يبقى حرّاً في أن يأخذ منها بعض النقاط الذي يراها مناسبة له وللنظام اللبناني، الّا انها في مطلق الحالات تعتبر حدثاً مهماً له لأنّ المجتمع الدولي راضٍ جداً على هذه الخطوة وليس فقط الاتحاد الاوروبي بل ايضا المجتمع المدني الذي يشجّع عليها.

في المعلومات انّ وزير العدل سيناقش من venise النقاط المطروحة في الاستشارة وسيطرح وجهة نظره ووجهة نظر وزارة العدل اللبنانية وسيلفت الى خصوصية النظام اللبناني، وكذلك سيناقش النقاط القانونية التي أثارَتها التوصية في مشروع الاستشارة التي أرسلت، علماً انّ اكثر من 46 دولة ستكون ممثلة في الاجتماع.

في أواخر شباط تمّت اعادة اقتراح قانون السلطة القضائية الى اللجان النيابية في مجلس النواب بعد طلب وزير العدل مدة شهر لدرس اقتراح قانون السلطة القضائية في لجنة متخصّصة لأنه لم يطّلع على المسودة النهائية للاقتراح قبل ادراجه على جدول اعمال الجلسة التشريعية العامة التي انعقدت في حينه، فتخوّفَ المعنيون بالشأن القضائي بعد انقضاء شهر من دون اعطاء اللجنة اي جواب، وتخوّفوا ايضا من توجّه لدى السلطة السياسية للإطاحة بهذا القانون لأسباب كثيرة.

وفي وقت يعتبر البعض انّ وزير العدل يُماطِل في درس الاقتراح تذكر مصادر وزارة العدل أن الاتحاد الاوروبي كان يهمّه من الاجتماع الذي انعقد في 4 نيسان في السرايا الحكومية برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الاضاءة على الدور الايجابي الذي أدّاه وزير العدل للقول انّ الخطوة لا تعتبر أبداً عرقلة لمسار القانون المطروح بل هي خطوة نحو الاصلاح لكي يكون القانون مطابقاً للمعايير الدولية، علماً انّ الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي متّفقان على ضرورة ان يكون للبنان قانون لاستقلالية القضاء متلائِم مع المعايير الدولية.

وفي هذا السياق شاركَ خوري في اجتماع الهيئة العامة التي عقدت في venise عبر تطبيق zoom في شباط الماضي مع المساعدة العامة سيمونا غراناتا. أمّا الاجتماع الثاني لخوري فكان في آذار مع الهيئة العامة الرسمية والتي كان اجتماعها الرقم 130، وناقش في الاجتماعين اقتراح قانون استقلالية القضاء وأبدَى رغبته في أن يكون هذا القانون مطابقاً للمعايير الدولية في الممكن، ولكن مع الاخذ في الاعتبار خصوصيات النظام القانوني والدستوري اللبناني. وبعد هذا الاجتماع تم الاتفاق على تعيين 3 مفوّضين من الهيئة الاوروبية ليزوروا لبنان في 26 و 27 نيسان للاجتماع مع الجهات المعنية بهذا القانون، على ان يصدر الرأي الاستشاري الاخير للهيئة في اواخر حزيران.

واستكمالاً لمسار المناقشات وبعد درس اقتراح القانون لدى الهيئة الاستشارية الذي استمر شهرين، تمّ بموجب الاتفاق إيفاد ثلاثة خبراء مفوّضين الى لبنان اواخر نيسان التقوا مع الافرقاء المعنيين وعلى رأسهم وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الاعلى ورئيس لجنة الادارة والعدل النيابية ورئيس مجلس شورى الدولة ورئيس المجلس الدستوري.

والجدير بالذكر انّ الاستشارة ليست ملزمة بل انّ الخبراء أبدوا وجهات نظرتهم في اقتراح القانون المطروح ومدى مقاربته لمعايير قوانين السلطات القضائية في العالم، ولكن في النهاية لمجلس النواب اللبناني حرية التصويت على المشروع الذي يريده… الّا انه من الجيّد وامام المجتمع الدولي والرأي العام والمجتمع المدني ان يكون لبنان قد استمزَج رأي اكبر هيئة دولية معترف بها في اوروبا والعالم، علماً انّ الدولة اللبنانية لم تتكبّد اي مصاريف ملزمة لهذه الاستشارة التي قُدِّمت هبة لها.

وافادت المعلومات ايضاً انّ اللجنة الاوروبية التي بحثت في مسودة القانون مع المعنيين توصّلت الى خلاصة مفادها انّ «الموديل اللبناني» غير موجود في أي بلد في العالم بعدما استطلعوا أفكار كافة الافرقاء، وبناء عليها تقدموا باستشارتهم. كذلك افادت المعلومات انّ الـ    commission de venise لم تكن راضية عن القانون في صيغته المطروحة…

ولكن تبقى الاستشارة غير ملزمة، امّا إقرار القانون فدونه عقبات والكلمة الفصل فيه تبقى لمجلس النواب اللبناني.

الـ commission de venise هي الهيئة العليا للمجلس الاوروبي في مجال دولة القانون والديموقراطية التي تنظر في مدى مطابقة القوانين القضائية في العالم. وهذه الهيئة ساعدت بلداناً عدة على تمكينها من تحقيق تشريعات ومؤسسات مطابقة للمعايير وللممارسات الدولية ولديها صلاحية morale وجدانية في العالم، وإنّ اعضاءها من اهم الدكاترة والقضاة والمشرّعين العالميين في المجالات القانونية وفي الديموقراطية.