IMLebanon

لبنان يخوض معركة وطنية بين 23 و29

جاء في “المركزية”:

حسم لبنان موقفه الرسمي من مسار المفاوضات التقنية غير المباشرة مع إسرائيل لترسيم حدوده البحرية الجنوبية، وقدم للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين ردا شفهيا يؤكد تمسك لبنان بحقه الكامل في الخط 23 بالاضافة حقل “قانا”، والرغبة في استئناف المفاوضات، مقابل التراجع عن الخط 29 الذي يضم حقل “كاريش”، حيث ترسو سفينة “إنرجين باور” استعداداً للبدء في التنقيب عن الغاز.

إلا أن هذا الملف تحوّل الى نقطة تجاذب داخلي، وسط آراء متعددة ومتناقضة، حيث اعتبر البعض أن الخط 23 وهمي وغير قانوني، في حين شدد الآخر على توقيع المرسوم 6433 الذي يحدّد الحدود اللبنانية البحرية بالخط 29، ورأى آخرون أن حقل “قانا” الذي يطالب به الجانب اللبناني غير مستكشف بعد ومن غير المعروف إذا كان يحتوي على الغاز، على عكس حقل “كاريش” المنقّب فيه والمعلوم أنه يحتوي على الغاز. وبين الخطين 23 و29، تثار علامات استفهام كثيرة، فهل من شأن ذلك أن يربك الموقف اللبناني ويضعف حججه التي يسوقها تأكيداً لحدوده وحقوقه؟

العميد الركن أنطون مراد يؤكد لـ”المركزية” أن “الخط 23 قانوني، اعتمد منهجية خط الوسط، لكنه أعطى صخرة تخليت تأثيرا كاملا بنسبة مئة في المئة، وبالتالي هذا لا يعطي الحق المنصف للبنان. والقول بأنه غير قانوني يسيء للمصلحة اللبنانية، اذ يجب المحافظة عليه كخط من خطوط الدفاع. أما الخط 29، فقد اعتمد ايضا منهجية خط الوسط، لكن لم يعطِ أي تأثير لصخرة تخليت. لذلك فإن المعركة الوطنية هي بين الخط 23 والخط 29″، جازماً “أن لبنان لن يحصل على الخط 29. ولا يمكن اعتبار التراجع عنه تنازلا، والقول بضرورة التمسك بهذا الخط واعتباره خطا أحمر هو من باب المزايدات، كون العمل التفاوضي يتطلب المرونة من الجانبين. فلبنان يواجه عدوا مراوغا، يتمتع بما يلزم من القوة وليس من السهل فرض الشروط عليه إلا بإظهار القوة المقابلة وهي متوفرة لدى الجانب اللبناني.

ماذا عن البلوك رقم 8 والذي يؤكد الخبراء أنه من اهم البلوكات الواقعة ضمن الخط 23 ويشكل ممرا للغاز من فلسطين المحتلة إلى اوروبا؟ يجيب مراد: “بحسب معلوماتي المستقاة ممن يتعاطون بهذا الملف، كل الامور تقديرية ولا شيء مؤكدا. لا يمكننا معرفة كمية النفط والغاز قبل البدء بالاستكشاف والتنقيب. هناك مراحل عدة للوصول الى القول بأن هذا الحقل واعد. الدراسات الأولية تقول ان هناك نفطا، لأن العدو الاسرائيلي في المقابل وجده في مياهه وكذلك قبرص. لذلك من الطبيعي ان يكون هناك نفط في المياه اللبنانية، لكن لا يوجد تحديد دقيق لهذه الاماكن وكل ما نجده من خرائط تُعرَض على الإعلام هي تقريبية”.

وردا على القول بأن حقل قانا محتمل وقد لا يحتوي نفطا، يقول: “بما أنه تم اكتشاف الغاز في “كاريش” فهذا يعني أن لبنان قد يجد نفطا في قانا، لكن اسرائيل لم تكتشف ذلك إلا بعد أن بدأت بالعمل، لذلك المطلوب ان يبدأ لبنان بالعمل، والذي يتطلب كمرحلة أولى التوصل الى حلّ لمسألة الحدود، لأن الشركات الاجنبية ترفض المباشرة في التنقيب قبل ذلك. وبالتالي على السلطات اللبنانية الاسراع في ايجاد الحل بطريقة مرضية ومنصفة للبنان أقله بالحد الأدنى”.

وعن الحديث عن ترحيل مهمة هوكشتاين الى العهد المقبل يجيب: “لا أعتقد ذلك، لأن الوقت داهم وإضاعة الوقت ليست لصالح لبنان. كما ان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد حدد المهلة عندما قال بأن أمامنا شهرين او ثلاثة بالحد الاقصى، وهذه المهلة يحتاجها العدو الاسرائيلي ليصبح جاهزا للاستخراج، فإذا لم ننه المهمة خلال مهلة الثلاثة اشهر، يكون لبنان خاسرا”.

وعما إذا كانت معادلة “حقل قانا مقابل كاريش” منصفة للبنان يقول مراد: “الموضوع لم يبدأ اليوم، بل يعود إلى 15 سنة مضت، ارتكب خلالها لبنان مجموعة من الأخطاء ومن ضمنها المرسوم 6433 وايداعه الامم المتحدة في العام 2011، بحيث أن الوضع اليوم أصبح يشبه مريضا عبثت به مجموعة من الأطباء ووصل عند آخر طبيب في حالة يرثى لها، ويجب ألا نشترط على هذا الطبيب ان يعيده شابا ويركض. المطلوب ان يقوم لبنان بواجباته ويخوض معركة وطنية وأن نثق بالمفاوضين لأن ما يحصل اليوم عبر الإعلام مضر. لا يمكن ان أدعو المفاوض للتفاوض مع اسرائيل وفي الوقت نفسه أتهمه بالخيانة وأطلق النار عليه من الخلف. ما يحصل في لبنان جنون وفوضى ويضر بالمصلحة الوطنية. يجب على المفاوض اللبناني أن يكون مرتاحا ويستخدم كل وسائل القوة على طاولة المفاوضات ومنها تعديل المرسوم 6433، وفي النهاية يجب ان نقبل بما نكون قد توصلنا إليه لأننا بذلك نكون قد قمنا بواجباتنا، وما توصلنا إليه هو أقصى الممكن”.

ويختم مراد: “اسرائيل تسابق الوقت خاصة وانها ستضطر لدفع غرامات للشركات المنقبة عن كل يوم تأخير، وهذا يشكل عامل قوة للبنان، فإذا أحسن إدارة معركته قد يفرض على اسرائيل الحد الاقصى من التنازلات، اما إذا أساء إدارة هذه المعركة والتهينا بمعاركنا الداخلية فمن شأن ذلك ان يتسبب بإضاعة فرصة ثمينة على لبنان واللبنانيين وستكون خسارة كبيرة للبنان”.