IMLebanon

ملف زورق الموت من “العسكرية” إلى المجلس العدلي؟

جاء في “المركزية”:

تطورٌ لافت شهدته قضية غرق زورق الموت قبالة جزر النخل في طرابلس الذي كان على متنه ما لا يقل عن 85 مهاجرًا، نجا منهم 48 شخصاً، وجرى انتشال 7 جثث، في حين لا يزال حوالى 33 شخصًا في عداد المفقودين معظمهم من النساء والأطفال. ويرجح وجودهم داخل المركب الغارق في البحر بعمق 450 مترًا.

شهران مرا على التحقيقات، وحتى الآن لم يصدر عنها شيء يؤكد للأهالي بأن ضحاياهم سيرقدون بسلام. إنطلاقاً من ذلك تقدم 11 محامياً بشكوى قضائية ضد 13 عنصرًا تابعبن لقوات البحرية في الجيش اللبناني، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده أهالي ضحايا الزورق أوّل من أمس في مكتب الحزب المحلي لـ”لنا” في طرابلس، وسبقت المؤتمر زيارة الوفد لمكتب نقيبة المحامين في طرابلس ماري تريز القوال فنيانوس التي أعلنت عن تشكيل لجنة متخصصة، من محامين ومحاميات مؤمنين بهذه القضية، لكشف الحقيقة كاملة من اجل محاسبة المسؤول عن الحادثة كما طالبت بتحويل الملف الى المجلس العدلي، “لتأمين التوازن في المحاكمات بين الإدعاء والدفاع، إنصافاً للضحايا وذويهم”.

الأكيد ان أياً من المسؤولين والمحامين وحتى من أهالي ضحايا الزورق لا يشكك بالدور الذي لعبه قائد الجيش جوزف عون من لحظة غرق الزورق، وهو أكد خلال زيارة قام بها إلى طرابلس لتقديم واجب العزاء لأهالي الضحايا أنه يصر على أن تكون التحقيقات شفافة ومحاسبة المسؤولين. لكن ” حتى اللحظة لم تسفر التحقيقات لدى المحكمة العسكرية عن أي نتائج أولية لإعلان رواية رسمية عن ظروف غرق القارب،وهناك عدد من أهالي الضحايا لم يتم استدعاؤهم بعد لأخذ شهاداتهم إضافة إلى الفيديوهات الموثقة عن عملية المطاردة عبر الهواتف من قبل عناصر البحرية ، التي لم يتم الإطلاع عليها”.

وكيل أحد الضحايا وأحد أعضاء اللجنة المتخصصة التي شكلتها نقابة المحامين في طرابلس محمد صبلوح أكد لـ”المركزية” “أن أسلوب التعاطي غير الجدي والمسؤول من قبل الحكومة والأجهزة الأمنية كان الدافع لتحرك أهالي ضحايا زورق الموت،  في حين كان يفترض إيلاء القضية اهتماما جدياً لمعرفة من تسبب بموت أطفال ونساء ورجال كانوا على متن الزورق، وهل ما حصل هو نتيجة قتل قصدي أم غير قصدي؟ وهل حصلت هذه الجريمة نتيجة خطأ غير مقصود أم نتيجة مكابرة و”تكبير راس” ؟حتى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لم يبد اهتماما بمقتل أبناء منطقته ولحينه لا جواب يبرّد غضب الأهالي”.

اللافت أن الشكوى المقدمة من قبل المحامين تقتصر على أربعة أفراد من عائلة واحدة. وتشير مصادر إلى وجود نية لدى عددٍ كبيرٍمن الناجين وأهالي المفقودين للتحرك قضائيًا ، لكنهم يخشون الصدام مع المؤسسة العسكرية، فيما يجري إقناع بعضهم للانضمام إلى الشكوى. وفي السياق، يوضح صبلوح” أنه في حال تقدم عدد جديد بالشكاوى يصار إلى التقدم بملحق جديد. لكن سواء كانت الشكوى مقدمة من عائلة واحدة أو من قبل شخص واحد متضرر فالأمر سيّان لأنها تحمل صفة متضررين خسروا أولادهم ولجأوا إلى القضاء طلبا للعدالة”. ويؤكد أن “الشكوى ضد عناصر في المؤسسة العسكرية لا يعني أتهامها بالتقصير. على العكس نحن نريد أن نحمي المؤسسة العسكرية وإذا كان ثمة أفراد ارتكبوا جرما أو تسببوا بهذه المأساة فتجب محاسبتهم”.

غضب الأهالي، بحسب مصادر في اللجنة المتخصصة التي تشكلت ينصب على 13 عنصراً وعسكري برتبة ملازم  هو حتى اللحظة  حر طليق، ولو أعلنت قيادة الجيش عن توقيفه مع العناصر قيد التحقيق لاستراح أهالي الضحايا”. إزاء هذا الأسلوب في التعاطي تقدم 11 محاميا بادعاء أمام النيابة العامة التمييزية برئاسة القاضي غسان عويدات وطالبوا بإجراء تحقيق شفاف وتعيين خبراء مدنيين مستقلين للكشف على الزورق قبل انتشاله بواسطة الغواصة المقرر وصولها في شهر تموز وتصويره لتحديد أماكن تعرضه للضربات من قبل الطرّادين العسكريين التابعين للبحرية بحسب شهادات الناجين. إلى ذلك، طالبنا وزير العدل خلال الزيارة التي قمنا بها مع وفد من أهالي الضحايا بإحالة الملف إلى المجلس العدلي لأن التهمة موجهة إلى عناصر في الجيش  لتكون محاكمة عادلة، إلا أن قرار نقله يحتاج إلى مرسوم صادر عن الحكومة ولا نعلم إذا ما كان يحق لحكومة تصريف العمال توقيع مرسوم مماثل”.

على خط مواز، اتخذ المحامون في اللجنة التي شكلتها نقابة المحامين في طرابلس الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة، وتقدموا بشكوى لدى المقررين المعنيين بالهجرة غير النظامية والمسؤولين عن جرائم القتل خارج أطر القانون، وتضمنت مطلب الضغط على لبنان لحثه على إجراء تحقيق شفاف بغرق المركب. وينتظر أن يصل لاحقًا كتاب للحكومة اللبنانية من الأمم المتحدة يسألها عن آخر الاجراءات القضائية بالملف.

باختصار، لكل روايته، لكن الهدف واحد، الوصول إلى الحقيقة من خلال تحقيق شفاف. ويختم صبلوح مؤكدا أن التقدم بشكوى ضد عناصر في الجيش “لا يعني التشكيك بالمؤسسة العسكرية إنما حفاظا على هيبتها حتى لا يحصل ما ليس في الحسبان لأن الغضب كبير وحال الغليان لدى الأهالي لن يطفئه إلا تحقيق شفاف ومحاسبة المرتكبين سواء كانوا عسكريين أم مدنيين”.