IMLebanon

تل أبيب تسلّمت عرض لبنان… وهوكشتاين ينتظر

كتب عبدالله قمح في “الأخبار”:

في وقتٍ تنتظر فيه بيروت عودة الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة اموس هوكشتاين، حاملاً معه جواباً إسرائيلياً على عرض الترسيم اللبناني الذي تقدّم به رئيس الجمهورية ميشال عون، بدأت تل أبيب مسار التخطيط لوضع اليد – بطريقة مواربة ومن خلال طرف ثالث – على الثروات اللبنانية في البحر، من خلال تقديمها شركة «انرجين» كمدخل لحل تقني لأزمة الطاقة في لبنان!

تتآكل المهلة الزمنية التي وضعها نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب لتلقّي الرد الإسرائيلي على الاقتراح الذي تقدمت به بيروت لتسوية النزاع البحري مع العدو، من خلال وساطة اموس هوكشتاين، ويقضي باعتماد الخط 23 مع تعرّجات تضع «حقل قانا» ضمن الحصة اللبنانية. وعلمت «الأخبار» أن المهلة مطروحة للتمديد لتلامس بدايات الشهر المقبل كموعد مبدئي، حيث يفترض أن يعود المبعوث الأميركي إلى بيروت ليسلّم لبنان رسمياً محتوى الرد الإسرائيلي ويبحث عن كيفية تحويل التفاهمات إلى اتفاق أو لا، وسط توقعات بأن تكون عودة الموفد رهن طبيعة الرد الإسرائيلي. وإذا كان مخالفاً لما ينتظره لبنان فقد يستعيض عن زيارته بإرسال الرد مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا.

وسائل إعلام عبرية نقلت أن الاقتراح اللبناني الذي تولى تقديمه عون إلى هوكشتاين شفهياً، بات على طاولة المسؤولين في تل أبيب. وذكر موقع «غلوبس» الإسرائيلي أن المستوى السياسي في تل أبيب يدرس الاقتراح، من دون الإشارة إلى مواعيد لتقديم الرد. وفيما يسود الغموض في لبنان حول احتمال وجود «ملحقات» للعرض اللبناني بقيت طيّ الكتمان، تولّى الإعلام العبري الإشارة وبشكل احتفالي نوعاً ما، إلى مضامين أبلغها هوكشتاين إلى تل أبيب كمشروع اقتراح من جانب رئاسة الجمهورية اللبنانية. ونقل «غلوبس» عن مصادر أميركية ومن سمّاهم «منخرطين في الوساطة»، أن الاقتراح اللبناني يتعلق بشكل أساسي بحقل «قانا» المشترك بين المنطقتين الاقتصاديتين اللبنانية والإسرائيلية (وفقاً للموقع). وأضافت «إن رئيس الجمهورية اللبنانية يهدف إلى ضمان حصول لبنان على معظم إنتاج الغاز في هذا الحقل»، وهذا ينافي ما أسمعه عون إلى هوكشتاين من أن مبدأ تعريج الخط أمام «قانا» يسمح للبنان بنيل الحقل كاملاً. اللافت في الموضوع ما ذكره الموقع حول إسقاط الجانب اللبناني طلباته بما خص حقل «كاريش» الذي ورد في بيانات رسمية لبنانية عن كونه حقلاً متنازعاً عليه، وهو ما يؤكد المعلومات التي وردت إلى «الأخبار» من أن شرط هوكشتاين للعودة إلى بيروت، قام في الأساس على تخلي لبنان عن أي مطالبة جنوبيّ الخط 23، وهو ما حصل فعلاً. وطبقاً للمصادر العبرية، فإن «لبنان بات مستعداً للتوصل إلى اتفاق على أساس الخط 23» من دون الإشارة إلى موقف تل أبيب، ليوضح كاتب المقال في «غلوبس»، داني زاكين، أن «عون سيتجنّب رفع أي مطالب بشأن حقل كاريش إذا قبلت إسرائيل بمطلب لبنان حيال حقل قانا» بمعنى إخراج كاريش من دائرة النزاع.

هذه الأجواء التي تخيم على تل أبيب، انعكست على مجال استثمارات الطاقة مستقبلاً. وفي خطوة تُحاكي أسباب استنكاف الشركات الدولية عن تقديم عروض استثمار في البلوكات اللبنانية ضمن مساحة دورة التراخيص التي افتتحتها بيروت الخريف الماضي وجرى تمديدها بتاريخ 15 من الجاري، إلى جانب تعاطي شركة «توتال» الممدّد لها بقلّة مسؤولية حيال واجباتها في ما خص الحقوق اللبنانية، استرعى الانتباه موقف أدلى به الرئيس التنفيذي لشركة «انرجين»، ماثيوس ريجاس، إلى موقع «غلوبس»، مبدياً استعداد شركته للاستثمار في التنقيب عن الغاز الطبيعي في لبنان في حال التوصل إلى حل للأزمة الحدودية البحرية مع إسرائيل. موقف ريجاس الذي يمكن وضعه ضمن إطار الإغراءات التي تقدم إلى لبنان لتحفيزه على توقيع حل بحري حدودي مع كيان العدو، لا ينفصل عن «مشروع المكامن المشتركة» الذي يطمح هوكشتاين إلى تحقيقه بين بيروت وتل أبيب، عبر شركة ثالثة. وإذا نظرنا إلى الحيّز البحري الذي تستثمره «انرجين» والواقع غالباً في محاذاة خط الحدود البحري اللبناني الجنوبي وإصرار تل أبيب على التشارك مع لبنان في مجموعة بلوكات 8 و9، يصبح ذلك كافياً للاعتقاد بأن الشركة اليونانية في الشكل والإسرائيلية في المضمون، تُخطط على المدى الطويل لطرحها كحل للاستثمار في مكامن الغاز اللبنانية بدعم أميركي، وبشكل آمن طبقاً لعلاقاتها مع تل أبيب، تماماً كما يُطرح الغاز المصري والكهرباء الأردنية كحل مرحلي، وكجائزة لما يسمّى «تهذيب المطالب البحرية اللبنانية».

يشار الى أن التفاهمات التي قامت بين القوى اللبنانية الرئيسة عشية وصول هوكشتاين، اشتملت على قرار موحد بإبلاغه رفض لبنان أي صيغة حل تفرض ولو شكلياً أي نوع من التعاون أو التشارك في أعمال التنقيب أو الاستخراج أو بيع الغاز. وقد أبلغ الرئيس بري الموفد الأميركي أن لبنان لن يقبل بأي خطوة تعدّ مدخلاً لأي نوع من التطبيع.