IMLebanon

“ناتو” شرق أوسطي.. هل يبصر النور وأين لبنان منه؟

جاء في “المركزية”:

أشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إلى أن مسؤولين عسكريين أميركيين التقوا سرا نظراء لهم من إسرائيل ودول عربية (مصر والاردن ودول خليجية) في شرم الشيخ في آذار الماضي لاستكشاف سبل التنسيق ضد تنامي قدرات إيران الصاروخية وذات الصلة ببرنامجها للطائرات المسيّرة ومناقشة كيفية الدفاع ضد تهديد مشترك، وإمكانية إنشاء ناتو شرق أوسطي.

وأكدت الصحيفة أن مثل هذا الاجتماع الهادف للتعاون العسكري لم يكن ممكنا منذ عقود، إذ حاول القادة الأميركيون على مدى سنوات طويلة تشجيع الدول العربية على تنسيق دفاعاتها الجوية لكن من دون مشاركة إسرائيل التي كان يُنظر إليها على الصعيد العربي على أنها خصم.

لكن المحادثات الأخيرة كانت ممكنة هذه المرة -تضيف الصحيفة- بفضل العديد من التغييرات، من ضمنها المخاوف المشتركة حيال إيران، وتحسن العلاقات السياسية إقليميا خاصة بفضل اتفاقات أبراهام للتطبيع، وقرار إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كانون الثاني 2021 توسيع نطاق تغطية القيادة المركزية “سنتكوم” (CENTCOM) ليشمل إسرائيل.

كما كشف موقع “بريكينغ ديفنس” (breakingdefense) الأميركي أن الشرق الأوسط مقبل على تطورات سياسية وعسكرية مهمة موضوعُها إيران وأيضا نفوذ روسيا والصين، مرجحا أن يكون التأسيس لهذه المرحلة خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة.

لكن ما سيكون موقف سوريا ولبنان من هذا التحالف العسكري، وهل سيجرؤ لبنان على الخروج من مظلة المحور الايراني والانخراط في الناتو، أم أنه سيعود الى تموضعه عند استقلاله اي اعتماد الحياد وعدم الانخراط في محاور وأحلاف؟

مدير مركز الدراسات الاستراتيجية العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر يقول لـ”المركزية”: ” لا يمكن اعتبار هذه اللقاءات سرية، حتى لو بقيت بعيدة من الأضواء، في ظل حصول زيارات رسمية ومعلنة لرئيسي جمهورية وحكومة اسرائيل الى الخليج وتطبيع بعض الدول الخليجية والعربية كالاردن والبحرين والامارات معها، فقط السعودية بشكل غير معلن. حتى فكرة تأسيس “ناتو عربي” ليست بجديدة وقد طرحت في عهد ترامب لكنها بقيت حبرا على ورق. اليوم يتم طرحها كحلف عسكري اقتصادي اجتماعي بين دول منطقة البحر المتوسط. وفي حين ولِد الطرح الاول ميتا، فإن الطرح الحالي قد يعيش اشهرا عدة وبعدها يموت لأنه لا يملك مقومات البقاء”.

ويسأل جابر: “لماذا وضد من يتم تأسيسه ومن هو العدو المفترض؟ العدو المفترض بكل حلف يكون معروفا ولو لم تتم تسميته، فالعدو المفترض للحلف الاطلسي كان الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو. طار الاتحاد السوفياتي كما “وارسو” وبقي “الاطلسي”، فانضمت اليه دول كانت في حلف وارسو واصبحت بجانب الولايات المتحدة الاميركية، والعدو المفترض هو روسيا واستطرادا الصين”.

ويضيف: “هذا الناتو العربي او بالاحرى الحلف الشرق الاوسطي، من سينضم إليه؟ حتما الدول المُطبِّعة مع اسرائيل، ومنها مصر والاردن ودول مجلس التعاون الخليجي ولكن ليس كلها، وربما اليونان لأننا نشهد علاقات عسكرية معها، وقبرص أيضاً في حال كان هذا الحلف سيشمل حوض البحر الابيض المتوسط.

في المقابل لن يسير العراق بهكذا حلف وايضا دول عربية اخرى مثل الجزائر، وكذلك تونس المنشغلة بأمورها الداخلية، وحتى بعض الدول الخليجية. صحيح ان مجلس التعاون الخليجي بشكل عام موال للولايات المتحدة ويعتبر ان يجب التصدي لايران، لكن اذا جزأنا هذه الدول نجد ان علاقتها تتطور من جيد الى جيد جدا الى ممتاز مع ايران، أولاً عُمان التي علاقتها جيدة جدا مع ايران وليست بوارد تحديها والدخول في حلف، وثانيا قطر علاقتها مع ايران في الدرجة الممتازة، وثالثا الكويت ليس لها مصلحة نظرا لوضعها الداخلي، فيها شيعة ولم تتخذ يوما موقفا حادا من ايران. حتى الامارات التي طبعت مع اسرائيل، ما زالت علاقتها مع ايران جيدة ولديها تبادل تجاري يومي بملايين الدولارات بين بندر عباس والامارات. وهذا ما يفسر لِما لَم تتعرض الامارات لصواريخ الحوثيين خلال السبع سنوات الا مرتين فقط، بينما السعودية هي في مرمى الحوثيين وتصل صواريخهم والطائرات المسيرة الى الرياض وجدة وارامكو بشكل شبه يومي. لذلك حتى دول الخليج ستتردد وتفكر مليا قبل الدخول في هذا الحلف”.

ويتابع جابر: “إذاً من هو عدوه المحتمل؟ ايران. في الوقت الحاضر لا أعتقد انه يعيش لأننا في فترة ما زالت العلاقة الاميركية الايرانية في مرحلة التفاوض حول الملف النووي، ايران ستقف حتما ضده وستعتبره حلفا معاديا، والدول العربية التي ستنأى بنفسها عن هذا الحلف ستكون حتما سوريا والعراق كما ان لبنان ليس له مصلحة ابدا في الدخول في هكذا حلف، بسبب الوضع اللبناني الداخلي”.

ويؤكد جابر ان “المفاوضات النووية بين ايران والولايات المتحدة تلعب دورا في هذا الخصوص. وكل المؤشرات تقول ان لو تأخرت او تعرقلت فإنها ستحصل لأن الولايات المتحدة هي من تريد العودة الى الاتفاق لأنه الوسيلة الوحيدة التي برأيها ستمنع ايران من امتلاك سلاح نووي وعدم رفع التخصيب. فواشنطن وجدت نفسها أمام خيارَين: إما ان تضرب ايران وهذه كارثة عليها وعلى المنطقة كما على العالم أجمع، لذلك حتى ترامب الذي كان رجل يُعتبر من الصقور لم يتخذ الخيار العسكري مع ايران. لذلك، اعتقد ان الولايات المتحدة ليست في صدد السير في هذا الحلف، الذي ما زال مجرد فكرة، في الوقت الحاضر”، لافتاً الى ان هذا الحلف قد يبدأ كمشروع اجتماعي او اقتصادي او تجاري على ان يتحول يوما ما الى حلف عسكري، اذا ساءت الامور بين الولايات المتحدة الاميركية ولم يحصل الاتفاق النووي. لذلك لن يكون هناك حياة او انطلاق لهذا الحلف، خاصة وان من شأنه ان يثير الحساسيات ويسيئ العلاقة مع ايران، في الوقت الذي تأمل فيه الولايات المتحدة الا تتوتر هذه العلاقة اكثر مما هي عليه”.