IMLebanon

الحكومة في “خبر كان”؟

كتبت راكيل عتيّّق في “الجمهورية”: 

تعتبر جهات سياسية أنّ الحكومة العتيدة في حال جرى تأليفها ستكون من العوامل المساعدة لعرقلة الاستحقاق الرئاسي وتأجيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، خصوصاً أنّ هذه الحكومة من المُفترض أن تضمّ القوى السياسية الأساسية، باستثناء حزب “القوات اللبنانية”. وبالتالي، قد يكون هناك قرار داخلي – خارجي بعدم التأليف للدفع والضغط لانتخاب رئيس للجمهورية في المهلة الدستورية الممتدة بين 1 أيلول و31 تشرين الأول 2022، خصوصاً أنّ الرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي هو أيضاً رئيس حكومة تصريف الأعمال، ولن تتمكّن الحكومة إذا ألّفت من أن تُنجز ما لم تتمكن من تحقيقه حكومة تصريف الأعمال في فترة زمنية قصيرة لا تصل الى الأشهر الأربعة، علماً أنّ أي طارئ ما قد يحدث يُمكن لحكومة تصريف الأعمال أن تواكبه حتى لو استدعى ذلك اجتماع مجلس الوزراء.

إستغرقت عملية حكومة “معاً للإنقاذ” (تصريف الأعمال الحالية) نحو شهرين فأبصرت النور في 10 أيلول 2021 بعد أن كُلّف ميقاتي تأليفها في 26 تموز 2021، وذلك بعد 13 شهراً من دون النجاح في التأليف واعتذار كلّ من الرئيسين المكلفين مصطفى أديب وسعد الحريري عن هذه المهمة، بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب في 10 آب 2020. واعتُبرت وتيرة التأليف بعد تكليف ميقاتي سريعة نسبياً، فتمكّن الرئيس المكلف من تقريب وجهات النظر بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الأمر الذي عجز عنه الحريري، فوُلدت حكومة “معاً للإنقاذ”. لكن على رغم أنّ تأليف حكومة ميقاتي الأخيرة كان سريعاً بالنسبة الى مراحل التأليف السابقة، إلّا أنّ عملية التأليف الحالية لا تحتمل “الأخذ والرد” حتى لشهرين، إذ يكون البلد قد دخل حينها في مدار الاستحقاق الرئاسي حيث يُصبح التأليف “لزوم ما لا يلزم”، بحسب جهات سياسية.

هذا في حال سُرّعت وتيرة التأليف، فيما أنّه في الواقع يبدو أنّ هذه الوتيرة بطيئة، فبعد مرور 20 يوماً على تكليف ميقاتي في 23 حزيران 2022، لم يزُر القصر الجمهوري ويلتقي عون في إطار مشاورات التأليف الّا مرتين، واللقاء الثالث لم يُعلن موعده بعد، إذ كان يُفترض أن يُعقد الأسبوع الفائت كما أعلن ميقاتي، إلّا أنّه لم يحصل وسافرَ ميقاتي الى الخارج. وانطلاقاً من هذه الوقائع، إضافةً الى لعبة “شد الحبال” بين العهد والأفرقاء المعارضين له، لا سيما منهم المعنيين بالحكومة المرتقبة والذين سيمنحوها الثقة، فضلاً عن أنّ التوافق بين عون وميقاتي على تشكيلة لا يعني ولادة الحكومة، إذ تَلي هذه العملية معابر أخرى على المستوى الدستوري من إعداد بيان وزاري ونيل ثقة مجلس النواب، ترى جهات سياسية مطّلعة أن “لا حكومة قبل الرئاسة”.

عملياً، يُنتظر أن تُستأنف عملية التأليف خلال الأسبوع الجاري، مع عودة ميقاتي من الخارج، ومن الوارد أن يُعقد لقاء قريب بين عون والرئيس المكلف للبحث في التشكيلة التي قدّمها ميقاتي الى رئيس الجمهورية و”القابلة للنقاش”. وفي غضون ذلك نشطت التسريبات والأخبار عن أسباب تأجيل اللقاء وموعده المُنتظر، فنقلت وسائل إعلام عن مصادر ميقاتي أنّه طلب موعداً لكن لم يُستجب لطلبه، وكان سبق أن جرى الكشف عن أنّ عون بعث برسالة الى ميقاتي عبر وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصّار مفادها “إذا ما عندك شي ما تزورني”، ما نَفاه نصّار لاحقاً.

وتعليقاً على هذه الأخبار، توضح مصادر قريبة من ميقاتي أنّ “علاقة وزير السياحة جيدة بالطرفين، وانّ الرئيسين لا يحتاجان الى وسيط بينهما، فالعلاقة بينهما مباشرة ولا داعي لوجود وسطاء بينهما، كذلك إنّها جيدة ويُمكن التعويل عليها في التأليف”. وتؤكد أنّ ميقاتي لم يقدّم تشكيلة وزارية “ليقدّمها فقط”، بل هو يعتبر أنّها عملية وقابلة للولادة، وهو منفتح على ملاحظات عون، ولم يقُل “إمّا هيك أو وَلا شي”، بل إنّه منفتح على أي اقتراحات عملية ضمن ثوابته.

وتشرح أنّ ميقاتي طرح الانطلاق من الحكومة الحالية لأنّ الدخول في مواضيع مختلفة سيعقّد التأليف، خصوصاً أن لا قدرة خلال فترة زمنية قصيرة على الوصول الى تشكيلة حكومية متوازنة لهذه المرحلة إذا جرى بدأ عملية التأليف من الصفر ـ فهذا يعني الدخول في بازار “إلو أوَّل ما إلو آخر”. لذلك حصر ميقاتي التغييرات في التشكيلة الوزارية، بحيث تكون حكومة متوسّطة من 24 وزيراً على شاكلة الحكومة القائمة مع بعض التعديلات. وتركّز هذه المصادر على أنّ الحكومة عبارة عن فريق عمل ورئيس الحكومة هو المسؤول عن فريق العمل هذا، وهو مَن يسعى الى أخذ ثقة مجلس النواب. وبالتالي، العملية مرتبطة بتشكيل فريق عمل لرئيس الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية بحسب الدستور. هذا فضلاً عن أنّ حصر التغييرات يُسهّل تقريب وجهات النظر بين الرئيسين، بحسب المصادر نفسها.