IMLebanon

ملامح “اتفاق ممرْحَل” بين لبنان وإسرائيل

جاء في “الراي الكويتية”:

يعود الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت في 31 الجاري في زيارة ترتقبها المراجع اللبنانية الرسمية و«حزب الله»، كونها بمثابة «الخرطوشة الأخيرة» في ما يتعلق بملف الغاز وترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.

وعلى وقع الأفق المسدود بالكامل في ملف تأليف الحكومة الجديدة، والترددات البالغة السلبية للمشهدية الفضائحية التي ارتسمت تحت قبة البرلمان في أولى جلساته التشريعية، تشخص الأنظار على زيارة هوكشتاين وسط آمال معلّقة على الخروج بنتائج إيجابية يمكن أن تظهر قبل أن ينهي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عهده (في 31 تشرين الأول المقبل).

وتأتي زيارة الوسيط الأميركي بعد ارتفاع منسوب التحذيرات المتبادلة، والتصْعيد الكلامي من جانب «حزب الله» وإعادة السلطات اللبنانية الرسمية طرح الملف من زاوية التمسك بالحقوق اللبنانية مقابل عمليات الحفر الإسرائيلية في البحر.

وتنتظر بيروت «أجوبةً خطيةً» من هوكشتاين على المقترحات اللبنانية حول الخط الذي يقبل به لبنان، والتي تلقاها الوسيط الأميركي في زيارته الأخيرة. لكن هناك المهمّ والأهمّ بالنسبة إلى المُفاوِض اللبناني. المهمّ هو ترسيم الحدود البحرية، لكن الأهمّ أيضاً هو البدء بعملية التنقيب. وهذا الأمر شدد عليه لبنان رسمياً كما «حزب الله» في رسائل أمينه العام السيد حسن نصرالله عبر فرضه معادلة لا تنقيب إسرائيلياً إن لم يكن هناك تنقيبٌ لبناني.

حتى الآن، معلومات «الراي» وفق معطيات بعض المطلعين على الملف، أن الجواب الأميركي – الإسرائيلي أقرب إلى أن يكون إيجابياً. ليس بمعنى إعطاء لبنان السقف العالي الذي كان مطروحاً منذ الكلام عن الخط 29 وإعادة البحث في الخط 23 ومساره ولو متعرِّجاً، إنما الحدّ المقبول المتعلق بمسار الخط 23 وحقل قانا، بما يَحْفَظُ حق لبنان ولا يشكل تراجعاً إلا بالحدود التكتية وليس الإستراتيجية. ومن الممكن أن تكون العودةُ الأميركيةُ مقدمةً لتَفاوُض جدي غير مباشر، وقد يقود ذلك إلى طاولة الناقورة مجدداً، من أجل بت إقرارٍ أوّلي لمسار الترسيم والتنقيب، في وقت يتردد أن الاتفاق الحالي قد يكون على مراحل على أن تُستكمل كامل المفاوضات لاحقاً، ومن غير المستبعد أن يكون ذلك بعد الانتخابات الرئاسية.

النقطة الأولى التي يعوّل عليها لبنان لاسيما بعد موقف «حزب الله» وإطلاق مسيّراته الثلاث فوق كاريش، أن واشنطن وتل أبيب لا تريدان دفع الأمور نحو التأزم وترغبان بتفادي أي احتكاك عسكري، بعدما حدد «حزب الله» في خطاب أمينه العام مسار التفاوض وحدود اللعبة في الترسيم والتنقيب. ولأن لبنان، و«حزب الله» كذلك، لا يريدان حرباً فإن جميع الأطراف المعنيين باتوا وكأنهم يسلّمون جدلاً أن الاتفاق واقع لا محال على الترسيم، لكن نقطة التنقيب كانت عالقة.

في الأيام الأخيرة، وعندما بدا أن التصعيد العسكري يكاد يبلغ ذروته مع إطلاق «حزب الله» المسيَّرات فوق كاريش، تحركت الاتصالات الإقليمية، من أجل ضمان عدم تطور الوضع بين لبنان وإسرائيل إلى عمل عسكري. هدفت الاتصالات إلى تأكيد رغبة الدول المتوسطية ضمانَ استقرار التنقيب عن الغاز خصوصاً بعد تطورات أوكرانيا. إضافة إلى الإطار الذي تعمل عليه مصر واليونان وقبرص، بما يتخطى منتدى غاز الشرق الأوسط، من أجل تسهيل نقل الغاز إلى أوروبا. والدول الثلاث سبق أن عقدتْ سلسلةَ لقاءات رفيعة ولا سيما بعد توقيع مصر وقبرص اتفاقاً لمد خط أنابيب من حقل أفروديت القبرصي، بغرض تسييلها في مصر وإعادة تصديرها إلى أوروبا.

وقد لعبتْ مصر دوراً في الاتصالات لتهدئة الوضع، علماً أن هناك اتجاهاً لبنانياً إلى الضغط من أجل أن يتم إطلاق عملية التفاوض تزامناً مع تحريك ملف استجرار الكهرباء من مصر العالق أميركياً. وهذا يعني تشابك الاتصالات والمفاوضات مع واشنطن من أجل تحريك الملف النفطي والكهربائي معاً.

في موازاة ذلك، يعمل لبنان للضغط في الشق المتعلق بالتنقيب، علماً أنه متأخر كثيراً عن مواكبة العملية الإسرائيلية في التنقيب واستخراج الغاز وتأمين سبل تخزينه ونقله، فيما تبدو إسرائيل أكثر جهوزية قياساً إلى رغبة أوروبا في الاستعجال بعد حرب أوكرانيا من أجل سدّ الثغر النفطية وحاجاتها من الغاز. وقد سبق للسفيرة الفرنسية في بيروت آن ماري غريو أن زارت رئيس البرلمان نبيه بري وأبلغتْه أن شركة توتال ستكون جاهزة لمباشرة العمل في الجانب اللبناني من الحدود البحرية بمجرد الإعلان عن توصل لبنان وإسرائيل إلى اتفاق على ترسيم الحدود، وأكدت أن الشركة الفرنسية لا تريد العمل في منطقة توتر أو خلاف، وهي كغيرها من الشركات العالمية تريد ضمان الاستقرار الأمني والسياسي في منطقة عملها.