IMLebanon

لبنان إلى شهر الملفات الساخنة: الترسيم والرئاسة

كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي الكويتية”:

ينطلق في لبنان أسبوعٌ وشهرٌ يزدحمُ بمحطاتٍ بارزةٍ من شأنها بلْورة ولو بعض من ملامح استحقاقات دستورية باتت تتداخل مع ملفات حيوية وتتشابك مع الانهيار الشامل الذي يعصف بالبلاد منذ نحو 3 أشهر، وسط مخاوف من أن كل الفتائل السياسية والمالية والشعبية باتت تشكل قنبلة موقوتة قد تنفجر بالوطن الصغير ما لم يتم تعطيل صاعقها… في ربع الساعة الأخير.

وينطبع الأسبوع الأول من آب باحتفال عيد الجيش اللبناني غداً والذي يتزامن مع محادثاتٍ حاسمة للوسيط الأميركي في ملف الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل آموس هوكشتاين الذي يصل إلى بيروت اليوم، كما بالذكرى الثانية لانفجار المرفأ في الرابع من الجاري، وهي المحطات التي ستحجب حِراكَ الكواليس الذي يتكثّف مع بدء العدّ التنازُلي لانطلاق المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في 31 آب (حتى 31 تشرين الأول)، في استحقاقٍ بات يختزل المشهد اللبناني بامتداده الإقليمي وصارت كل الملفات وحساباتها موصولةً به.

وفي حين تتجه الأنظار إلى احتفالية عيد الجيش باعتبار أنها ستحمل أول التقاءٍ وجهاً لوجه بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المكلف تشكيل الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي منذ نحو 3 أسابيع، وسط سعي من رئيس البرلمان نبيه بري لجمْعهما ثنائياً أو معه في محاولة لاجتراح ما أسماه «العجيبة» (المعجزة) التي تتيح استيلاد «الحكومة المستحيلة»، فإن مهمة هوكشتاين تطلّ على عنوانٍ تُضخ على تخومه مناخاتٌ إيجابية سيتعيّن رصْد الحقيقي من «الدخاني» فيها.

وتسود أجواء تشي بأن زيارة هوكشتاين ستخلص لمعاودة إحياء «طاولة الناقورة»، أي المفاوضات غير المباشرة تحت علم الأمم المتحدة وبوساطة الولايات المتحدة والتي قد تشكّل «وقتاً مستقطعاً» تحتاج إليه «اللحظة الإقليمية» قبل أن تتحدّد معالمُ قضايا إقليمية ودولية شائكة لا يمكن تَصَوُّر أن بالإمكان عزْل ملف الترسيم البحري عنها، من مفاوضات النووي الإيراني إلى «حرب الغاز» بين روسيا والغرب التي اشتعلت كواحدة من أبرز تشظيات النزاع في أوكرانيا، والتي صارت ثروة حقل كاريش أحد «أنابيب الأوكسيجين» لأوروبا من «الاختناق بالغاز».

وعشية وصول هوكشتاين، فإن تقارير إسرائيلية تحدثت عن إيجابياتٍ، مع رمي مقترحاتٍ يرجَّح أن تكون محور بحث على طاولة الناقورة مثل سعي تل أبيب لتكريس «حقوق اقتصادية» في المنطقة المتنازع عليها أي بين الخطين 1 (الاسرائيلي) و23 (اللبناني الموثق لدى الأمم المتحدة)، والتي طرحت بيروت أن تتنازل عن الخط 29 (يقع جزء من حقل كاريش ضمنه) لقاء الحصول عليها كاملةً زائد جيْبٍ جنوب الـ 23 يضمن لها كل حقل قانا.

وبطرح تل أبيب، وفق تقارير إسرائيلية، «الحقوق الاقتصادية» في أي حقل يتم اكتشافه في المنطقة المتنازع عليها مع تقديم مخطط للتوزيع العادل للأرباح المحتملة، تكون إسرائيل تسعى لتعويض «التنازل البحري» في الحقول بضمانات في الحقوق يُرجّح أنها «تصوّب» على حق الانتفاع من ثروات البلوك 8 اللبناني أو قسم منه يقتطعه خط فريدريك هوف كما خط هوكشتاين المعدّل المتعرّج، وسط أسئلة حول مدى إمكان قبول لبنان بمثل هذه الطروحات في ظل أمرين:

أولهما تأكيد بري أمس «لا للتنازل أو المساومة على ثروة لبنان النفطية أو التطبيع عبر شركة دولية»، معتبراً «أن الذهاب إلى الناقورة أحسن ما نروح على مطرح تاني، والمتفق عليه بين الرؤساء الثلاثة هو العودة لإتفاق الإطار». والثاني معادلة الردع التي رسمها «حزب الله» أخيراً ووضع معها الخيار العسكري على الطاولة تحت عنوان «لا استخراج إسرائيلياً من كل الحقول ما دام لا تنقيب لبنانياً» وأن المطلوب بلوغ اتفاق قبل سبتمبر وإلا تصبح كل الخيارات مفتوحة.

وفي موازاة هذا العنوان، تُنْذِر الذكرى الثانية لـ «بيروتشيما» بأن تتحوّل محطةً لإحياء «روح» انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 التي تغذّي إمكان استفاقتها، وقائع معيشية قاسية تمدّدت في الأيام الأخيرة، والأهمّ مصادفة ذكرى الانفجار الهيروشيمي الذي حوّل نصف بيروت دماراً ورماداً، مع تحوُّل سقوط إهراءات المرفأ التي تنخر جزءها الشمالي حرائقُ متناسلة منذ أكثر من أسبوعين مسألةَ وقتٍ وسط اكتفاء السلطات المعنية بـ «حراسة» انهيارها الوشيك وفرض طوق حولها.

وفي حين يرفض أهالي أكثر من 220 ضحية و6500 جريح ما يعتبرونه قراراً بمحو معالم «جريمة العصر» ومسرحها ويصرون على إبقاء الإهراءات شاهداً على واحد من أكبر 3 انفجارات غير نووية عرفها التاريخ عوض تحويلها «شهيدة» عن سابق تصوُّر وتصميم، كان لافتاً أمس تذكير «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) بأنّ «سقوط مبنى الاهراء محتمل في أيّ لحظة، إضافة إلى ارتفاع المخاطر الصحيّة الناجمة من تخمّر الحبوب والغازات السامة المنبعثة منها»، مشدداً على «ضرورة إزالة البناء المهدّم أسوةً بما حصل في الـTwin Towers بعد هجمات 11 سبتمبر، وبناء مجسّم عنه للأجيال في مكان مجاور».