IMLebanon

“مواصفات الرئيس”: “المعركة تحتدم بين جعجع وباسيل!

كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الأوسط”:

مع بدء احتدام معركة رئاسة الجمهورية والسباق على طرح المواصفات التي يرفعها كل فريق، يبدو الصراع واضحاً بين الخصمين اللدودين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» على هذا الاستحقاق، فيما كان لافتاً طرح رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، لجهة التمثيل الشعبي الذي يجب أن يتمتع به الرئيس المقبل وأن يكون ابن بيئته، في إشارة إلى الطائفة المسيحية.

وفيما بدا من كلام باسيل محاولة استبعاد النائب السابق سليمان فرنجية، المعروف على أنه مرشح «حزب الله» الذي لا يملك كتلة نيابية وازنة، واستدراج رئيس «القوات» سمير جعجع للمساومة، جاء رد الأخير برفضه أن «يلدغ من الجحر مرتين» مجدداً الدعوة للمعارضة للاتفاق على مرشح يتحدى باسيل و«حزب الله» واصفاً الرئيس ميشال عون بأنه «أضعف رئيس في تاريخ لبنان».

وفيما يبدو مستحيلاً التقارب بين الحزبين المسيحيين اللذين يملكان أكبر كتلتين نيابيتين، أو أن يتم التوافق على أحد رئيسيهما، باسيل وجعجع، يعتبر حزب «القوات» أن أي دعوة، إذا حصلت، من قبل البطريرك بشارة الراعي لجمعهما أو جمع القادة المسيحيين هي دون جدوى في ظل الخلاف الوطني الحالي، فيما يعتبر «التيار» أن مثل هذا اللقاء «أساسي» في التحضير لاستحقاق رئاسة الجمهورية.

وترفض مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» القول إن رئيسه حصر المنافسة بنفسه أو حاول استدراج جعجع للمساومة على رئاسة الجمهورية، مع تأكيدها أن خيار التوافق مع رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية لم يسقط شرط أن يترافق مع الشروط التي وضعها باسيل وهي إما أن يكون للرئيس كتلة نيابية وازنة أو يكون مرشحاً من قبل كتلة نيابية مسيحية وازنة.
وفيما تقرّ المصادر بوجود كتلتين مسيحيتين وازنتين هما «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، تؤكد أن «ما قاله باسيل لم يقصد به حصر الترشح بنفسه أو برئيسي الحزبين اللذين يمثلان هذه الكتل»، مذكرة بقوله إنه «ليس مرشحاً للرئاسة ولا يسعى لها». وتوضح: «ما قاله باسيل يرتكز على أمور أساسية هي أن يكون المرشح ابن بيئته أي أن تخرج العروس من بيت أبيها وألا تتم مصادرة قرار ترشيح الرئيس من قبل الكتل المسلمة، ولا يمكن تخطي هذا المبدأ الميثاقي لا سيما بعد الرئيس ميشال عون الذي أثبتت الانتخابات في عام 2018 وفي عام 2022 أنه يملك أكبر كتلة نيابية».
من هنا، تشرح المصادر مقصد باسيل بمستويين: «الأول هو أن يكون المرشح رئيس كتلة نيابية مسيحية وازنة على غرار الرئيس ميشال عون أو أن يكون مرشحاً من قبل كتلة نيابية وازنة، وهذا الخيار ليس محبذاً لأنه وبكل بساطة قد تعمد الكتلة إلى سحب الثقة منه لاحقاً إذا حصل خلاف بين الطرفين، وبالتالي يفقد الشرعية المسيحية التي حصل عليها». وتشدد المصادر، في هذا الإطار، على دعم «التيار» لأي طرح يقدمه البطريرك الماروني بشارة الراعي لجمع القيادات المسيحية للبحث في انتخابات الرئاسة، و«قطع الطريق أمام استيلاء الأطراف الأخرى على القرار الرئاسي».
وترفض المصادر اعتبار توصيفات باسيل استدراجاً لكل من جعجع وفرنجية أو طرح نفسه كصانع للرؤساء. وتؤكد أن «باسيل ليس طامحاً للرئاسة، لكنه سيخوض معركة إذا كانت هناك محاولة لمصادرة قرار ترشيح الرئيس من قبل الكتل الإسلامية، لأنه وبكل بساطة هو يدعو لتطبيق الميثاقية».

في المقابل، تجد مصادر في «القوات» اللبنانية غياب أي مساحة مشتركة أو إمكانية التقارب مع «التيار»، معتبرة أن باسيل تحوّل من الحديث عن التمثيل المسيحي إلى التمثيل الشعبي لرئيس الجمهورية، بعدما فقد «التيار» التمثيل المسيحي لصالح «القوات» وبات يعتمد على «الرافعة الشيعية»، أي «حزب الله»، مشيرة إلى أن هناك غضباً شعبياً ضده من مختلف الطوائف وعلى رأسها المسيحية.
وتوضح المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة «مقاربتين لرئاسة الجمهورية: تلك التي يقدمها باسيل التي اختبرناها في العهد الحالي وتهدف لتغطية جمهورية حزب الله في لبنان وأوصلت لبنان إلى الكارثة والانهيار والعزلة، وتلك التي تقدمها القوات لجهة قيام جمهورية مختلفة تماماً وهدفها إخراج لبنان من هذا الواقع».
من هنا، تعتبر المصادر أن «القوات» باتت اليوم «الممثل الأقوى الشعبي والمسيحي وتعكس الخط التاريخي للمسيحيين في لبنان، بينما باسيل وعون عندما كانا الأكثر تمثيلاً انقلبا على الخط المسيحي التاريخي من خلال ضرب كل ثوابت المسيحيين لجهة قيام دولة وسيادة وتعددية وحرية وديمقراطية واستقلال وأعطيا كل هذه المقومات لدولة حزب الله».
وعن إمكانية القبول بحضور لقاء يجمع القادة المسيحيين في بكركي إذا دعا إليه البطريرك بشارة الراعي، تقول المصادر إن الراعي ليس في وارد الدعوة لمثل هذا اللقاء. وتوضح: «نحن نعتبر أن الخلاف هو خلاف من طبيعة وطنية حول مشروعين سياسيين، مشروع لبناني وغير لبناني مع حزب الله. وبالتالي هناك انقسام وطني كبير وهو لا يستدعي اجتماعاً مسيحياً بين فريقين مسيحيين أو أكثر، كما أنه لا جدوى منه في ظل هذا الخلاف بين رؤيتين».