IMLebanon

هل تصبح مي الريحاني أوّل رئيسة للبنان؟

جاء في “المركزية”: 

اعتبارا من يوم غد، يُشرِّع المجلس النيابي أبوابه للاستحقاق الرئاسي، في ضوء عزم رئيسه نبيه بري توجيه دعوة الى جلسة تعقد في الاسبوع الاول من ايلول انسجاما مع رغبة رأس الكنيسة المارونية، لانتخاب رئيس جمهورية يخلف الرئيس ميشال عون اعتبارا من ليل 31 تشرين الاول المقبل. 61 يوما، يفترض ان يختار خلالها نواب الامة رئيسا للسلطات وحاميا للوطن وساهرا على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه.

ومع دخول المدار الرئاسي، لم تسجل بورصة الترشيحات الرسمية المعلنة سوى اسمين، الاول لزياد حايك الامين العام السابق للمجلس الاعلى للخصخصة، والثاني للسفيرة في الاردن سابقا ترايسي شمعون، سليلة العائلة الشمعونية وحفيدة الرئيس كميل شمعون التي اعلنت ترشحها الاثنين الماضي، فيما يقبع آخرون يصنفون انفسهم “مرشحين طبيعيين” عند كل استحقاق، خلف كواليس عدم القدرة على تأمين التوافق حولهم ليس على مستوى الأصوات المطلوبة لانتخابهم بالإقتراع السري  وهي بغالبية الثلثين في الدورة الأولى، والغالبية المطلقة في دورات الإقتراع التي تلي، فحسب، وانما داخل البيت الواحد في فريقي السلطة والمعارضة ، حيث يتعذر حتى الساعة الاتفاق على مرشح.

ازاء هذا الواقع، ونسبة للخطر الداهم الذي يزّنر البلاد، يبدو جلّيا ان انتخاب رئيس في اسرع وقت لم يعد يحتمل تريثا او استمهالا طويلا، لان ما اتخذ من ذرائع في سوابق تأخير الانتخاب لم يعد “صالحا” للتجربة الحالية التي تملي سرعة استثنائية في انجاز الاستحقاق ، بعيدا من ترف المناورات والاختباء خلف ذرائع المنظومة الممجوجة، وقد أعادت قواها استنهاض نفسها من كبوة الانتخابات النيابية، لبسط سطوتها على سائرالاستحقاقات الدستورية، فيما البلاد تمضي بسرعة قصوى نحو التحلل والزوال.

في 7 ايلول، ومن فندق البستان تحديدا، تطل مرشحة جديدة، على المشهد الرئاسي، هي مي الريحاني. اسم لم يألفه اللبنانيون كثيرا، لكونها قضت 45 عاما بعيدا من الوطن، الا انها بقيت فيه قلبا وفكرا. فمن هي المرشحة الأنثى الثانية لرئاسة جمهورية لبنان؟

في عملية استقصائية سريعة اجرتها “المركزية” حول تاريخ وسجل الريحاني  الفكري والادبي والسياسي، يتبين انها اولا ابنة بلدة الفريكة، ابنة الاديب والناشر البرت فارس الريحاني مؤسس دار الريحاني للنشر عام ١٩٣٧،وعمها الاديب امين الريحاني، متحدرة  من عالم الادب والفكر والخبرة في الانماء العالمي وتمكين المرأة، اذ في سجلها أكثر من احد عشر كتابا، ثمانية منها باللغة الإنكليزية وثلاثة بالعربية.

هي مديرة كرسي جبران خليل جبران للقيم والسلام في جامعة ميرلاند في الولايات المتحدة الاميركية وعضو في الجامعة الثقافية اللبنانية في العالم وفي لجنة التنسيق اللبنانية- الأميركية. تمضي الريحاني ٤٠٪ من وقتها في دول العالم، حيث عملت مع أكثر من ٤٠ حكومة ونجحت بفضل كفاءاتها وقدراتها في  اقناع اكبر عدد من المجموعات والمنظمات المانحة في وضع مشاريع وعقود وبرامج عمل في مجال الانماء التربوي، لدول عدة في الشرق الأوسط وافريقيا وآسيا. تجمع في سيرتها المهنية بين الاقتصاد والتربية والنضال السياسي الذي بدأته في صفوف الدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت، حيث درست العلوم السياسية ونالت شهادة الماجيستير في العلاقات الدولية، وكانت امينة سر رابطة الطلاب وعضوا في اللجنة التنفيذية لاتحاد طلاب الجامعات لسنوات عدة قبل ان تنتقل لمتابعة درساتها في باريس ومنها الى الولايات المتحدة الأميركية.

صحيح  انها تقيم في واشنطن، الا انها لم تنقطع يوما عن لبنان وقد اعتادت متابعة اخباره عبر قراءة الصحف اللبنانية يوميا، وابرز الداعمين لها هم لبنانيون في الوطن وفي دول الاغتراب حيث تنشط في شكل واسع دعما لقضايا لبنان. وقد تلقت رسائل كثيرة من لبنانيين مغتربين، قرروا المجيء الى لبنان لحضور مؤتمرها الصحافي الذي ستعلن فيه ترشيحها الى رئاسة الجمهورية ، في ٧ أيلول.

في برنامجها الانتخابي الذي ستعلنه للرأي العام اللبناني ، تعرض المرشحة الريحاني رؤيتها لكل القضايا الشائكة في لبنان، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. بالنسبة اليها أي سلاح خارج المؤسسات العسكرية الرسمية هو سلاح غير مشروع، وعنه تقول لـ”المركزية”: إذا كانت هناك إرادة لإعلاء مصلحة لبنان على جميع المصالح الأخرى ، فيمكن إيجاد حل لهذه القضية. أنا متفائلة.

تقر المرشحة الرئاسية بأن سلطة رئيس الجمهورية في لبنان تضاءلت إلى حد ما منذ اتفاق الطائف، ولكنها تعتبر أيضا أن هناك العديد من القضايا التي يمكن للرئيس أن يؤثر فيها بشكل إيجابي إذا كان مصمما على ذلك.  وتضيف “خلال الثلاثين عامًا الماضية ، افتقر قادتنا الى فعل ما هو في مصلحة الوطن ، لمصالح الأحزاب والسياسيين وأصحاب النفوذ، وقد ان الأوان لتغيير هذا النموذج من العمل.

عن الدعم الخارجي، وهل من دولة اجنبية او عربية تتبنى ترشيحها او تقف خلفه؟ تجيب بحزم ” لا أعتقد أن المرشح الرئاسي يجب أن ينبثق من هذا النوع من الدعم الأجنبي. الرئيس الجديد  يجب ان يكون محليًا ودعمه الأول من الداخل اللبناني، لكن بمجرد توليه القيادة ، عليه او عليها العمل على تأمين دعم كل الدول لبلد الارز.

المعلوم أن لدى مي الريحاني علاقات متينة دولية وعربية بفضل عملها من خلال الأمم المتحدة  في مجال البرامج الإنمائية التربوية للفتيات وتمكين المرأة،  كما اكتسبت بعدها العربي كونها ابنة شقيق امين الريحاني صديق الملك السعودي عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وواضع اول رواية عربية باللغة الإنكليزية وصاحب كتابي”تاريخ نجد وملوك العرب”، و”الرسائل المتبادلة”، . فما الذي يحملها للترشح الى رئاسة جمهورية بلد مفلس ومنهار؟

“صحيح كان يمكنني ان اواصل التفرج عن بعد على معاناة وطني، بينما أعيش في الخارج في ظروف مريحة، اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وامنيا”، تقول الريحاني، “لكنني افضل ان اكرس السنوات الست القادمة من حياتي لوطني الام والعمل على إنقاذه من دمار مادي واقتصادي عانى ولا يزال منه بشكل غير مبرر، وذلك على الرغم من كل التحديات غير المسبوقة التي ادرك أنني سأواجهها كرئيس ، إذا تم انتخابي”.

انقاذا للكيان اللبناني واستعادة للدولة، قررت مي الريحاني الترشح لرئاسة جمهورية لبنان. فهل تخوّلها سيرتها الذاتية الزاخرة فكريا وسياسيا وشبكة علاقاتها العنكبوتية التي نسجتها على مساحة العالمين الغربي والعربي، وهي اكثر ما يحتاجه لبنان في المرحلة المقبلة لاعادة تموضعه على الخريطة العالمية، بعدما بات مهمشا ومعزولا، دخول قصر بعبدا لتنفيذ مهمتها الانقاذية، ام ان الصراعات السياسية التي دمرت لبنان لن تسمح للانقاذيين بالوصول، ولن تترك مساحة لأي وطني اصيل بتحقيق الحلم؟