IMLebanon

جعجع ينهي عهد عون قبل أوانه!

كتب سعد الياس في “القدس العربي”:

بعد أيام قليلة على خطاب رئيس مجلس النواب نبيه بري الناري تجاه العهد والتيار الوطني الحر مستهدفاً مقولة «ما خلّونا» فإن الانتباه يتركّز اليوم الأحد على ما سيعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في قداس «شهداء المقاومة اللبنانية» في معراب، حيث يتوقّع أن يشنّ هجوماً مماثلاً على «عهد الانهيار» وتياره ويفضح الكثير من الممارسات بمفعول رجعي، محمّلاً الثنائي حزب الله والتيار البرتقالي مسؤولية الانهيار وإيصال البلد إلى جهنّم، ومؤكداً أن لا خلاص إلا من خلال انتخاب رئيس سيادي وإصلاحي يسترد قرار الحرب والسلم للدولة ولا يكون مطيّة لمشروع حزب الله.

وتختلف اطلالة جعجع في هذه الذكرى عن اطلالاته السابقة على أهميتها، فهو اليوم انتزع في الانتخابات النيابية الأخيرة صفة الممثل الأكبر للمسيحيين ورئيس أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب التي تخوّله أن يكون من أبرز المرشحين الطبيعيين إلى الرئاسة ولكن ليس على طريقة «أنا الرئيس أو لا أحد». ومن صفة الممثل الأكبر للمسيحيين سيخاطب جعجع بنبرة عالية محور الممانعة ومَن تنازلوا عن سلطة وسيادة الدولة وضربوا مؤسساتها وحوّلوها إلى دولة فاشلة يحكمها فاسدون، معتبراً أنه يستحيل الخروج من الأزمة من دون استعادة الدولة المخطوفة وقرارها الحر وحصرية السلاح بيد الجيش وقواها الأمنية وضبط الحدود والتهريب وإعادة علاقات لبنان العربية والدولية.

واللافت أن شعار القوات في ذكرى شهدائها هذه السنة يحمل عنوان «العهد لكم» ويحمل هذا الشعار أكثر من رسالة في زمن الاستحقاق الرئاسي المرتقب.
وقد سألت «القدس العربي» وزير الإعلام الأسبق النائب ملحم رياشي عن مغزى ورمزية عنوان «العهد لكم» في هذا التوقيت، فقال «لأن عهدنا للشهداء ان نبقى أوفياء لهم. كل العهود تذهب سواء كانت جيدة أو كارثة، إلا انها تذهب إلا عهدنا للشهداء لانهم دوماً معنا أحياء عند ربهم يرزقون»!

وعن الرسالة التي سيتوجّه بها رئيس حزب القوات وهل يمكن ان يعلن ترشيحه رسمياً؟ يجيب رياشي «الموضوع ليس ترشيح رئيس القوات، انما تأمين مواصفات الشجاعة الاستثنائية التي يتمتع بها في أي مرشح نتفق عليه لمواجهة الحالة الكارثية الراهنة».
وعن نتيجة الاتصالات التي أجراها مع نواب تغييريين وسياديين حول موضوع تنسيق الموقف من انتخابات رئاسة الجمهورية، يقول «الاتصالات على قدم وساق ولسنا بعيدين عن بعضنا البعض، ولكن الأمور تحتاج إلى جهد إضافي، والأمور بخواتيمها، وبعد الاطلاع على مبادرة نواب التغيير يبنى على الشيء مقتضاه».

وفيما يبدي كل الاحترام للترشيحات التي بدأت تبرز سواء لترايسي شمعون أو مي الريحاني، يُسأل عن جديد العلاقة على خط معراب المختارة بعد التباعد في مقاربة الملف الرئاسي وتأكيد جنبلاط على عدم امكانية انتخاب مرشح غير وسطي في ظل التوازنات الحالية للمجلس؟ فيجيب «ليست هناك مقاربة واحدة ولكن العمل للاتفاق على منطقة مشتركة متواصل وانا متأكد انه سيصل إلى مبتغاه».

وهل سيتمكن حزب الله من فرض مرشح رئاسي هذه المرة كما فعل مع العماد عون؟ يسارع رياشي للقول «بالتأكيد لا، الأمور مختلفة تماماً وقوى المعارضة على تشتتها اتفقت على منع ذلك. بينما منذ ست سنوات انهارت جبهة 14 آذار قبيل انطلاق المواجهة. واستسلمت في معركة عض الأصابع. هذا الحديث يطول وسوف يأتي موعده مع التاريخ».
وكيف يقرأ هجوم الرئيس نبيه بري على العهد والتيار الوطني الحر؟ «هو نتيجة طبيعية للاختلاف العميق بينهما على معظم الأمور حتى لا نقول كل الأمور».

وهل هو نادم على اتفاق معراب الذي عمل عليه؟ يقول «اكتفي الآن بسبب واحد من اثني عشر سبباً: لو لم تكن المصالحة واتفاق معراب، لكان كل ما حصل ويحصل اليوم تمّ تحميل مسؤوليته زوراً لنا والأخطر هنا ان الرأي العام ما كان ليصدّق ذلك. اما بعد الاتفاق واجتياح القوات للصوت المسيحي وقلبه بعد 40 سنة عجاف، فعليهم هم ان يندموا وليس نحن. وللبحث تتمة!».
وإذا تمّ جمع هجوم بري مع هجوم جعجع يمكن القول إن القطبين أنهيا عهد عون قبل أوانه بشهرين، بعدما اختبأ لتبرير فشله خلف شعار «ما خلّونا» وبعدما هوّل باجتهادات غب الطلب لتلبية طموحات وريث العهد، وتشكّل هذه الاجتهادات حسب اشارة الرئيس بري «محاولة للعبث بالدستور وللتذاكي بإعادة عجلة الزمن إلى الوراء إلى ما قبل الطائف».

وفي ضوء التناغم غير المباشر بين موقفي بري وجعجع، لا يُستبعَد أن يعود التيار البرتقالي لاتهام الطرفين بالتواطؤ الضمني بعدما امتنع التيار عن الرد على رئيس المجلس الذي أطلق العنان لحملته في حضور وزير الطاقة وليد فياض ونائب التيار غسان عطالله الذي قيل إنه كان بصدد الانسحاب من ذكرى الإمام المغيّب موسى الصدر.

يبقى أنه انطلاقاً من كلام النائب رياشي فإن على التيار أن يتلو فعل الندامة بسبب الانقلاب على اتفاق معراب وخسارة الحليف المسيحي الأقوى الذي لولا الطعنات التي تلقّتها القوات لكان عهد عون ليكون فعلاً من أقوى العهود وأكثرها تحقيقاً للتوازن الوطني الإسلامي المسيحي الذي سيختلّ إن لم يأت رئيس قادر فعلاً لا قولاً على استعادة الجمهورية وقرارها الحر غير المرتهن وعلى تمييز الدولة عن الدويلة ورفض الدخول في مساومات.