IMLebanon

كيف تأثّر مبيع المنتجات الزراعية مع انتشار الكوليرا؟

كتبت ليا مفرّج في “المركزية”:

مع انتشار الكوليرا في لبنان وارتفاع عدد الإصابات، بدأ الاختصاصيون والأطباء بنشر سبل الوقاية منه، تفادياً لالتقاط هذه العدوى البكتيرية التي تساهم المياه الملوثة بشكل أساسي في انتقالها. وصدرت العديد من التحذريرات والتنبيهات حول تناول الخضار والفاكهة الممكن أن تتسبب في التقاط المرض ما لم تغسل وتعقم بشكل جيدٍ أو حتى في حال كانت مروية بمياه آسنة. فكيف تأثر مبيع المنتجات الزراعية ما بعد بروز الكوليرا في لبنان؟ وأي مياه تستخدم لري السهول والمناطق الزراعية الداخلية؟

رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك يكشف لـ”المركزية” أن “الحشائش كانت الأكثر تأثراً بسبب حملات التخويف، خصوصاً أن مصدرها غير معروف، ما أدى إلى انخفاض نسب استهلاكها وبالتالي تدنت الأسعار نتيجة تراجع الطلب، فسعر 24 ربطة بقدونس مثلاً كان يتراوح ما بين الـ150 والـ200 ألف ليرة لبنانية، أما اليوم فتراجع إلى ما بين الـ40 والـ100 ألف ليرة”.

ويشرح أن “تلوث المياه في لبنان ثلاثة أنواع: الأول هو البكتيري الممكن أن يتسبب بأمراض معدية مثل الكوليرا، تعقيم المياه بالكلور قد يقتل البكتيريا، إلا أن من غير المحبذ استخدامه لأن بقاياه خطرة على الصحة. النوع الثاني هو التلوث بالمعادن الثقيلة مثل الزرنيخ والحديد وغيرها من المعادن التي تفرزها المعامل الصناعية وهي تدخل الجسد من دون ان تخرج منه، لذلك تراكمها يتسبب بمشاكل صحية خطيرة. أما النوع الثالث فهو بقايا المستشفيات، في البقاع مثلاً حوالي 10 مستشفيات من اصل 12 ترمي نفاياتها في الأنهر. إذاً، مخلفات المنازل التي تؤدي إلى الكوليرا أقل خطورة من النوعين الآخرين اللذين يؤديان إلى أمراضٍ سرطانية”.

ويوضح الحويك أن “المياه تكون صالحة للري إذا كانت البكتيريا في المليلتر الواحد أقل من 1000″، مضيفاً “لبنان مقسم بين مناطق ينابيعها وآبارها نظيفة وأخرى موبوءة. المياه نظيفة تحديداً في المناطق التي لا تشهد اكتظاظاً سكنياً على غرار رأس بعلبك، القاع، سهل البقاع البعيد عن مجرى الليطاني، الجرد بكامله (جرود ميروبا) وكل الجبال المرتفعة، كذلك سهل مرجعيون وغيره من السهول الجنوبية القريبة من الحدود الفلسطينية… في المقابل، الكثافة السكانية تعني تلوث المياه، علماً أن مياه بعض المناطق الساحلية نظيفة”.

ويشير إلى أن “وزارة الصحة والزراعة لم تقم بأي إجراءات ولو حتى لفحص مياه الري بعد انتشار الكوليرا”، لافتاً إلى أن “في العام 2017 كنت جزءاً من مشروع Lebanese and safe لفرز الإنتاج الزراعي من المصدر، فتم فحص مياه المزارعين وأجريت مئات الفحوصات وخرجنا بنتائج أظهرت لنا المياه النظيفة من الملوثة تبعاً للمناطق، مع تحديد مصدر التلوث. الدولة لم تدعم وتواكب هذا المجهود الشخصي ولم تنطلق منه بما يفيد مصلحة المستهلك”.

ويتابع “المشكلة من مسؤولية الدولة المباشرة وهي المجارير في مجاري الأنهر. كلّ المناطق الداخلية التي لا تصب قساطل الصرف الصحي التابع لها في البحر تحوّلها إلى مجاري المياه في الأودية. إلى ذلك، وفي فترات الحرب، كانت تحفر الآبار في مناطق عدّة لتحويل مياه الصرف الصحي إليها”، مذكرًا أن “مئات ملايين الدولارات صرفت لإنشاء حوالي 100 معمل لتكرير المياه المبتذلة، كان نفذها مجلس الإنماء والإعمار إلا أن أغلبيتها خارج الخدمة. أيضاً تم سن قانون خاص لتلوث نهر الليطاني ورصد له ما بين 800 مليون إلى مليار دولار لتنظيفه، غير أن أي خطوة لم تنفذ في السياق والنتيجة أن تلوث الآبار والينابيع هائل لأن مياه الأنهر الملوثة تتسرب إلى الطبقات الجوفية”.

ويختم الحويك “المزارع غير مسؤول نهائياً عن التلوث، المفترض على الدولة متابعة الملف، إلا أنها متقاعسة، وكل ما يقال يبقى حبرا على ورق” .