IMLebanon

الحزب يستغل الرضى الدولي عليه في الترسيم لتغيير وجه لبنان؟

جاء في “المركزية”:

قبل أيام من نهاية عهد الرئيس  ميشال عون  اقدم طلاب من “حزب الله” وحلفائه على اقامة الصلاة في الباحة الكبرى للجامعة الانطونية في بعبدا، ردّا على امتناع إدارتها استحداث مصلّى للطلاب المسلمين البالغ عددهم نحو 37 طالبا. وأوضحت ادارة الجامعة في بيان” أن الطابع الكهنوتي لهذه الجامعة لا يتلاءم مع اقامة مصلّى، وأن على الطالب في أي جامعة الإلتزام بقوانينها”.

مرّ الحدث مرور الكرام على أساس أن الإستحقاقات السياسية والإقتصادية والإجتماعية لا تسمح بالتوقف عند “إشكال عابر” علمأ أنه لا يقل أهمية عن كل هذه الإستحقاقات مجتمعة نسبة لابعاده المحتملة.

خرج الرئيس عون من القصر، وإذ بحدث أكثر خطورة يمر أيضا بشكل عابر مع أنه يمس بصورة لبنان وانتمائه إلى ميثاق الأمم المتحدة ويتمثل بامتناع لبنان عن التصويت على اتهام إيران بالتمييز ضد الأقليات  الذي أقرته “لجنة الشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية” في الأمم المتحدة.

محور الحدثين إيران والمحرك في الداخل اللبناني حزب الله والسفير الإيراني محبتي أماني الذي وعلى رغم النفي بعدم تطرقه لموضوع التصويت في الأمم المتحدة أمام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب الذي زاره، إلا أن الرسالة التي وجهت إليه كما إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كانت واضحة ومباشرة…لا للتصويت على القرار!

الكاتب السياسي الياس الزغبي أسف عبر “المركزية” لمحاولات إيران وحزب الله الإطاحة بالإستقلالية الجزئية التي اتخذها لبنان في المرحلة الأخيرة ويقول” في الأسابيع الأخيرة بدأ لبنان بالتزاماته الدولية والعربية ولو بصورة خجولة خصوصاً بعد حرب أوكرانيا. لكن للأسف  استطاع حزب الله وإيران الإطاحة بهذه الإستقلالية بالنسبة إلى التصويت في مجلس حماية المرأة الإيرانية وحقوقها.وكان فاقعاً جداً التدخل المباشر للسفير الإيراني مع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ورئيسها نجيب ميقاتي شخصياً. وجاء الإسناد بهذا التدخل من قبل حزب الله باتصالات تضمنت نوعاً من التهديد والوعيد لميقاتي وبو حبيب معاً إضافة إلى حملة إعلامية مركزة عبر وسائل الإعلام كافة بالتهويل على السلطة اللبنانية لعدم توقيع إدانة لجنة حقوق  الانسان لإيران “.

دلائل عديدة حملتها هذه الخطوة التي لا تعكس وجه لبنان لا سيما في هذه المرحلة أولها “أن حكومة تصريف الأعمال لا تزال خاضعة لقرار حزب الله خلافاً للإيحاءات السابقة بأنها أكثر إستقلالية وحرية في الموقف والسياسة الخارجية وذلك تأسيساً على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، باعتبار أنه رسم خطاً منفتحاً من الحزب وإيران على المجتمع الدولي وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية. وقد تدخلت المصلحة الإيرانية المستندة إلى مشروع التمدد في المنطقة بالضغط على قرار الحكومة .وهذا يؤشر بحسب الزغبي إلى أن حلقات المشروع الإيراني باستتباع لبنان وفصله عن بيئته العربية والدولية لا يزال مستمراً ولو بوتيرة أقل حدة. إلا أن هذا الموقف الأخير من لبنان يؤكد أن المشروع الإيراني يستكمل خطواته بحدودها الدنيا كما في الجامعة الأنطونية، وبحدودها العليا كما في قرار لجنة حقوق الإنسان”.

ويضيف: “أولى الخطوات الواجب اتخاذها استنهاض القوى اللبنانية خصوصا السيادية منها، لوقف تمدد هذا المشروع الذي يهدد هوية لبنان ومعناه كدولة ووطن ورسالة. كذلك الضغط السياسي الداخلي والخارجي مع الوعي الشعبي لإعادة إنتاج السلطة اللبنانية بدءاً من رأسها أي رئيس الجمهورية وصولا إلى حكومة جديدة ومؤسسات”.

قد يقال بأن شغور مركز الرئاسة الأولى لم يبدّل شيئا في القرار في هذه الحالة إذ كاد الرئيس السابق أن يكون أكثر ليونة وانسجاما مع الموقف الإيراني وحزب الله لحسم موقف وزارة الخارجية في اتجاه رفض القرار الدولي. فماذا تغير إذا؟. “أثبتت مسألة الشغور الرئاسي أن حزب الله لا يقيم وزناً لأي رئاسة مليئة أو شاغرة ولا لأي حكومة أصيلة كانت أم وكيلة، ولا لأي إدارة كاملة أو ناقصة، وهو يتابع خطواته متظللاً هذه المرة بنوع من الرضى الدولي نظراً إلى دوره الإيجابي في تسهيل ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل والإقرار بالتطبيع الضمني معها. وهنا يكمن تخوّف اللبنانيين الأحرار من أن يكون حزب الله يستغل هذا الرضى الدولي كي يتفرد أكثر بالقرار الإستراتيجي للدولة اللبنانية ومن ضمنه مسألة الرئاسة الأولى ،بحيث يعطل انتخاب رئيس الجمهورية تحت ستارة التوافق، بينما يسعى علناً كما جاء على لسان أمينه العام ورئيس كتلته النيابية وآخرين من كوادره إلى إيصال الرئيس “الذي يريد”.

يحصل كل ذلك والدولة غارقة في احتساب أصوات المعارضة والمستقلين والتغييرين وفريق الممانعة داخل مجلس النواب للوصول إلى الثلثين أو الثلث زائد واحد لانتخاب رئيس للجمهورية. لكن بالنسبة إلى المجتمع الدولي الأمر يختلف. “والأكيد أن هذا التورط الذي أُجبِرَ عليه لبنان ضد سياق الرأي العام الدولي ولجنة حقوق الإنسان يقدم صورة غير سليمة ومشرفة للبنان الذي طالما التزم في تاريخه منذ إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920 وخصوصاً مفترقي الإستقلال الأول عام 1943 والثاني في ال2005 وكان سباقا في الدفاع عن حقوق الإنسان”.

خلاصة الكلام”إن تشويه هذه الصورة يؤدي إلى نجاح المشروع الذي يسعى إلى تدمير القيم اللبنانية، وقيم الجمهورية والأسس التي نهض عليها لبنان كما شاءته بكركي وقواه الفاعلة منذ أكثر من قرن من الزمن”يختم الزغبي.