IMLebanon

الصناعة اللبنانية تقاوم الأزمات… فهل يضربها الدولار الجمركي؟

تقرير ماريا خيامي:

بصعوبة يحاول القطاع الصناعي اللبناني الحفاظ على استمراريته، حاله حال مختلف القطاعات الأخرى، في ظلّ الفوضى العارمة في البلد والظروف الاقتصادية والمالية التي تزداد سوءاً منذ العام 2019.

ويعتبر دعم الإنتاج المحلي من الركائز الأساسية للنهوض بالاقتصاد وتحسين نموّه، خصوصًا في بلد يستورد أكثرية احتياجاته مثل لبنان.

وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، فإن الصناعة اللبنانية ما زالت في وضع جيد نسبياً، ولكن برزت مؤخرا مشكلة جديدة، يترقّبها التجار والمصنّعين حاليا، وهي رفع الدولار الجمركي، وسط غموض تام حول مصير الأسعار في المستقبل القريب.

في هذا السياق، أكد رجل الأعمال ومؤسس شركة Belinda Atelier وائل رومية، وهي شركة لبنانية تصنع الأحذية والحقائب، لموقع IMLebanon أنه “بعد رفع الدولار الجمركي سترتفع أسعار السلع المصنّعة محلياً، وذلك موازاة مع ارتفاع أسعار المواد الاولية” لافتا إلى أنه “في حال اُعفيت المواد الاولية من الرسوم الجمركية فقد لا تتأثر الاسعار كثيرا”.

وأعرب رومية عن تخوفه من استغلال بعض التجار موضوع رفع الدولار الجمركي من أجل رفع الأسعار بشكل كبير، وهذا الأمر سيؤثر حتماً على القدرة الشرائية لدى المواطنين، وبالتالي سيؤثر هذا الأمر على الإقبال على شراء السلع، إذ ان التجار يستغلون أيضاً موضوع ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء، مضيفا: “نتمنى السيطرة على هذا الأمر لألّا نصل إلى مزيد من التضخم، ما سيؤدي حكماً إلى تراجع الطلب، وإقفال بعض المؤسسات.”

كما طالب بتنفيذ سياسة الإعفاء الضريبي للمواد الأولية التي تستوردها المصانع اللبنانية بهدف دعم الإنتاج الوطني.

أما عن كلفة التصنيع في لبنان، فأشار إلى أن كلفة الإنتاج ارتفعت كثيرا، في ظل الأزمات المتتالية، من ارتفاع سعر الدولار الذي كبّدهم خسائر كبيرة، إلى تحليق أسعار المحروقات، إضافة إلى ارتفاع أجور العمال بشكل خيالي، ودولرة أسعار المحال التجارية، مضيفاً أن الحلّ كان بدولرة أسعار الأحذية، ما حدّ من الخسائر.

إشارة إلى أن مؤسسة Belinda atelier والكثير من المؤسسات المصنّعة في لبنان، تستورد غالبية المواد الاولية من الخارج، التي ارتفعت أسعارها بشكل هستيري، ليس فقط بسبب الأزمات الاقتصادية في لبنان، بل بسبب الحرب الأوكرانية الروسية أيضاً، ومشاكل شبكات الشحن الدولية التي تضررت جراء جائحة كورونا ما أدى إلى ارتفاع إضافي بأسعار السلع.

وحول حجم الإقبال على الطلب، أشار رومية إلى أن “البيع بالتجزئة قد ارتفع في الآونة الأخيرة، وذلك نظراً إلى أن السلع مصنعة محلياً ما يؤدي إلى إمكانية بيعها بأسعار مقبولة، ولكن المشكلة تكمن في التوزيع بالجملة، لصعوبة منافسة السلع المستوردة من الخارج على سعر الـ1500، فالبضائع تصل من تركيا إلى التاجر بكلفة شحن قد تقل في بعض الأحيان عن كلفة شحن البضائع من داخل المدن اللبنانية، وهذا ما أثر سلباً على الصناعة اللبنانية المحلية”.

أما عن تطور الشركة في “عزّ الأزمة”، أوضح رومية أن “السبب يعود إلى انتاج السلع داخل لبنان، ما يتيح إمكانية المنافسة بالسعر، وهنا شدد على جدارة الصناعة المحلية”، مضيفاً أنه انكبّ على تقوية مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى تصنيف Belinda واحدة من أهم الماركات اللبنانية.

إلى ذلك، أكد صاحب متجر “Fluo” للألبسة، أن “كلفة التصنيع ارتفعت بشكل كبير مع ارتفاع أسعار القماش عالمياً، إضافة إلى ارتفاع سعر الصرف، ودولرة المعاشات وأسعار الإيجارات.”

وأضاف فابيو بو حبيب أن “الطلب على البضاعة لا يزال كما كان قبل الأزمة، ولكن الرّبح تراجع بشكل ملحوظ.”

كما لفت إلى أنه لم يصدّر حتى الساعة إلى الخارج، مضيفاً: “أسعى إلى تفعيل وتقوية الموقع الإلكتروني للشركة، والقيام بحملات دعائيّة لجذب الزبائن من خارج لبنان.”

وحول مصدر القماش، أوضح فابيو أنه يحصل عليه من داخل لبنان، كما يستورد من الخارج، لعدم توافر كافة أنوع القماش محلياً.

وفي السياق، أكد أن عدم استقرار سعر صرف الدولار يكبّدهم خسائر كبيرة، لافتا إلى “وجود كمية بضائع كبيرة،  وتغيّر سعر الصرف أمر متعب للغاية بسبب الحاجة إلى تغيير الأسعار بشكل مستمر”، وختم: “أحياناً أسأل نفسي: “هل بيحرز كل هذا العذاب؟”

إذاً لتعزيز القطاع الصناعي في البلاد، على الدولة اتخاذ اجراءات جدية لدعم المصانع والمعامل والمؤسسات المحليّة، لضمان استمراريتها وتجنب إغلاقها، كما عليها اتخاذ قرارات حاسمة وإقرار القوانين من أجل دعم الصناعات اللبنانية، فهل تخطو دولتنا هذه الخطوة؟