IMLebanon

مصير النازحين العائدين.. ماذا عن الحدود؟

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

بين الطواعية والإكراه يلملمون عمراً من النزوح الذي بدأ مع أول دفعة في آذار 2011 مع انطلاق شرارة الحرب في سوريا، ويعودون إما إلى المجهول أو المعلوم سلفاً. والمعلوم في العودة الطوعية شمل حتى الآن 511 نازحا من أصل مليون ونصف نازح وذلك وفق خطة وضعتها الحكومة اللبنانية عام 2017 وتوقفت خلال جائحة كورونا عام 2020 لتُستأنف في 12 تشرين الأول الماضي مع انطلاق أولى الدفعات من مخيم عرسال بالتنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية وبإشراف الأمن العام ضمن خطة وصفها الجهاز ب”الآمنة والطوعية”.

لكن هذه العودة الطوعية لم تكن على مستوى صفة الآمنة التي أطلقت عليها. فبحسب تقارير موثقة صادرة عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن قوات النظام اعتقلت في شهر تشرين الثاني الماضي حوالى 106 سوريا من بينهم نازحين سوريين عادوا إلى منازلهم الواقعة ضمن نطاق سيطرة النظام ومعارضين أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية داخل سوريا. ويضيف التقرير أن عمليات الإعتقال والإختطاف والإخفاء القسري والمداهمات اتخذت طابعاً إنتقامياً بحيث تركزت في المحافظات التي شهدت نشاطاً معارضاً للنظام منذ العام 2011 على غرار حلب وريف دمشق ودرعا وحمص وإدلب. وإضافة إلى تجاوزات النظام، إعتقلت فصائل أخرى من قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام والجيش الوطني حوالى 90 مدنيا أخفيَ منهم 60 قسرياً.

قد لا تكون العودة إجبارية بالمعنى الحرفي، ولكن الظروف التي كان يعيشها النازحون في مخيم عرسال حوّلتها إلى ذلك في ظل المعاناة اليومية لتأمين أبسط مقومات الحياة، بما في ذلك مياه الشرب والمأكل، عدا عن ظروف المعيشة في السنوات الأخيرة التي باتت شبه مستحيلة. وتشير التقارير أن الدفعة الأولى من النازحين العائدين هم من بلدات القلمون والنبك وقارة والجراحين غربي سوريا. وفي حين كان يتوقع أن يغادر لبنان حوالى750 لاجئا سوريا ، إلا أن العدد لم يتجاوز حتى اللحظة 511 بحسب بيان للأمن العام. فهل تُستأنف العودة الطوعية والآمنة مع انتشار أخبار ممارسات قوات النظام السوري للمعارضين والنازحين العائدين أم تتوقف من جديد وهذه المرة بحجة حماية حقوق اإنسان؟

الوزير السابق معين المرعبي الذي سبق وحذّر من تداعيات عودة النازحين من دون ضمانات يقول عبر “المركزية” أن توقيت خطة العودة لم يكن بريئا وهو يندرج في إطار خطة تخدم مصالح النظام السوري. ” فبعد ممارسات الخطف والإعتقال والإخفاء القسري والقتل، بدأت عمليات تجنيد النازحين العائدين في صفوف ميليشيات المرتزقة الروسية للقتال في الحرب ضد أوكرانيا وذلك وفق إغراءات مالية .ومعلوم أن مصير هؤلاء هو الموت في ساحات القتال، كما حال غالبية أفراد المرتزقة في المعارك” عدا ذلك هناك “تراند” جديد يقوم على تجنيد طلاب سوريين كانوا يدرسون في جامعات روسيا في صفوف ميليشيات المرتزقة وذلك بعدما أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرارا قضى بتجنيد حوالى 300 ألف عنصر وقد تمت الإستعانة بالنازحين والطلاب السوريين  الموجودين في روسيا، بعد رفض وفرار العديد من الشبان الروس همم ِِ من الخدمة العسكرية. ولدينا معلومات موثقة في هذا الشأن”.

وفق المعاهدات الدولية والتزام لبنان كعضو مؤسس في هيئة حقوق الإنسان يمنع على الدولة اللبنانية إرسال أي نازح أو لاجئ من أي جنسية إلى الموت “والمطلوب من الأجهزة الأمنية الإلتزام بهذه المواثيق والتأكد من سلامة العائدين قبل إرسالهم إلى ديارهم…هذا إذا عادوا إلى منازلهم  يقول المرعبي ،إذ أن الغالبية يتم إرسالهم  إلى مناطق أخرى بعدما صادر نظام الأسد أراضيهم ومنازلهم وتحولت قراهم إلى أوكار لحزب الله وعائلاتهم وقد أنشأوا فيها مصانع للكبتاغون إضافة إلى مستودعات الأسلحة والصواريخ.

بين الواقع الذي يحتم على لبنان إعادة النازحين السوريين بسبب الأوضاع الإقتصادية والمعيشية والمالية ونظرا إلى الأموال التي تتكبدها الدولة نتيجة وجود مليون ونصف نازح على أراضيها، وبين الوضع الإنساني ومصير النازحين العائدين يطرح السؤال؟ ما هو المطلوب؟

يجيب المرعبي: “يجب وضع خطة واضحة لعودة النازحين السوريين  والتوقف عن اعتماد أسلوب “الشحادة” على ظهر النازحين. أما بالنسبة إلى العدد فأتحدى أي مسؤول يقول أن هناك مليون ونصف نازح. العدد لا يتجاوز ال500 ألف والبقية هم من العمال الذين يدخلون الأراضي اللبنانية ويخرجون منها من دون حسيب ورقيب عبر المعابر غير الشرعية التي يسيطر عليها ميليشيا حزب الله.

“إذا كانت ثمة خطة شفافة وموضوعية فيجب أن تبدأ بضبط المعابر غير الشرعية لكنالدولة عاجزة عن ضبط التهريب كما حركة العبور على المعابر غير الشرعية التي تسيطر عليها جماعات الكابتغون والمخدرات”. ويختم المرعبي مؤكدا على وجود نية مزدوجة لدي الشعبين اللبناني والسوري بعودة النازحين إلى قراهم “وقد أكد لي ذلك شخصيا أبناء القلمون لكن بسبب تعذر عودتهم إلى بيوتهم التي باتت تحت سيطرة قوات النظام طلبوا العودة إلى “جرابلس “عند الحدود التركية السورية. إلا أن السلطات التركية رفضت باعتبار أن هذه العملية تدخل في سياسة قطع الجذور وتخالف نصوص ومبادئ الأمم المتحدة كما تساهم في إحداث تغيير ديمغرافي وهو قائم على قدم وساق في سوريا من قبل حزب الله”.