IMLebanon

قضية المرفأ… عرقلة فرنسية لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية؟ 

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

منذ حوالى العام دخل ملف التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت غرفة العناية الفائقة. حتى الزيارات كانت ممنوعة عنه لتفقد أحواله ومراقبة مدى تفاعل القضاء الذي يعاني مرض تدخل السياسة . وعلى رغم مراجعات أهالي الضحايا ووقفاتهم الشهرية في كل رابع من ذاك الآب 2020 الملعون، إلا أن حجم الخيبات والإنتظار اللامتناهي بقي يقضم وجع الأهالي الذين لا يريدون من دولتهم التي دفنت أولادهم ووجعهم وحقهم إلا معرفة من فجر مرفأ بيروت ومحاكمة المسؤولين. فهل يطلبون المستحيل؟

قد يكون المطلوب كثيرا من قضاء ومن بعض قضاة هذه الدولة حتى لا نقول أقرب إلى المستحيل .وإذا ما افترضنا أنهم يسألون عن الدولة فالطلب مستحيل بالتأكيد في ظل استمرار قبضة الدويلة على مؤسساتها.

إذا، لم يبق إلا الخارج، حيث كانت الرسالة التي بعث بها أهالي ضحايا المرفأ الى الأمم المتحدة منذ حوالى العام ونصف لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية بحسب كلام شقيق الضحية جو نون، ويليام. الرسالة وصلت وهذا الأمر مؤكد لكن حتى اللحظة لم تظهر أية بوادر ئؤشر لولادتها. وكان لافتاً “تلميح نون الى وجود جو دولي رافض لتشكيل هذه اللجنة، وورود معلومات الى الأهالي تفيد بأن الفرنسيين يعملون ضد هذه اللجنة ولا يريدون تشكيلها، وإلا لكانت أبصرت النور”.

مصادر مطلعة على مسار ملف التحقيق في جريمة تفجير المرفأ أوضحت لـ”المركزية” أن حتى اللحظة لا شيء مؤكدا لجهة إقفال الباب على تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في قضية تفجير المرفأ وإن كانت تؤيد ما لمّح إليه ويليام نون حول العقبات التي يضعها الفرنسيون لمنع تشكيلها. لكن وفق القراءة لمسار تطورات الحراك الفرنسي في المنطقة، من الواضح أن الفرنسيين اليوم باتوا أقرب إلى الهوى الإيراني لا بل إنهم يتكلمون بلسان إيران وأذرعها في لبنان، تماما كما كان الحال مع السنة المعتدلين في زمن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تقول المصادر.وتضيف بأن ثمة ظروف وحسابات أخرى طرأت وألزمت الفرنسيين بالرضوخ لهوى إيران وتنفيذ مصالحها في المنطقة ومنها على سبيل المثال لا الحصر قرار إلغاء أستراليا صفقة الغواصات الفرنسية والتي كانت توصف بصفقة القرن الفرنسية الأسترالية لصالح بديل أميركي بريطاني يعمل بالطاقة النووية.

وتلفت المصادر إلى أن إبرام الحكومة العراقية صفقة لشراء سرب من طائرات رافال” الفرنسية والتي بدأ الحديث عنها منذ العام 2020 حصلت بقبة باط إيرانية، وعليه بدأت عملية توزيع الأدوار ولديهم مصلحة في المنطقة من خلال وكلاء إيران في لبنان.

لم يعد خافيا أن الفرنسيين يسعون إلى تأمين مصالحهم في لبنان من خلال قوى الأمر الواقع وبغطاء دولي، تشير المصادر، إلا أن الداخل اللبناني ساهم في تعزيز هوى الفرنسيين الساعي إلى عدم انتهاء التحقيقات في جريمة تفجير المرفأ. ويعلم الجميع أن التحقيق الدولي إن حصل وتشكلت لجنة تقصي حقائق دولية لن يقتصر على لحظات الموت والرعب في ذاك الرابع من آب إنما سيشمل المسؤولين من سياسيين وقادة أمنيين وقضاة في مسألة إخفاء الحقيقة عن وجود مواد نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 وعلى مدى 7 سنوات.

وتضيف موضحة “عندما نقول الفرنسيين فهذا لا يشمل الشعب الفرنسي المتضامن حتى العمق مع أهالي ضحايا المرفأ إنما المقصود الإدارة الحالية بحسب المعلومات الواردة من فرنسا.

الخطوات الموازية أو حتى الرديفة ليست ببعيدة عن المسعى الدولي على رغم كل ما يحصل، إضافة إلى توزيع أدوار المعرقلين الذين يعملون على شقع السواتر الحديدية منعا لتبيان الحقيقة. وفي السياق تؤكد المصادر أن المساعي مع الأمم المتحدة مستمرة للتوصل إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية ونترقب أن تتغير الظروف الإقليمية والدولية حتى تسمح بتشكيل هذه اللجنة، تماما كما نترقب وبحذر شديد مسار عملية انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس مجلس وزراء ليصار إلى استئناف التحقيقات. والأمل في ذلك كبير إنطلاقا من التحولات التي طرأت على مسار ملف التحقيقات وعمل القضاء وسمح بإعادة الكثير من السياسيين والقضاة حساباتهم لجهة تفادي الوقوع في نفس الأخطاء المميتة التي ارتكبوها سابقا وأدت إلى حصول الإنفجار في مرفأ بيروت.

وتختم المصادر معربة عن تفاؤلها بأن “الحركة التي يقوم بها أهالي ضحايا المرفأ لها وقعها وهي أساسية لبناء الوطن. أما عن مسار العدالة فالغموض والضبابية هما سيدا الموقف لكن ما يحصل اليوم سيضع حدودا جديدة لواقع جديد”.