IMLebanon

ورقة الرياض للحلّ: تسوية على الرئاسة والحكومة

كتبت صفاء درويش في “الجمهورية”:

تنبّؤات كثيرة خرجت منذ بدء انعقاد جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، عن موقف المملكة العربية السعودية من الاستحقاق، وعن هوية مرشّحها المفضّل ووفق أي معايير؟

فمنذ العام 2016، تسير المملكة في وضوح بسياسة جديدة في لبنان، وهي سياسة الوقوف على مسافةٍ واحدة من الجميع حتى حدود معينة، فبعيدًا من شبه عداوةٍ قائمة مع «حزب الله»، وُلدت بعيدًا من الساحة اللبنانية، فإنّ أداء المملكة عبر سفارتها في بيروت كان مختلفًا عن تعاطيها في فترة ما قبل وصول ولي العهد الامير محمد بن سلمان. ورغم أنّ لبنان لا يندرج ضمن أي من أولويات بن سلمان اليوم، يبقى الملف اللبناني ملفًا يمس الحضور الشرق أوسطي لأي دولة عظمى لها نفوذ اقليمي في المنطقة. من هذا المنطلق، لا تعني مسألة الرئاسة الجانب السعودي إن فُصلت عن بقية الملفّات، ولكنّ ما يعنيها تحديدًا هو الاستقرار على كل الصعد. ومن هنا تنظر إلى ملف الرئاسة كعقدة من سلسلة عقدٍ تؤدي حلحلتها إلى تأمين هذا الاستقرار المنشود، والذي يعيد ترسيخ «اتفاق الطائف» ومعه المكتسبات التي لا يمكن لأحد أن يتساهل في مسّ الآخرين بها.

تشير الأجواء، إلى أنّ المملكة تدرك تمامًا أنّ الإتيان برئيس تحدٍّ في لبنان سيعقّد الأمور أكثر، وسينسف فكرة الإستقرار، ما قد يهدّد وجود النظام. ومن هنا لم يشجّع أي مقرّب من السعودية، في بيروت والرياض على حدّ سواء، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على السير بترشيح رئاسي لن ينال دعم المملكة، ولن يكون له أي حظ في متابعة السعي نحو القصر الجمهوري. ورغم عدم مجاهرتها، ولا حتى دعمها العلني لأي اسم، من الواضح أنّ ورقة المملكة الرئاسية هي تسوية على الرئاسة والحكومة في آن، وهي تجنح بمضمونها نحو رئيسين وسطيين، للجمهورية والحكومة، يميل كلّ منهما نحو جهة ضامنة. ومن دون الخوض بالأسماء، لا بدّ للحل، إن أتى على «خاطر» السعوديين أن يكون برئيسين، يميل الأوّل بوسطيّته سعوديًا، ويجنح الثاني نحو طمأنة الفريق الآخر في لبنان. وهنا، تدخل مستجدّات العلاقة السورية ـ السعودية المتطوّرة، فتحضر سوريا مباشرةً كشريك أساسي في أي رؤية سعودية للبنان، وهنا نعود لتثبيت «اتفاق الطائف» وتقويته، والتي يجاهر قريبون من السعودية أنّه لا يقوى سوى «بعصًى سوريّة» مهما كان شكلها!

معلومة واحدة تأخذ شكل الرضا السعودي المشروط على أيّ رئيس مقبل، أكان وسطيًا يميل للثامن من آذار، أم وسطيًا يحمل أي هوية أخرى، وهو تعهّد غير محدّد المعالم يقضي بعدم التفكير بتسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، وهو ما يُعدّ بديهيًا في حال استمرار عدم رضا المملكة عن رئيس الحكومة السابق.

الأكيد أنّ الحلّ في لبنان يمرّ عبر الرياض دومًا، وإرضاء الرياض اليوم عنوانه واحد: استبعاد سعد الحريري!