IMLebanon

المدارس والجامعات اللبنانية تواجه فترة حرجة

كتب ناصر زيدان في “الأنباء” الكويتية:

يتعرض قطاع التعليم في لبنان لصعوبات تهدد مصير مليون ومائة ألف تلميذ، وما يقارب مائتي ألف طالب جامعي في القطاعين العام والخاص، ولم يسبق أن واجهت المدارس والجامعات مثل هذه الصعوبات التي تعيشها اليوم منذ الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في العام 1982، علما أن العدوان الإسرائيلي دمر في حينها عددا كبيرا من مباني المؤسسات التربوية، وعددا آخر من المدارس استقبل النازحين من المناطق الجنوبية وغير الجنوبية الذين تهجروا من منازلهم.

كان من المقرر أن يناقش اجتماع مجلس وزراء حكومة تصريف الأعمال الأخير الملف التربوي، لإنقاذ العام الدراسي في المدارس الرسمية من حالة الشلل التي تصيبه بسبب إضراب الأساتذة الذين لا تكفيهم رواتبهم لدفع مصاريف الانتقال إلى مكان عملهم بعد أن تجاوز سعر صرف الدولار الواحد 50 ألف ليرة، كذلك للبت بمطالب الجامعة اللبنانية العاجزة عن تأمين الكهرباء والتدفئة في صفوف طلابها، بينما أساتذتها يعانون من صعوبات جمة، ومنهم عدد كبير غادر البلاد بحثا عن حياة لائقة في الخارج. لكن المزايدات الطائفية والغيرة الباهتة على الدستور، حالا دون البحث في هذا البند، وأخذ على وزير التربية أنه لم يواجه بما فيه الكفاية عملية تعطيل مناقشة الملف كما كان قد وعد روابط المعلمين.

قرر مجلس الوزراء صرف سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 117 مليون دولار أميركي، وانفرط عقد الجلسة عند هذا الحد، في وقت يشكك فيه عامة اللبنانيين بأداء وزارة الطاقة التي تدير ملف الكهرباء الذي استهلك أكثر من 50 مليار دولار من الأموال العمومية، والتيار مقطوع عن المنازل وعن المدارس والجامعات، بينما إنقاذ القطاع التربوي كان يحتاج الى ما يقارب 60 مليون دولار فقط، بما في ذلك تقديم بعض المعونة للمدارس الخاصة المتعثرة، لكون أساتذتها يرفعون الصوت لإنصافهم، بعد أن تجاهلتهم الدولة، ولم تشملهم مضاعفة الرواتب 3 مرات كما ورد في قانون موازنة العام 2022، كذلك الأمر، فإن رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص الى 4.5 ملايين ليرة لم يطل هؤلاء المعلمين، في وقت تدفع لهم بعض المدارس الخاصة جزءا من راتبهم نقدا بالدولار، ولكن عددا كبيرا من هذه المدارس لم تتمكن من تقديم هذه المعونة لمعلميها.

والتداعيات السياسية لخطورة إقفال المدارس الرسمية بدأت تظهر الى العلن، من خلال الانتقادات الواسعة التي وجهت للقيمين على الملف التربوي، لأنهم أخطأوا في التشفي من أولاد النازحين السوريين بإقفال المدارس التي يتعلمون فيها بدوام بعد الظهر، بحجة الخطر الأمني عليهم، بينما كان الأجدى معالجة مشكلات الأساتذة والمدارس لعدم اقفالها بوجه اللبنانيين على الإطلاق، ومهما كان الثمن، حفاظا على مستقبل ومصلحة التلامذة اللبنانيين من جهة، ولكي لا يظهر اللبنانيون الذين تحملوا ما لم يتحمله أي شعب آخر من جراء احتضان النازحين الذين هجروا قسرا من بلدهم بمظهر الظالمين الذين يستخدمون هؤلاء رهينة تجاه المجتمع الدولي للحصول على مساعدات مالية. والأكيد أن هناك وسائل أخرى للضغط على المنظمات الدولية للقيام بواجبها في مساعدة لبنان، من دون إثارة ضغائن عنصرية لا تقبلها وشائج الأخوة ولا المعايير الإنسانية.

وزير التربية عباس الحلبي كان قد وعد الأساتذة مع بداية العام الدراسي بدفع مبلغ 130 دولار شهريا زيادة على رواتبهم، كبدل حضور الى المدارس، وقال في حينها إن القيمة مؤمنة من المساعدات الخارجية، ولكن تبين أن هذا المبلغ غير متوافر، كذلك الأمر بالنسبة لمبلغ 30 مليون دولار الذي تحتاجه الجامعة اللبنانية للتجهيزات والمحروقات إضافة للموازنة المتواضعة المرصودة لها بالليرة اللبنانية. لا الوعد الأول تم تنفيذه. ولا الوعد الثاني توافر للجامعة.

هل تم تضليل الوزير بمعلومات خاطئة؟ أم أن كبار المسؤولين وعدوا الوزير ولم يفوا بوعودهم؟ أم أن الوزير أخطأ في تقدير المخاطر؟