IMLebanon

الدعارة تنشط في ظل الأزمة… من يغطيها؟!

تقرير ماريا خيامي:

يدفع الواقع السائد في لبنان، من انهيار اقتصادي وانتشار كبير للبطالة اثر توقف الأعمال والاستثمارات في مختلف القطاعات، الى ارتفاع نسبة الجرائم، خاصة الدعارة التي تعتبر مصدراً سهلاً لجني الأموال.

ونشطت خلال سنوات الأزمة عصابات الإتجار بالبشر والدعارة على “عينك يا تاجر” على الطرق العامة والأحياء الشعبية، ما أثار قلق ساكني المناطق المحاذية ومنعهم من التجول ليلا.

فمشهد انتشار بائعات الهوى على طول الخط من بيروت وصولاً إلى جونية دليل واضح على غياب الرقابة وحضور “الكارتيلات”. فماذا يحصل بعد مغيب الشمس على الطرقات اللبنانيّة؟ ومن يدير تلك الشبكات المنظمة؟

لاستيضاح بعض النقاط، تواصل موقع IMLebanon مع النائب شوقي الدكاش، الذي كشف أن “وزير الداخلية بسام المولوي وعدنا بتكثيف الجهود لضبط هذا الموضوع، وبدأت جهودهم تثمر مع انكماش هذه الظاهرة نوعا ما في ساحل كسروان”، مشددا على أنه “يجب الاستمرار بملاحقة الرؤوس المدبّرة قبل الفتيات، لضبط الشارع خاصة في كسروان، وإلا ستعود الأمور إلى ما كانت عليه وربما أكثر!”

وحول تخاذل القوى الأمنية في هذا الملف، وإخلاء سبيل بعض الموقوفين في ملفات الدعارة، أكد الدكاش أن “القوى الأمنية لا تستطيع إخلاء سبيل أي موقوف من دون إشارة من المدّعي العام، وأعتقد أن هناك ضغوطات عليهم لإخلاء سبيل هؤلاء، في حين تبقى إمكانية تخاذل وتورط القوى الأمنية واردة.”

أما عن محاولات البلديات لاحتواء هذه الظاهرة، فأشار إلى أن “البلديات تحاول جهدها ولكنها بحاجة لمؤازرة القوى الأمنية، إذ إن مكافحة الدعارة تقع على عاتق القوى الأمنية، ويمكن للبلديات المساعدة في هذا الأمر.”

كما شدد الدكاش على ترك موضوع مكافحة الدعارة للقوى الأمنية، داعيا الأهالي إلى عدم التدخل في هذا الأمر “لأن الأمن الذاتي ليس الحلّ”، كما طمأن إلى أنه سيواصل متابعة هذا الموضوع.

فبحسب إحصاءات سابقة لقوى الأمن الداخلي، فقد سجلت عام 2020 توقيف 92 شخصاً بتهمة ممارسة الدعارة، و38 بتهمة تسهيلها (مشغلين)، فيما سجل توقيف سبعة أشخاص بتهمة الاتجار بالأشخاص، حالة واحدة لتهريب البشر.

أما عام 2021، فقد سجلت 11 توقيفاً بتهمة الاتجار بالأشخاص، و55 بتهمة ممارسة الدعارة، و46 توقيفاً بتهمة تسهيل الدعارة، إضافة إلى حالة توقيف واحدة تتعلق بتهريب أشخاص.

إلى ذلك، تؤكد شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن أن “مكافحة الاتجار بالبشر دخلت ضمن تدريبات قوى الأمن الداخلي وتحضير عناصرها، حيث تلقى حوالي 2000 عنصر من مختلف الرتب، تدريبات على أسلوب التعامل مع جرائم الاتجار بالبشر والتعاطي مع ضحاياه، لا سيما من هم على تماس مباشر مع هذه الحالات في غرف التحقيق والجهات التي تعمل بشكل خاص على مكافحة هذه الجرائم”.

من جهته، أشار النائب رازي الحاج، إلى أن تفكك الدولة والانهيار سببان أساسيان لعجز القوى الأمنية عن مكافحة الدعارة كما يجب، لافتا إلى أن هذا الأمر لا يبرّر التخاذل، محذرا من إمكانية استفادة بعض الجهات الأمنية من الرؤوس المدبّرة، ما يفسّر التخاذل وحماية بعض هذه العصابات.

وأضاف أنه وجّه عدة نداءات في الفترة الأخيرة للتشدد في هذا الموضوع “وإلقاء القبض على الرأس المدبّر في كل منطقة، خاصة في المتن، بحيث تنشط في الفترة الأخيرة هذه الظاهرة في طرقات وأحياء القضاء”، ودعا أيضاً إلى “احتواء ظاهرة انتشار المخدرات وتعاطيها، التي تمارسها أيضا هذه العصابات”.

كما ناشد “عدم لوم البلديات لأن وضعها المالي صعب، فهي تقوم باللازم ضمن الإمكانيات المتوفرة لديها، فمن واجب الدولة والقوى الأمنية حماية الآداب العامة ومكافحة الدعارة وغيرها.”

والسؤال الأبرز الذي يطرح نفسه اليوم، مَن الذي يمنع شرطة الآداب من مداهمة أوكار الدعارة في جونية والمتن وسواها؟
وهل ستسمح وزارة الداخلية بفتح الباب أمام تغلغل هذه الظاهرة أكثر نتيجة عدم المحاسبة الجدية؟ وهل ستطلب فتح تحقيق لكشف من يغطي هؤلاء داخل مؤسساتها؟ أم أن الملف سيبقى متروكًا ليضيع بين مئات الملفات الأخرى العالقة؟