IMLebanon

الهبة الروسية للبنان على حبال العقوبات الأميركية؟!

كتبت سمر الخوري في “المركزية”:

تتأرجح العلاقات اللّبنانيّة – الروسيّة على حبال العقوبات الأميركيّة، وانقسام الموقف الداخليّ من الحرب الروسيّة – الأوكرانيّة.

وينفي متابعون للشأن الروسيّ ما يحكى عن تراجع اهتمام موسكو في الشأن اللّبنانيّ للأسباب المذكورة، ويؤكّدون أنّ تركيز القيادة الروسيّة منصبّ اليوم على الأوضاع في أوكرانيا، خصوصا أنّ “العمليّة العسكريّة” التي كان من المفترض أن تنتهي سريعا تحوّلت الى حرب مع الناتو “بالوكالة”، كما يصفها المسؤولون الرّوس، واتسّعت رقعة احتمال تحوّلها الى حرب عالمية ثالثة، قد تطول لسنوات في ظلّ عدم قدرة أيّ طرف على حسم نتائجها.

اذا، يرى المتابعون، انّ تراجع العلاقات اللّبنانيّة الروسية، هي فكرة غير دقيقة، بل يصفونها بالجيّدة والمتينة، ويؤكدون حرص موسكو الدائم على التواصل مستشهدين بحركة السفير الروسيّ الناشطة في لبنان .

ويلحظ المتابعون، أنّ تراجع الاهتمام الروسي لا ينحصر بلبنان فقط، فالثقل الميداني الذي ظهر في سورية منذ أن حشد الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين اسطوله الجوي الى هناك للحدّ من استنزاف الجيش السوري تراجع. ورغم اهمية الملف السوريّ بالنسبة لادارة بوتين، الا أنّ ما تواجهه روسيا في اوكرانيا أسقط الملف السوري عن سلم اولوياتها، رغم اصرارها على البقاء هناك نظرا لاهمية سوريا الاستراتيجيّة وربطا بعلاقتها مع تركيا حيث يعد الملف السوري نقطة ارتكاز وتواصل مهم بين موسكو وأنقرة التي تلعب اليوم دورا فعالا جدا ومهما في الشرق الأوسط والعالم.

الملف الرئاسيّ

تاريخيا، لم تكن روسيا لاعبا فاعلا أساسيا في الملف الرئاسيّ اللّبناني، مقارنة بدول اقليمية ودولية كانت على مدى عقود لاعب ارتكاز مؤثرا في الملف اللبناني المتشعب، ولها الباع الطويل في الاستحقاقات الدستورية وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي كالولايات المتحدة وفرنسا اضافة الى المملكة العربية السعودية وسورية ولاحقا ايران.

وفي الاطار، يوضّح السفير اللبناني في روسيا شوقي بو نصار الموقف الروسيّ من الاستحقاقات اللبنانية لـ “المركزية”، ويشير الى أن موسكو لا تتبنى مرشحا رئاسيا معيّنا أو تضع فيتو على أحد، وتؤكد حرصها على اتفاق اللّبنانيين في ما بينهم، على أن تتعامل مع أي رئيس وحكومة يتّفق عليهما اللّبنانيون، مع حرصها الشديد على اعتبار ان هذا الشأن داخليّ.

بو نصار يؤكّد أنّ في بورصة الترشيحات لا أسماء محددة في الاجندة الدبلوماسية الروسية، رغم أنّ رئيس تيار المرده سليمان فرنجية قد يكون الاقرب الى روسيا، نظرا للعلاقات الجيّدة التي تربطه مع المسؤولين الروس، وخصوصا وزير الخارجية سيرغي لافروف و نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف.

مصير الهبة

وعند الحديث عن العلاقات اللبنانية- الروسية يتبادر الى الاذهان مصير الهبة الروسية الموعودة، وهي بحسب السفير بو نصار عبارة عن 25 ألف طن من الحبوب، و10 آلاف طن من المشتقات النفطيّة.. فما هو مصيرها؟

يؤكد بو نصار أن العمل جار لارسال الشحنة الى لبنان، الا أنّ هناك صعوبات لوجستية بسبب العقوبات الغربية على روسيا وعلى موانئها، لافتا الى أن البحث جرى في كيفيّة حلّ المشكلة التقنيّة، وارسال قيمة الهبة الى لبنان.

ويجزم  أنه لم يتبلّغ أي معلومات رسمية عن الغاء الهبة، وبالتالي فانها لا تزال سارية من الناحية الرسمية ولكن لا تاريخ محدد لوصولها الى لبنان.

وعمّا يحكى من ضغوطات تمارسها واشنطن على لبنان لعدم قبول الهبة، يوضح بو نصار أن هذا الامر يعود الى الحكومة اللّبنانية، التي لم تبلغنا أي قرار في هذا الاتجاه، خصوصا أنّ الهبة أقرت بناء على كتاب الرئيس ميقاتي في شهر أيار الماضي.

الطائرات الروسية

وفي الحديث عن تداعيات العقوبات الغربية على روسيا، لا بد من التوقف عند أزمة يواجهها اللبنانيون الذين يعيشون في موسكو، بعد التزام بيروت بالعقوبات على شركة الطيران الروسية AEROFLOT ، والتي كانت تنظم ثلاث رحلات اسبوعية من موسكو الى العاصمة اللبنانية بيروت وبمدّة لا تتعدى الثلاث ساعات ونصف. مع توقف هذا الخط بعد العقوبات بات لزاما على اللبناني امّا اعتماد خط موسكو اسطنبول بيروت وبالتالي تحتاج  الرحلة الى حوالى الـ 12 ساعة، اضافة الى أنّ الكلفة ارتفعت ثلاثة أضعاف وأحيانا أكثر، واما اعتماد خط  الخليج، أو مصر وصولا الى بيروت وهذا ايضا يرتّب تكاليف اضافية.

ويؤكد بو نصار انه عقد اكثر من اجتماع مع مسؤولين لبنانيين، وتم طرح حلول عديدة ومنها امكانية استخدام الطيران الروسي المستأجر حديثا غير خاضع للعقوبات، الا ان المشكلة تكمن برفض الجانب اللّبناني التعاون لناحية تزويد الطيران الروسي بالوقود وبالخدمات الأرضية، وعليه يبقى الملف معلقا الى أجل غير مسمّى.