IMLebanon

تغيرات إقليمية مهمة… أين لبنان منها؟

كتبت يولا هاشم في “المركزية”:

أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الخميس، عزمهما “العمل معاً” في وجه أنشطة إيران “المزعزعة للاستقرار” في الشرق الأوسط وبمواجهة “دعم” طهران لروسيا في هجومها على أوكرانيا.

كما ندد ماكرون بالاندفاع المتهور لإيران في برنامجها النووي بعد مأدبة عشاء مع نتنياهو في باريس، محذراً طهران من أن مواصلة هذا المسار لن تبقى بلا “عواقب”.

هذا الكلام وإن كان عادياً ومتوقّعاً من الجانب الاسرائيلي، إلا أنه مفاجئ من قبل فرنسا التي يبدو كأنها قطعت علاقاتها مع ايران. فما الذي تبدّل وما هي انعكاسات ذلك على المنطقة ككل وعلى لبنان بشكل خاص؟

مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يقول لـ”المركزية”: “إن “فرنسا كانت أقرب طرف اوروبي الى ايران في ظل الأزمة التي طرأت بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي. وبعدما قطعت كل من الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وألمانيا الاتصالات بشكل كامل مع ايران، كانت فرنسا الطرف الأكثر تفهماً لطهران وأبقت على قنوات اتصال مفتوحة معها، والملف اللبناني خير دليل على ذلك. علما ان الألمان يتواصلون مع الايرانيين، خاصة بعد وصول اولاف شولتس الى الحكم، لكن على ضوء التطورات في الداخل الايراني تحفظت المانيا عن الاستمرار في العلاقة، علما انها تاريخيا هي الأقرب الى طهران. وقد تكون باريس أبقت على قنوات الاتصال مفتوحة مع ايران لأنها معنية ربما أكثر من ألمانيا وفي أكثر من ملف كالعراق ولبنان ومن مصلحتها ان تبقي القنوات مفتوحة، خاصة وان فرنسا كان لها دور أكبر من الدور الألماني في العراق ولبنان وسوريا الى حد ما، نظرا لتاريخ وجودها في المنطقة”.

لكن ما الذي طرأ كي يعلن ماكرون هذا الموقف؟ يجيب نادر: “العامل الأول اساسي هو ان ماكرون لديه علاقة استراتيجية أيضاً مع الولايات المتحدة الاميركية يريد المحافظة عليها، وقد شهدنا ذلك في قضية الغواصات مع استراليا وكيف خسر العقد، وبالتالي كانت احدى ذرائع فسخ العقد ان فرنسا ليست متحالفة بالكامل مع أميركا. لكن، بدأت باريس منذ فترة، بترتيب العلاقة مع واشنطن، وبالتالي هناك تحالف اكبر سيحصل مع السياسة الاميركية للمحافظة على العلاقة الاستراتيجية خاصة وان فرنسا ركن من اركان الناتو”.

ويتابع: “العامل الثاني الطارئ ، هو الحرب الروسية- الاوكرانية، وهنا لا يمكن لفرنسا ان تخرج من معسكرها، كما ان انخراط ايران مع روسيا، رغم انها تنكر هذا الامر، وضعها في موقع الخصم. وثالثا هناك ملفات ثانوية كالملف اللبناني، حتى لو لم يكن هناك من تعاون وما زلنا نراوح مكاننا ولم نشهد اي تقدم لا في الملف الرئاسي ولا الحكومي ولا مع صندوق النقد الدولي، حتى أنه لم يتم تنفيذ اي من نقاط الاجندة التي وضعتها فرنسا من بعد زيارة ماكرون الى لبنان. العامل الرابع المؤثر هو التطورات في الداخل الايراني والتعديات على حقوق الانسان، خاصة وان الغرب حساس بشكل عام تجاه هذا الموضوع، وهو أمر يُضعف السلطة.

أما العامل الخامس والاخير فيتمحور حول موقف ايران بالنسبة للوكالة الدولية للطاقة. ايران مطالبة بالكشف عن انشطة معينة او الرد على اسئلة طرحتها الوكالة مبنية على ادلة ومعلومات حصلت عليها، وان بعض المنشآت كفوردو وغيرها خاصة التي استهدفتها اسرائيل منذ يومين، تدل على حصول امر ما. وبالرغم من ان فرنسا كانت ضد الانسحاب الآحادي لواشنطن من الاتفاق النووي، إلا أنها أيضاً ضد ما استكملته ايران من تخصيب بنسبة 60 في المئة. أكثر من ذلك، تشير كل التقارير اليوم، وقد تكون هذا النقطة الحاسمة، ان ايران تخطت العتبة النووية، اي انها قادرة اليوم اذا أرادت نظرياً، على انتاج النووي العسكري، وبالتالي هذا يقلب المعادلة رأسا على عقب، ويغير حتى مبدأ “هل ما زالت المفاوضات النووية تستحق عناء العودة الى الاتفاق؟”

أما عن لبنان فيجيب نادر: “كل القرار السياسي في لبنان تمسك به ايران عبر حزب الله ان لم يكن بشكل مباشر فبطريقة غير مباشرة من خلال القدرة على وضع الفيتو والتعطيل. يضاف إليها ان فرنسا كانت تظن ان لديها شركاء في الداخل، لكن ظنها خاب. وكان لافتا في الفترة الاخيرة، توجيه ماكرون انتقاده لكافة الطبقة الحاكمة ووصفها بالفاسدة، وفقدان الامل منها”.