IMLebanon

مجموعة ديبلوماسية جديدة من أجل لبنان: وهذه مهمتها!؟

كتب طوني جبران في “المركزية”:

لن يطول الوقت ليظهر ان كانت هناك مجموعة ديبلوماسية خماسية عربية – دولية جديدة من أجل لبنان ستولد مطلع الأسبوع المقبل وسط حديث متنام تسرب قبل اللقاء الخماسي الذي استضافته باريس يوم الاثنين الماضي في مشاركة وحضور ممثلين من كبار الموظفين والمدراء العامين من كل من فرنسا، الولايات المتحدة الاميركية، المملكة العربية السعودية، قطر ومصر .

وقالت مصادر سياسية وديبلوماسية لـ “المركزية” ان لقاء باريس الذي جمع الأطراف الخمسة يوم الاثنين الماضي شكل محطة اساسية في مقاربة هذه المجموعة للازمة اللبنانية من اكثر من جانب فقد جمع اللقاء نخبة المهتمين بالازمة اللبنانية منذ اكثر من عامين على الاقل ان لم يكن اكثر وتحديدا منذ ان انفجرت الازمة المالية والنقدية على وقع انتشار جائحة الكورونا التي اجتاحت العالم قبل تفجير مرفأ بيروت ومسلسل النكبات التي تلت الرابع من آب 2020.

واضافت المصادر ان تعدد الأزمات في لبنان وتناسلها واحدة بعد أخرى فرضت واقعا معقدا لم تعرفه أي ازمة داخلية من قبل، ليس على مستوى لبنان والمنطقة انما على المستوى الدولي وخصوصا انها تشابكت مع النتائج الكارثية التي تسببت بها الحرب السورية قبل ان يرخي الهجوم الروسي على اوكرانيا بظلاله الثقيلة على مستوى العالم، فتعددت أزمات الطاقة والغذاء وانعكست على الحركة الدولية فرفعت من نسبة الاستنفار على اكثر من مستوى وسعي كل محور دولي الى استقطاب ما يمكن استقطابه من دول المنطقة والعالم بعدما تكاثرت الأزمات الدولية.

وانطلاقا من هذه المعطيات، كان لا بد للراعي الفرنسي للازمة اللبنانية، منذ ان أطلق الرئيس الفرنسي مبادرته في الاول من ايلول عام 2020 ان يطلق الصرخة عاليا لتدارك ما يمكن ان تقود إليه مظاهر الأزمات في لبنان. فالامر لن يتوقف عند حجم الازمة المعيشية نتيجة انهيار العملة الوطنية وتوسع رقعة الفقر وصولا الى الازمة السياسية التي تسبب بها خلو سدة الرئاسة من شاغلها فانخرطت القيادات اللبنانية في عملية تنظيم الشغور بدلا من الانهماك بتعبئة مركز الرئيس لتنتظم العلاقات بين السلطات الدستورية واستعادة كامل هيكليتها للحفاظ على وحدة الدولة ومؤسساتها ووقف النزاع القائم على الصلاحيات.

ولفتت المصادر عينها الى ان أي مقاربة لمجموعة المآزق التي يعيشها لبنان تحتاج الى طاقم رئاسي وحكومي كامل المواصفات الدستورية لتطبيق ما تعهد به لبنان من اجراءات اصلاحية لا بد منها وتنفيذ الاتفاقيات التي عقدت مع أكثر من طرف ولا سيما الدول والمؤسسات المانحة لاستدراج الدعم الدولي بشكل محدد وفي قطاعات محددة وفق سلم اولويات لا بد من وضعه لتفكيك الازمات واحدة بعد أخرى رغم صعوبة المهمة بعد ان تناسلت وتداخلت في ما بينها.

على هذه القاعدة، واستنادا الى ما تقدم من مخاوف” نجح الفرنسيون بتأمين انعقاد اللقاء على قاعدة “إنقاذ” ما يمكن انقاذه من مقومات الدولة ومؤسساتها التي انهارت أو توقفت عن القيام بمهامها قبل الوصول الى مرحلة يصعب فيها مواجهة اي منها، فيقع الانهيار الكبير الذي ستكون له تداعيات على المجتمع الدولي. فالمنطقة تغلي على وقع ما بلغته الأزمة السورية التي زادت من تعقيداتها الزلازل التي ضربت اراضيها وجارتها التركية. بالإضافة الى الوضع المتفجر سياسيا وامنيا في اسرائيل منذ تشكيل الحكومة الجديدة وهو ما قد يشكل خطرا مباشرا على ما أنجز في المنطقة ولا سيما عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل من اجل مواجهة النقص الحاصل في قطاع الطاقة العالمي وضمان استقرار المنطقة.

وانطلاقا من هذه المؤشرات، كشفت المصادر ان لقاء باريس اجرى قراءة شاملة لمظاهر الأزمة وما يمكن ان تقوم به الأطراف الخمسة. فلكل منهم دوره. فالفرنسيون تعهدوا بمساعدة اللبنانيين على اجراء الاصلاحات الإقتصادية المطلوبة في قطاع الطاقة ومجالات مختلفة ومن أجل توفير الجو الذي يسمح بانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية. فيما تتولى قطر التواصل بين هذه المجموعة والجمهورية الاسلامية الايرانية لتسهيل التفاهمات المطلوبة بعد تجميد خط التواصل الذي كان مفتوحا بين باريس وطهران نتيجة الازمة التي تعيشها الاخيرة وما طال من اجراءات قضائية لمواطنين فرنسيين. وكل ذلك يجري وسط مجموعة إجراءات اتخذتها الرياض وواشنطن في المجالات الإنسانية والاجتماعية والانمائية، بعد تنحيهما عن الوجه السياسي للأزمة تاركين للبنانيين العمل من اجل اعادة تكوين السلطة وانتخاب الرئيس وإن شاركتهما باريس هذه النظرة فقد اقتصرت مجالات التعاون معهما على ما انتهت اليه برامج الدعم الفرنسية والسعودية من اجل مساعدة النازحين السوريين والتخفيف من عبئهم على المجتمعات المضيفة والدولة ومؤسساتها.

على كل حال، توقعت المصادر التي تتابع هذه الملفات، ان تنطلق مطلع الأسبوع المقبل مجموعة ديبلوماسية جديدة تضم ممثلي أطراف “لقاء باريس” وتبعد كل من روسيا والصين اللتين كانتا تشاركان في المجموعة الدولية من أجل لبنان منذ تأسيسها في نهاية أيلول العام 2013 ، في جولة تنتظر مواعيدها النهائية مع رئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي عودة السفيرة الفرنسية آن غريو الى بيروت في الساعات المقبلة لتنظيم هذه الجولة على كبار المسؤولين لابلاغهم بما انتهى اليه “لقاء باريس” وما يمكن ان تقوم به الأطراف الخمسة وما هو مطلوب من اللبنانيين وخصوصا ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي باسرع وقت ممكن بعيدا عن مجموعة المهاترات والمناكفات السياسية الجارية التي حولت السلطات متاريس متقابلة من داخلها او في ما بينها على حد سواء.

وتؤكد المجموعة الديبلوماسية الجديدة، ان اطرافها تبلغوا بحاجات لبنان على مختلف المستويات وخصوصا ما تحتاجه القوى العسكرية والامنية لضمان صمودها والتصدي لأي محاولة تسيء الى ما هو قائم من استقرار امني قبل ان تنهار، كما بالنسبة الى بعض القطاعات الحيوية ولكن ذلك ليس كافيا، فليس لأي منهم أي دور في إجبار النواب على انتخاب رئيسهم. وان تنازل البعض عن كبريائه وتراجع عن السقوف العالية التي بلغوها مؤخرا والتزام ما يقول به الدستور، فان انتخاب الرئيس هو من اولى الواجبات وان لم يبدأوا من هذه “الخطوة – المفتاح” فلن يرى اللبنانيون اي خطوة ايجابية تجاههم وقد اعذر من انذر.