IMLebanon

انهيار الليرة يربك الحكومة… و”الدولرة” تفرض نفسها

كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الأوسط”:

تحاول حكومة تصريف الأعمال في لبنان احتواء المشكلات الناتجة عن ارتفاع سعر صرف الدولار، لا سيما مع المطالبة المستمرة باعتماد سياسة «الدولرة» (التسعير بالدولار) في معظم القطاعات، وهو ما يعكس إرباكاً واضحاً في إجراءات الوزارات المعنية. وفيما يمنع القانون فرض الدفع بالعملة الأجنبية، فإن الحلول التي يتم العمل عليها تدور جميعها في دائرة تكريس «الدولرة» رغم نفي المسؤولين لهذا الأمر، بحيث باتت القرارات تتراوح بين التسعير بالدولار وبين وضع جدول أسعار بالليرة اللبنانية، وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء.

هذه الأمور كانت موضع بحث أمس في الاجتماع الذي ترأسه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لبحث ملف المحروقات بمشاركة وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، ووزير الطاقة والمياه وليد فياض، وممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، وأمين سر نقابة المحطات حسن جعفر، ورئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس، وذلك بعدما سبق لأصحاب المحطات أن طالبوا بدولرة الأسعار. كما ترأس ميقاتي اجتماعاً لبحث الشأن المالي شارك فيه وزير المال يوسف الخليل، ووزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وفي حين اتخذ قرار بإصدار أكثر من جدولين للأسعار في اليوم الواحد للمحروقات، فإن قرار التسعير بالدولار في السوبر ماركات اتخذ بحسب ما أعلن وزير الاقتصاد، الذي رفض اعتبار القرار «دولرة»، مع العلم بأن وزارات عدة تعمد إلى إصدار جداول دورية خاصة بأسعار المنتجات وفق منصة تنطلق من سعر صرف السوق السوداء، أبرزها وزارات الصحة والاقتصاد والطاقة، إضافة إلى أن معظم المؤسسات التجارية الخاصة اعتمدت سياسة «الدولرة» بعيداً عن أي قرارات رسمية، وهو ما يبدو واضحاً من خلال تسعير منتجاتها بالدولار ومنح الخيار للزبائن بالدفع بالليرة وفق سعر صرف السوق السوداء أو بالدولار الأميركي.

ويؤكد الباحث في الاقتصاد والأسواق المالية العالمية جهاد حكيم، أن «الدولرة» أصبحت واقعاً في لبنان، وهو ما يعني إمعاناً في إضعاف الليرة اللبنانية وتهميشها وإقراراً بغياب أي نية لتقوية الاقتصاد.

ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا فرق بين التسعير بالدولار الأميركي أو وضع جدول أسعار بالليرة وفق سعر صرف السوق، علماً بأن محطات الوقود على سبيل المثال كما غيرها من المحلات التجارية لا ترفض القبض بالدولار»، مشيراً في الوقت عينه إلى أن المؤسسات التي تضع أسعارها بالدولار الأميركي تفرض سعر صرف أعلى بما لا يقل عن 3 آلاف ليرة عن السوق السوداء للذين يريدون الدفع بالليرة، وهو ما يعكس الفوضى وغياب القدرة على السيطرة على الأسواق، ويعد دليلاً إضافياً على فشل المسؤولين المتحكمين بالسياسات النقدية والاقتصادية.