IMLebanon

هل من حاجة لتثبيت المناصفة البلدية؟

كتبت صفاء درويش في “الجمهورية”:

فراغٌ كبير على الساحة السياسية تركه انكفاء الرئيس سعد الحريري عن ممارسة العمل العام. هذا الفراغ انعكس على مختلف سبل الحياة السياسية، من المجلس النيابي إلى الحكومة وصولًا إلى كل ما يتصل بدوائر الدولة وتعييناتها وحصّة القوى السياسية فيها.

إرباك كبير شكّله غياب الحريري في الانتخابات النيابية الأخيرة، حيث أفرزت نتائجها شبه ضياع في قراءة مشهد التمثيل السنّي. هذا الأمر لم يتعدَّ حدود الإرباك بالطبع، لأن قانون الانتخابات النيابية واضح في هذا الشأن، ولدى كل طائفة مقاعدها المضمونة مهما كانت الجهة المشكّلة والداعمة للوائح، وكذلك القوّة الناخبة. لا ينطبق مثال الانتخابات النيابية هنا، مهما عظم شكل التغيير الذي طرأ بغياب الحريري، على الانتخابات البلدية المقبلة، حيث يكمن الخطر الحقيقي فيها.

منذ ما بعد الطائف، شكّل الرئيس الشهيد رفيق الحريري ضمانةً للمسيحيين في عدد من البلديات الأساسية التي تضمّ في مجالسها أعضاء مسلمين ومسيحيين، وكانت بلدية بيروت أبرزها. فكانت لوائح الرئيس الحريري التي تقوم على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، تضمن حق المسيحيين بالتمثيل انطلاقًا من قدرة الـ «زي ما هي» على إيصال اللائحة بكامل أعضائها. أتى من بعده نجله الرئيس سعد الحريري ليكمل بحيثيته الشعبية الأمر نفسه. اليوم، ممّا لا شكّ فيه أنّ هناك ما بدأ يتبدّل.

في الانتخابات البلدية عام 2016 أسقطت مجريات التصويت كل المرشحين المسيحيين، لينجح المسلمون وحدهم ويشكّلون معًا مجلسًا بلديًا للمدينة، وذلك في سابقةٍ تاريخية أضاءت بشكلٍ واضح على مسألة ضرورة تشريع المناصفة أكثر، كي لا يكون الاستحقاق البلدي مناسبةً لفضّ الشراكة التي تقوم عليها الحياة العامة.

انطلاقًا من هنا، تقدّم «تكتّل لبنان القوي» يوم أمس، وبمبادرة من النائب نقولا الصحناوي، باقتراح قانون معجّل مكرّر، يرمي إلى تعديل قانون البلديات بإعادة اضافة المادة 12 الملغاة إليه، ليصبح انتخاب أعضاء المجلس البلدي في بيروت مقسّماً على دائرتين؛ دائرة بيروت الأولى ودائرة بيروت الثانية.

يُعتبر هذا الاقتراح هو المخرج الأسلم في هذه الظروف تحديدًا، لضمان عدم ضرب المناصفة شكلًا ومضمونًا في العاصمة، إضافةً لما قد يضمنه انتخاب كل دائرة لأعضائها من تصحيح للتمثيل.

وبعيدًا من التفاصيل، يبدو من الضروري التيقّظ إلى حماية المناصفة على كل الصعد، كون أي خطوة ناقصة في هذا الإطار لن تؤدّي سوى إلى تعميق الشرخ الحاصل وتأجيج مشاعر الغبن بين اللبنانيين، وهو الأمر الذي يجب أن يكون الجميع بغنى عنه.