IMLebanon

هل انطلقت معركة النصاب؟

كتب طوني جبران في “المركزية”:

اوحت المواقف المتلاحقة في الساعات الاخيرة الماضية بان المواجهة المفتوحة بشأن انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية قد دخلت منحى جديدا او انها بدأت تتخذ اشكالا غير مسبوقة. ولكن ذلك لا يحول دون التنبه للعديد من المصاعب التي تعيق الوصول الى مرحلة انتخابه ما لم تطرأ معطيات جديدة لا يتوقعها اي سيناريو متكامل يتم التداول به حتى اليوم.

على هذه الخلفيات قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ “المركزية” ان القراءة المتأنية لمجموعة التطورات المفاجئة التي تلت مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري من تصنيفه للمرشحين بطريقة وصفت بأنها غير مقبولة وغير لائقة ولم تكن متوقعة ان تصدر عنه وهو من يحتسب عباراته بحروفها بميزان الجوهرجي بطريقة ابقته على مسافة مقبولة من الخصوم قبل الحلفاء.

وبناء على ما تقدم، فقد أشارت مصادر نيابية مقربة من عين التينة بأن هذه المواقف القت حجرا كبيرا في مستنقع الاستحقاق وحركت موجات لا بد من البحث في إمكان استثمارها بطريقة أكثر دقة تسمح بالوصول الى تحديد موعد لجلسة انتخابية تشكل ثمرة التحولات المرتقبة على اكثر من مستوى.

ولفتت هذه المصادر الى بعض المعطيات ومنها اثنتان على سبيل المثال لا الحصر:

– إن لم يكن الرئيس بري قد قصد توجيه اي اهانة الى معوض او اي نائب وهو رئيس للمجلس النيابي فإن ذلك ما زال موضوع تدقيق. وهي ملاحظة تستدعي الاشارة الى انه كان هناك مجال لتحاشي ما حصل. فبعد سقوط تجربة القاء اللوم على ناشر المواقف الملفتة لبري – وهو الذي لا توجه اليه مثل هذه التهمة – كان لا بد ان يتدخل أحدهم لتوضيحها قبل ان “يفلت الملق” بعد ساعات على نشر الموقف الذي ترك أكثر من ردة فعل في الاوساط المختلفة حتى في صفوف الحلفاء قبل الخصوم. ولكن ذلك لم يحصل من دون توضيح الأسباب، فلم يكن صعبا ان يصدر عن المكتب الاعلامي لبري توضيحا يبعد التفسير السلبي للموقف والاشكال الذي تسبب به من قبل معوض و حلفائه وخصومه فلماذا لم يحصل ذلك وما الذي حال دونه؟!.

– اما وقد حصل ما حصل فإن المقاربة التي أجرتها مصادر مقربة من بري ما بين ما صدر عنه من توصيفه للمرشحين للاستحقاق الرئاسي وتلك التي تحدث عنها عندما أطلق رده الشهير على المواد الدستورية المتصلة باقفال كل جلسة انتخاب للرئيس وتلاوة محضرها، بأنها “المادة اجرها من الشباك” لهو محاولة فاشلة. فتلك كانت محتسبة وواضحة لدى بعض النواب ومن رجال الدستور في ظل فقدان الرجال البارزين منهم من بين صفوف النواب الحاليين. ولذلك فان “الخبطة” الثانية لا تقاس بالاولى. وهي لغة مرفوضة بكل المعايير سواء توجه بها الى المرشح بعينه، او انه قصد من رشحه من زملائه النواب وهم شريحة اقتربت من ان تكون اقل من نصف عدد أعضاء المجلس النيابي بقليل فتكبر عندها الجريمة المرتكبة.

وقبل التوغل في الكثير مما تحتمله هذه القراءة، فإن الاشارة الى عناصر اخرى من تلك التي افرزتها مواقف بري تبقى اهم بكثير من التوقف عند عبارة يمكن ان ينساها حتى المعنيون بها. وعليه فان اصرار بري على ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يدفع الى مواجهة من نوع آخر قد تضع بري في مواجهة مع بعض الدول التي شاركت في “اللقاء العربي – الدولي” الذي عقد في باريس في السادس من شباط الماضي . فبري يدرك قبل غيره ان مرشحه غير مقبول في أكثر من عاصمة من عواصم الأطراف الخمسة وخصوصا ان صدقت المعلومات المسربة من الرياض. ولذلك فان مواجهة من هذا النوع ستؤدي الى اسقاط مرشحه بالضربة “شبه القاضية” في مرحلة تلي اسقاط ترشيح زميله النائب ميشال معوض وربما سقط معه آخرون سدت السبل في وجههم ولا سيما تلك الحالة التي تستدعي الدعوة الى تعديل دستوري ما يحول دون انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون أو اي موظف حالي رئيسا للجمهورية.

وعلى هامش هذا النقاش ثمة نظرية تقول ان الاشهر الاربعة التي عبرت منذ تاريخ انتهاء ولاية الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون قد ادت الى اسقاط اول المرشحين الأساسيين وهو النائب ميشال معوض، وان كان اختيار البديل عنه لن يتم اختياره الا بالتوافق معه. وعليه فان مهلة اخرى مطلوبة لاسقاط المرشحين الآخرين المتداول باسمائهم حتى اليوم لتدخل المعركة الرئاسية مرحلة البحث في لائحة جديدة من المرشحين تلبي باسماء المدرجين عليها “المواصفات الدولية” التي اقتربت بعض الدول من توضيحها والحسم بشأنها والى تلك المرحلة يخلق الله ما لا تعلمون.

وبمعزل عن هذه الطروحات ثمة من يعتقد بالعكس ليقول، ان مواقف بري يمكن ان تكون دليلا على انه قد ضمن النصف زائد واحدا لمرشحه وهو يسعى ومعه “حزب الله” الى تامين مقومات الجلسة التي لن تعقد بكامل مواصفاتها الدستورية ما لم يضمنا معا “نصاب الثلثين” داخل القاعة. وهي معركة أخرى تحتمل سيناريو آخر يحتاج الوصول إليه الكثير من المعطيات المفقودة ما لم تاتي “مفاجأة صاعقة” بما لا يمكن تصوره أحد، الا في حال تجددت التسوية السياسية التي عقدت 2016 بشكل من الأشكال مع التذكير بأنها استلزمت 29 شهرا من الشغور لإنجابها، فهل نحن على أبواب مرحلة مشابهة؟!