IMLebanon

الملف الرئاسي… خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء

كتب وسام أبوحرفوش وليندا عازار في “الراي” الكويتية:

مع بدء انقشاع «الغبار» السياسي الكثيف الذي أَحْدَثَه إعلان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله دعْم ترشيح زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، تزداد المؤشرات إلى أن هذا الاستحقاق العالق منذ أكثر من 5 أشهر خطا خطوة جديدة ولكن… إلى الوراء.

فرغم أن تبنّي الثنائي الشيعي، «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري، خيار فرنجية أطْلَق دينامية جديدة تَعَمَّد فيها الحزب إخراج «سلاحه» الرئاسي من «مخبئه» في سياق وضْع الأوراق على الطاولة وحضّ خصومه على وقف «اللعب تحتها»، إلا أن هذا التطور بدا أبعد ما يكون عن تقريب انتخابات الرئاسة الأولى من حلّ أو تسويةٍ لم يَعُد الثنائي يراها إلا على قاعدة «فوز بالنقاط» إما عبر حوارٍ وكأنه دعوة «لدعم مرشّحنا» وإما بجلسةٍ انتخابية يسعى لأن «يحصّنها» أولاً بـ 65 صوتاً لزعيم «المردة» (النصف زائد واحد) ليصبح الأخير أشبه بـ «رئيس مع وقف التنفيذ» بحال اختار خصوم الحزب و«حلفاء قدامى» عدم توفير نصاب الثلثين لانعقاد البرلمان في جولته الرئاسية الحاسمة.

وفي موازاة «الجِراح» التي تعمّقت في جسم العلاقة «الحَرِجة» بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بفعل تَفَلُّت الحزب من أي مراعاة لحليفه المسيحي الذي يرسم لا «بالأحمر العريض» حول فرنجية، وهو ما يجعل ترشيح الأخير «قنبلة» انفجرت داخل تحالف 8 آذار بجناحيه الرئيسييْن، فإن قوى المعارضة لم تقارب خطوة ترشيح زعيم «المردة» – من دون حتى أن يُترك له شرف الإعلان عن ذلك أولاً – على أنها في إطار البحث عن حلّ بل رأت فيها تعقيداً للأزمة ومحاولة لجعْل الفترة المقبلة، مهما طالت، فسحة لمزيد من تطويع الوقائع والظروف لجعْل أي جلسة انتخابٍ «معلَّبة» لمصلحة وصول فرنجية.

واعتبرت أوساط معارضة أن تغريدة نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أمس وقوله «هناك طريقان لا ثالث لهما: إمَّا طرحُ الكتل لأسماء المرشحين لديها للرئاسة والحوار في ما بينها لتأمين الترجيح لأحدهم، وإمَّا التمترس حول خياراتها وعدم إنجاز الاستحقاق إلى أجل غير مسمَّى» تعكس أمران: أولهما أن الحزب يسعى ليكون «ناظِم» الاستحقاق الرئاسي. وثانيهما أن يحظى بـ «أفضلية» على الآخَرين في إدارة هذا الملف بما يتناسب مع «بنك الأهداف» الذي رسمه للاستحقاق الرئاسي وتختصره مواصفات الرئيس «الذي تَطْمئنّ له المقاومة ولا يطعنها في الظهر» ويكون امتداداً لِما عبّر عنه الرئيسان إميل لحود وميشال عون، حاصراً هذه المواصفات برئيس «التيار الحر» جبران باسيل الذي استبعده الحزب «لأن لا فرصة له حالياً» وزعيم «المردة» الذي «نزل به إلى الميدان» وكأنه «الحصان الأخير» الذي يأمن له.

وفي موازاة التعقيدات الداخلية التي تواجه خيار فرنجية، وقد تدفع «التيار الحر» لتقاطُع جديد مع قوى معارضة مثل «القوات اللبنانية» على مقاطعة جلسة انتخابٍ «مُقَوْلبة» لإيصال زعيم «المردة» من جهة، واستحالة تَصَوُّر انتخاب رئيسٍ لا يرضى عنه «حزب الله» من جهة أخرى، لم تكن عاديةً الإشارات البالغة السلبية تجاه ترشيح فرنجية التي عبّرت عنها وعلى مدى يومين متتاليين صحيفة «عكاظ» السعودية بطبعتها الورقية وعلى موقعها الإلكتروني بمقالاتٍ اعتُبرت مؤشراً إلى أن المملكة التي لا تتدخل في الأسماء المطروحة للرئاسة وترفض قول «نعم» لأي منها باعتبار أن هذا شأن لبناني، تذكّر بما «لا تريده» للبنانيين ومنهم لجهة إضاعة فرصةٍ كي يستعيد لبنان «توازنه السياسي» عبر رئيسٍ يوقف جنوح البلاد إلى تحت جناح «حزب الله» بأدواره التي تسيء إلى استقرارها و«الأمن القومي العربي».

فصحيفة «عكاظ» أطلت بعددها الصادر أمس وعلى صفحتها الأولى مقال بعنوان: «يدعم أكاذيب حزب الله ضد دول الخليج… فرنجية – نصر الله هل يحرقان لبنان»، مرفقاً برسم كاريكاتوري يظهر فيه وجه نصرالله بنصفين، الثاني يرتسم فيه وجه فرنجية، وتحته صورة لوزير الإعلام السابق جورج قرداحي (كان من حصة فرنجية) والذي فجّر أزمة ديبلوماسية كبيرة مع المملكة ودول الخليج العربي الأخرى (قبل نحو 16 شهراً) بتصريحات مسيئة لها.

وأُكمل هذا المقال داخل الصحيفة تحت عنوان «ثنائية نصرالله – فرنجية هل تحرق لبنان»، وفيهما أنه «بعدما قرر الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) استبدال الورقة البيضاء التي كانت سائدة قبل خمسة أشهر في صندوق انتخاب رئيس جديد للبنان بورقة فرنجية، ساد الصمت غالبية الأروقة السياسية التي تنكبّ على تفكيك إعلان نصرالله ترشيح فرنجية، وما إذا كانت عملية محترفة لحرقه أو لإيصاله جدياً إلى قصر بعبدا»، معتبرة أنه «بانتظار أن يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود، وأن يعلن فرنجية ترشحه للرئاسة رسمياً، يبدو أن(الثنائي)أدخلا لبنان في المنعطف الأخير قبل الحسم، إذ بدأت عملية رصد المواقف خصوصاً المعارضة منها أي الرافضة لخيار حزب الله والتي أكدت مراراً أنها لن تؤمن نصاب جلسة انتخاب رئيس ممانع أو خاضع لهذا المحور».

ونقلت الصحيفة عن مصادر لبنانية «مخاوفها من التعجيل بسيناريو الفوضى والانفجار وتزايد الأزمات بعد هذا الإعلان الذي ترفضه أطراف سياسية لبنانية فاعلة، خصوصاً مسيحية»، لافتة إلى «أن قوى إقليمية ودولية سارعت لتكثيف التحركات والاتصالات مع الفرقاء السياسيين في لبنان، للحيلولة دون وصول الأوضاع إلى حافة الهاوية والانهيار».

واستذكرت المصادر في هذا السياق، أنه حين كان لفرنجية وزير واحد محسوب عليه، وهو (جورج قرداحي)، تسبب في مقاطعة خليجية مع لبنان. وتساءلت المصادر «إلى أي تدهور سيقود لبنان لو وصل فرنجية إلى سدة الرئاسة”؟

وأمس نُشر على موقع «عكاظ» مقالٌ بعنوان «بعد ترشيحه فرنجية… نصرالله يجرّ اللبنانيين إلى جهنّم»، وفيه «إلى التصعيد دُر. هذا ما قاله أمين عام حزب الله في كلمته عندما أعلن دعم فرنجية. وعلى عكس حرب تموز 2006 عندما برّر نصرالله الحرب على لبنان بالقول، لو كنت أعلم. هذه المرة نصرالله كان يعلم بتداعيات إعلانه دعم ترشيح فرنجية للرئاسة. وأولى التداعيات أنه حوّل فرنجية مرشح تحدّ بالنسبة لباقي الأفرقاء في الداخل اللبناني. ليس هذا فقط، بل أيضاً جعله مرشحَ تحدٍّ بمواجهة المجتمع الدولي وتحديداً المفيد من هذا المجتمع. وكلام نصرالله جاء واضحاً بإعلان نهاية البحث عن تسوية لرئاسة الجمهورية، تحمل لبنان من موقع الغرق الاقتصادي والأمني والسياسي إلى شاطئ الأمان».

واتهم نصرالله بأنه «يعتقل لبنان الدولة والشعب مطالباً بما يشبه الفدية من المجتمع الدولي (…) ولبنان برعاية محور الممانعة هو شبيه بسورية اليوم واليمن والعراق. ولبنان برعاية محور الممانعة يدخل اليوم بعد قرار نصرالله دعم فرنجية نفقاً جديداً من المؤكد أنه ليس نفق الاتفاقات أو التسويات، بل نفق المواجهات والتحديات».