IMLebanon

قلق وكآبة وانتحار… صحّة اللبنانيين النفسية تتدهور!

تقرير ماريلين عتيّق:

“الجسم السليم في العقل السليم”، مقولة نسمعها كثيرًا، ولكن كم أنّ اللبنانيين بعيدون عنها، خصوصًا بعد أن فتكت بهم المصائب في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تمر بها البلاد منذ أكثر من 3 سنوات.

حالة اللبناني في السنوات الأخيرة يرثى لها، فالاستقرار النفسي والمادي والأمني معدوم، حيث كل مواطن متروك لمصيره.

عوامل عدة من فقر مدقع إلى جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت، أدت إلى تدهور الصحة النفسية لدى اللبنانيين، الذين هرعوا إلى عيادات الأطباء النفسيين، تفاديًا للأسوأ… الانتحار.

وفي السياق، أكدت الاختصاصية في علم النفس والعلاج السلوكي – المعرفي لين لطيف، أن “العالم كله تأثر على الصعيد النفسي بعد جائحة كورونا، ولكن في لبنان الوضع تفاقم أكثر، فالتحديات التي يواجهها المواطنون في هذه الأيام خلقت حالة من الكٱبة واليأس لديهم، بالإضافة إلى صعوبة في الانخراط بالمجتمع، وهذا الأمر ظهر مع بداية الأزمة في لبنان أي منذ حوالي ثلاث سنوات”.

وأفادت بأن “هذه الأعراض قد تطال جميع الفئات العمرية بدون استثناء”.

وأشارت لطيف في حديث لموقع IMLebanon، إلى أن “لا أرقام دقيقة للمرضى الذين يلجأون إلى الأطباء النفسيين، ولكن لا شك أن العدد ارتفع كثيرًا خلال هذه الفترة، في نسبة لا تقل عن الأربعين في المئة”، كاشفة عن أن “عددًا لا يستهان به من المواطنين يلجأون إلى الجمعيات عوضًا عن العيادات، وذلك لأسباب مادية”.

وفي شهر آذار الحالي سجل لبنان 6 حالات انتحار بعد أن اتخذت الأزمة منحى دراماتيكيا، وذلك بعدما أعلنت “الدولية للمعلومات” أن حوادث الانتحار تراجعت خلال العام 2022 مقارنة بالعام 2021.

وقد وصل متوسّط حوادث الانتحار سنويًّا خلال الأعوام 2013 – 2022 إلى 143 حادثة، والعدد الأكبر سجّل في العام 2019 إذ بلغ 172 حادثة، أمّا العدد الأدنى فهو 111 حادثة سجّلت في العام 2013.

وأوضحت الاختصاصية النفسية أن “تراجع نسبة الانتحار في لبنان يعود إلى حملات التوعية التي تقوم بها الجمعيات المختصة، كما إلى العلاجات المجانية التي تقدمها”.

وأضافت: “لكن حتمًا هناك حالات انتحار كثيرة، وحالات غير معلن عنها أيضًا”.

من هنا، لفتت إلى أن “موضوع اللجوء إلى معالج نفسي لا يزال مرفوضًا لدى العديد من اللبنانيين لأنهم يعتبرونه أمرًا معيبًا، أما في ما يخصّ الطبيب النفسي فالوضع أفضل بقليل، لأن المريض في هذه الحالة لا يكرر زياراته إلى العيادة فهي تكون مختصرة ما يقلل من الإحراج بنظره”، معتبرة أن “طريقة التفكير هذه خاطئة وتنمو لدى الأشخاص بسبب ثقافة الأهل، فطلب المساعدة من اختصاصيين أمر إيجابي وليس العكس”.

كذلك شددت على أن “القلق هو من الأمراض النفسية الأكثر شيوعًا لدى اللبنانيين، وأعتقد أن الجميع يعانون من القلق ولو بنسب متفاوتة، في هذه الأوضاع غير المستقرة وفي ظل غياب الرؤية والتخطيط المستقبلي”.

وبهدف تحسين صحتنا العقلية قبل تفاقم المرض، تنصح لطيف اللبنانيين “بالتعبير عن كل ما يقلقهم وكل الأحداث المهمة التي جرت معهم خلال نهارهم وذلك عبر الكتابة، وبممارسة الرياضة التي تساعد كثيرًا في تحسين الضغوط النفسية، وبالنوم بشكل منتظم، وأخيرًا بالابتعاد عن الموادّ الضارة مثل السجائر والنرجيلة والكحول التي تدخل الشخص في حالة خمول”.

ويبقى التخلص من وصمة العار المتعلقة بالصحة النفسية، والتشجيع على طلب مساعدة اختصاصيين، الطريقة المثلى لبناء مجتمع سليم، حتى في ظلّ الأزمات المتلاحقة. والأهمّ أن نتذكر أنّ الاهتمام بالصحة النفسية هو مفتاح الصحة العامة.