IMLebanon

رئاسة لبنان تدخل العدّ العكسي!

كتبت نجوى ابي حيدر في “المركزية”:

بين دولار ما فوق المئة والاتفاق السعودي- الايراني رابط وثيق. فالارتفاع الجنوني للعملة الخضراء وتفلت سعر الصرف من عقاله، ولئن بدا طبيعيا او مبرراً، نتيجة المستجدات المالية- القضائية واضراب المصارف وتعثر الوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، الا ان مساره الصاروخي مرتبط عضويا ايضاً بالحقبة الجديدة التي دخلتها المنطقة عقب الاتفاق الاقليمي بمندرجاته الظاهرة والخفّية، ما يفرض على الجهات المتضررة من مفاعيله ممارسة اقصى درجات الضغط من خلال السوق السوداء المتحكمة بها ،علّها بتذاكيها هذا، تتمكن من فرض مرشحها لرئاسة الجمهورية تحت الضغط المالي، قبل الدخول الفعلي في مدار تنفيذ الاتفاق التاريخي، وقد فاتها ان تهريب الرئاسة بات خارج الزمن الجديد بتسوياته، وما كان مرفوضا بالأمس اصبح اكثر رفضاً اليوم.

تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية” لبنان دخل مرحلة جديدة سيتظهر فيها تراجع الخط الممانع تدريجيا. المملكة العربية السعودية لم ولن تقبل برئيس من الخط الممانع وقد ابلغت موقفها هذا الى المعنيين في اجتماع باريس وفي الداخل اللبناني، وجاء الاتفاق السعودي- الايراني ليكرس هذا التوجه ومعه تكريس وقائع دستورية جديدة بعيدة عن الخطوط الممانعة. ثمة واقع جديد ستقدم فيه ايران تنازلات، هي عنوان لتسويات، لا يمكن ان تقدم الا في سياق اعادة انتاج سلطات متوازنة . ذلك لا يعني نزع سلاح الحوثيين وحزب الله في القريب العاجل، وليس هذا المطروح، انما ايران التي سعت الى استعادة العلاقات مع السعودية، والموضوعة راهنا تحت الاختبار، لا بدّ ان تقدم تنازلات لابراز حسن النية كونها في موقع المعتدي، من خلال فرض سلطات دستورية ممانعة لا تمت الى الوقائع السياسية بصلة. ولذلك لا بدّ ان تبلغ حزب الله، كما ابلغته في ملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، بوجوب الابتعاد عن سياسات التحدي والتوجه نحو مرشح يتوافق مع طبيعة وشروط المرحلة الجديدة.

وتضيف: بعد توقيع الاتفاق، لم يعد لايران من مصلحة، لا سيما في بدايات هذه المرحلة، ان تعطي اشارات سلبية خصوصا في ظل راع صيني تربطها به مصالح اقتصادية فضلا عن حاجتها في المراحل الاولية الى اعطاء اشارات حسن نية. وهذا يقتضي حكما ترجمته في لبنان بالتخلي عن مرشحي الممانعة والتوجه نحو انتاج سلطة دستورية تتوافق مع زمن التسوية، من خلال الاقرار بالمرجعيات الدولية، بدءا من ميثاق الامم المتحدة وصولا الى عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية.

بدايات المرحلة المستجدة، تؤكد المصادر، سيتظهر باستبعاد اي مرشح ممانع والاتجاه نحو انتاج سلطة دستورية متوازنة لا يكون لهذا الفريق اي سلطة عليها، اما النهايات المتوقعة فعلى الارجح نزع سلاح حزب الله وسحب اذرع ايران من المنطقة.

في مقابل حصولها على ما كانت تنشده للخروج من مأزوميتها، في ظل اسوأ وضع سياسي تقبع فيه منذ الثورة الايرانية، نتيجة الانتفاضة الداخلية والتناقضات الخارجية الاميركية والاوروبية والسعودية وبحثها عن خشبة خلاص منذ اجتماعات بغداد ثم مسقط فبكين، وقد وجدتها في الاتفاق مع المملكة، ستقدم ايران المزيد من الاوراق في اليمن وفي لبنان، على دفعات…هذا يعني، وفق المصادر، دخول ملف رئاسة لبنان مرحلة العدّ العكسي، والذهاب نحو معادلة انتاج سلطة جديدة بعيدة من التحدي والفرض، في انتظار اتضاح كلمة السر حول هوية قائد المرحلة الانقاذي… وانقشاع الضباب لم يعد بعيدا.