IMLebanon

أين أصبحت مفاوضات الترسيم مع سوريا وقبرص؟

كتبت ميريام بلعة في “المركزية”:

بعد المعلومات عن تبليغ مجموعة “توتال إنرجي” وزارة الطاقة والمياه بإسم الشركة التي ستزوّد لبنان بآلة الحفر التي سيتم استخدامها في البلوك 9 جنوب لبنان، تتظهّر نيّة “توتال” الجديّة في تطبيق خطتها المعلنة في مواعيدها حيث الحفر قد يبدأ بين آب وأيلول المقبلين، إن لم يطرأ أي مستجدّ سياسي يقضي على مضامين الخطة ومعها الآمال المعقودة على نتائجها… فالتجارب كثيرة، علّ المستقبل يُظهر العكس.

“حتى اللحظة لا تزال خطة مجموعة “توتال إنرجي” ماضية في مسارها الطبيعي” تؤكد الخبيرة في مجال النفط والغاز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان في حديث لـ”المركزية”، وتعزّز هذا التأكيد بالإشارة إلى “شريط الفيديو الذي أعدّته “توتال” مؤخراً حول دراسة مسح الأثر البيئي والمتوقَع صدور نتائجها في شهر حزيران المقبل والتي تتطلب موافقة هيئة إدارة قطاع البترول، على أن يلي ذلك الإعلان عن الشركة الفائزة في تلزيم عملية الحفر في البلوك 9″.

كذلك سبق وحدّدت “توتال”، بحسب هايتايان، “نهاية أيلول أو بداية تشرين الأول سيبدأ الحفر الذي يستلزم فترة تتراوح ما بين ثلاثة وأربعة أشهر، ومع بداية السنة المقبلة تظهر الكميات التي تم اكتشافها وما إذا كانت قابلة للاستخراج أو غيرها من الشروط… هنا تنطلق المرحلة الثانية حيث تتوضح ما إذا كانت هناك كميات قابلة للاستخراج، وهل هي بكاملها في الأراضي اللبنانية، أم أنها مشتركة مع الأراضي الإسرائيلية. ففي حال وقعت في الأراضي اللبنانية ينطبق عليها نصوص الاتفاق بين لبنان والشركات، أما إذا إذا كانت ممتدة إلى المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية فهنا يجب تطبيق اتفاق ترسيم الحدود البحرية والذي ينصّ على وجوب أن تتفق إسرائيل و”توتال” على حصة الأولى، وبعدها ينطلق العمل الفعلي في التنقيب”.

وتُشير إلى أن “المراحل تسير في منحاها الطبيعي وليس هناك أي تأجيل أو ما شابه… كما أن “توتال” لم تُعلن وجود أي تغيير في خطة العمل”.

الصندوق السيادي

وليس بعيداً، لا يزال ملف الصندوق السيادي محط تخبّط وتجاذبات… وهنا تقول هايتايان: الملف يخضع حتى اليوم لمزيد من النقاش والدرس في مجلس النواب حيث هناك أربعة قوانين مطروحة وبالتالي عليهم إعداد دراسة في هذا الشأن بعدما تمت الاستعانة بخبير نروجي الذي عقد لقاءً مع النواب لشرح ماهية الصندوق السيادي وكيفية استخدامه… فاطلعوا على خبراته في هذا المجال لمعرفة كيفية الاتجاه في هذا الموضوع.

لكنها تتحفظ في السياق، على “غياب رؤية واضحة حول وضعية الاقتصاد خلال السنوات العشر المقبلة وآلية صرف الأموال… وفي نهاية المطاف سيصل النقاش إلى مَن سيسيطر على الصندوق السيادي ومَن ستكون له اليد الطولى في إدارته…”، وهنا تنبّه إلى أنه “طالما لا يوجد نهج إصلاحي في البلاد فالصندوق بخطر!”.

التنقيب شمالاً…

في ضوء التطورات المطمئنة إلى البدء بالاستكشاف جنوباً في الأشهر المقبلة، تتوجّه الأنظار إلى الحدود البحرية شمالاً حيث التساؤل عن سبب استبعاد أي مفاوضات في شأنها مع الجانب السوري، إذ يسود التحفظ على عدم تكليف اللجنة العسكريّة التي شاركت في المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي في مقرّ اليونيفيل في الناقورة، مهمة التفاوض مع سوريا في موضوع الاستكشاف والتنقيب عن الغاز في البلوكات الشمالية الواقعة على الحدود اللبنانية – السورية. وهنا توضح هايتايان أن “الجيش فاوض الجانب الإسرائيلي في ملف ترسيم الحدود البحرية المشتركة، لكون إسرائيل دولة عدوّة للبنان، وبالتالي لا يجوز أن تفاوضها الدولة اللبنانية بإداراتها الرسمية كالحكومة. لكن لاحظنا بعد حين، كيف تم وضع اللجنة العسكرية جانباً واستُكملت المفاوضات مع شخصيات سياسية لبنانية فخرجت عن إطارها التقني، فأفضت إلى الترسيم المُعلَن غير المبني على أي قواعد قانونية. إنما تم الاتفاق على حدود “سياسية” بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي برعاية أميركية”.

أما في شأن المفاوضات مع الجانب السوري، فتقول: بدايةً، يجب الاطلاع على الموقف السوري القانوني والتقني، ثم الموقف اللبناني واستراتيجية الأفرقاء السياسيين في لبنان في ما خصّ المفاوضات مع سوريا في شأن ترسيم الحدود البحرية شمالاً. وما إذا كان سيتم الانطلاق بهذا الموضوع أم سيكون ضمن سلة واحدة من المفاوضات.

لكن ما هو مؤكد، بحسب هايتايان، أن “الملف معلّق في انتظار انتخاب رئيس جديد للبنان لأن الاتفاق سيكون بين دولة ودولة وبالتالي يتطلب وجود رئيس للجمهورية يقود الاتفاق الدولي ولا يمكن أن تكون المفاوضات والبتَ بها على مستوى وزير أو رئيس وزراء”.

في السياق، تأمل في “إنجاز الملف من الناحية القانونية أولاً، علماً أنه بفعل تجربة لبنان في مفاوضات الترسيم مع إسرائيل، تبيّن أن الملف القانوني شيء والنتيجة النهائية شيء آخر حيث يكون الاتفاق سياسياً أكثر منه تقنياً”.

كذلك تمنّت “ألا تقتصر بطولات الأفرقاء السياسيين على قبرص فقط حيث اشترطوا أن يكون التفاوض في موضوع الترسيم البحري معها، وفق الخبرات الدولية وشروط القوانين الدولية لتحصيل حقوق لبنان والتي لم يشترطوها في خلال المفاوضات مع إسرائيل… لكن حتى المفاوضات مع قبرص مؤجَّلة حتماً لعدم وجود رئيس للجمهورية” دائماً بحسب هايتايان.