IMLebanon

هل أصبحت الطبخة الرئاسية على نارٍ حامية؟

كتبت لارا يزبك في “المركزية”:

وسط جمود رئاسي داخلي سببه إقفال أبواب مجلس النواب والاصرار على التفاهم المسبق على اسم الرئيس لفتحها من جديد، وهو شرط الثنائي الشيعي، انتقلت الحركة على هذه الضفة الى ملعب القوى الخارجية، حيث فعّل السفراء المعنيون بالملف اللبناني نشاطهم في شكل قوي، في شكل أوحى بأن الطبخة الرئاسية وُضعت على نار حامية..

مطلع الاسبوع، وغداة استقبال مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في الاليزيه الجمعة، حط في بيروت وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي، وجال على القيادات السياسية والروحية في البلاد. في الموازاة، كانت السفيرة الاميركية دوروثي شيا تتنقّل بين بكركي وعين التينة والسراي، شأنها شأن نظيرتها الفرنسية آن غريو التي حطت في الصرح البطريركي امس. اما المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، فجالت ايضا على المسؤولين اللبنانيين وزارت عين التينة والخارجية والسراي…

صحيح ان المواقف التي يطلقها الدبلوماسيون في حركتهم هذه، نادرة، غير ان القليل الذي يُقال يحمل الرسائل ذاتَها، وهو كاف وواف لتكوين صورة عما هُم في صدده. الخليفي قال في حديث صحافي مقتضب: نحثّ الأشقاء في لبنان على تغليب لغة الحوار والمصلحة الوطنية، لافتا الى أن “قطر تحرص على توحيد الجهود الاقليمية والدولية لمساعدة لبنان”. وأشار الى أن “العمل ضمن المنظومة الدولية هو ركيزة أساسية ضن استراتيجية قطر وسياستها الخارجية”، معتبرا أن “المشاركة في اجتماع باريس مهمة جداً وأهم النتائج التي خرجت عن لقاء باريس هي حثّ المسؤولين على ملء الفراغ الرئاسي”.

اما غريو، فأعلنت امس من بكركي ان “عرضنا الجهود المبذولة للخروج من الازمة وذلك في اطار الحوار الدائم مع البطريرك والذي تقدّر فرنسا دوره البناء للوصول الى مخرج للازمة”.

من جانبها قالت فرونتسكا: وضعت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في اجواء التقرير الذي صدر عن لبنان في مجلس الأمن الدولي، مشددة “على أهمية استقرار لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن وتنفيذ الإصلاحات الكاملة”.

في ضوء هذا الكلام، تعتبر مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، ان يمكن القول ان الخارج لا يزال في مرحلة حثّ اللبنانيين على الانتخاب وان اية مبادرة جدية موحّدة لم تُطرح على الداخل بعد. الخُماسيّ الدولي مستمر في استمزاج آراء المسؤولين وهو يستمع اليهم، مُحاولا البحث عن تقاطعات بينهم تُسهّل اجراء الانتخابات، غير ان هذه التقاطعات غير موجودة حتى اللحظة، حيث ينفتح فريقٌ من اللبنانيين (وهو الفريق الذي يدعم ترشيح النائب ميشال معوض) على خياراتٍ “توافقية” رئاسيا على ان يكون الرئيس العتيد سياديا اصلاحيا، فيما يصر الثنائي امل – حزب الله على مرشحه فرنجية ويرفض التخلي عنه، حتى الساعة. وقد أبلغ رئيس الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، الخليفي، بهذا الموقف المتشدد عندما استقبله.

الاكيد والحال هذه، ان الشغور سيستمر. عليه، فإن اللاعبين الدوليين، بعد ان حددوا مكمن “الداء” الرئاسي حيث تأكدوا مرارا وتكرارا وعلى مر الاشهر الماضية، ان العقدة تتمثّل في تصلّب حزب الله وامل، فإنهم سينتقلون الى مرحلة تفكيك هذه العقدة، وهم سيتواصلون في قابل الايام مع ايران، لتذليلها، بما ان الجمهورية الاسلامية هي من تمون على الحزب ومواقفه. وبعد تلاشي عقبة الحزب ومرشحه، سيُصار الى البحث عن رئيس توافقي يكون قادرا على ارضاء الاكثرية النيابية، لا ان يكون طرفا، خاصة وان السياديين في لبنان حاسمون في رفض اي مرشح مُمانع او محسوب على 8 آذار، ويصرّون على ان يكون قادرا على الانقاذ وعلى اعادة ربط لبنان بالعام وعلى حماية هيكل الدولة من مخاطر الدويلة.. المسار الدولي لإنجاز الانتخاب انطلق اذا، غير ان وصوله الى خواتيمه السعيدة لن يحصل سريعا ويحتاج الى تجاوز محطات كثيرة قبل بلوغ الهدف…