IMLebanon

اللبنانيون الأوكران شهود على الحرب… وضحايا

كتبت زيزي اسطفان في “الراي” الكويتية:

بعد مرور أكثر من عام على الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لا يزال اللبنانيون في كييف ومدن أخرى يعيشون تبعات المعارك التي لا تهدأ وانعاكساتها على حياتهم اليومية وخياراتهم الشخصية.

هم هناك عالقون بين وطنيْن، أوكرانيا التي استضافتْهم وفتحتْ لهم ذراعيْها ومنحتْهم جنسيّتها، ولبنان الوطن الأمّ الذي تشدّهم إليه الجذور والحنين الدائم لكنه «خارج السمَع» وصمّ آذانه عن نداءاتهم.

هم مواطنون أوكران حتى العظْم يَشعرون بالانتماء الى بلاد احتضنتْهم وبعضهم حَمَل السلاح في جيشها دفاعاً عنها حتى الموت، ومواطنون لبنانيون يطالبون دولتَهم بعدم «هدم الجسور» معهم ونسْف أي إمكان لإبقاء الروابط قائمةً مع وطنٍ هاجروا منه ولكنه لم يهجرهم.

«الراي» استطلعتْ أحوالهم اليوم بعد سنة ونيّف على الحرب.

قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا كانت الجالية اللبنانية تضمّ نحو 3000 شخص يَتَوَزَّعون بين طلاب وعائلات. وكان عدد العائلات اللبنانية أو المختلطة يقارب 1000 عائلة يحمل أولادها الجنسيتين اللبنانية والأوكرانية.

ومع اشتعال المعارك تبدّلت الأوضاعُ، وما يقارب ثلثي اللبنانيين غادروا الأراضي الأوكرانية، وما تبقّى هم نحو 300 فقط تحمل غالبيتهم الجنسيةَ الأوكرانيةَ، وأرزاقُهم وأشغالُهم في هذا البلد الذي يشعرون بالانتماء إليه.

أحمد كرنبي مهندسُ اتصالاتٍ لبناني يعيش في أوكرانيا منذ 34 عاماً، متزوج من سيدة أوكرانية وحاصل على الجنسية له ولأولاده الأربعة. كان أول مَن أطلق خليةَ الأزمة عند نشوء الحرب لمساعدة اللبنانيين وربْطهم ببعضهم البعض وتسهيل أمر خروجهم.

ويروي لـ «الراي» تفاصيل حياة اللبنانيين اليوم في أوكرانيا وما حصل معهم في الأشهر الماضية:

«كل مَن غادر أوكرانيا من اللبنانيين، سواء مَن يحملون الجنسية أو الإقامة لم يَعُدْ إليها، لا بل أن الكثيرين وجدوا لجوءاً في أوروبا وكندا وباتوا ينالون مساعدات من هذه الدول تماماً كالأوكرانيين. لم يَعُد هؤلاء الى لبنان، إلا قسم من الطلاب فيما الباقون استفادوا من الوضع للحصول على إقامات أوروبية. أما الطلاب فقسم منهم رجع الى بيروت لكنه ما زال يتابع دروسه الجامعية اونلاين، وقد أعطتهم الجامعات الأوكرانية امتياز تقديم امتحاناتهم عن بُعد أو تقديم المواد التطبيقية عبر الجامعة اللبنانية بالتعاون مع وزارة التربية.

وقلة منهم عادوا الى أوكرانيا لمتابعة تحصيلهم الجامعي فيما قسم كبير انتقلوا الى جامعاتٍ في الاتحاد الأوروبي وحصلوا على إقامة هناك وعمل ومساعدة من الدول التي يتواجدون فيها لإكمال دراستهم».

وفيما غادر اوكرانيا عدد كبير من اللبنانيين، إلا أن مَن بقي فيها بات في وضعٍ دقيق إذ أن الدولة الأوكرانية منعت أي شاب ما بين عمر الثامنة عشرة والستين من مغادرة البلاد لأنه مسجَّل ضمن احتياط الجيش. وقد سرى الأمر على اللبنانيين المجنَّسين أيضاً وكان تشديد كبير من كييف على منْع المغادرة.

في بداية الحرب كان يحقّ لمَن يحمل إقامة أوكرانية الدخول إلى رومانيا ومن ثم الوصول الى الاتحاد الأوروبي، لا بل كان الأمر مسهَّلاً. لكن بعد فترة بات هذا الطريق مَنْفذاً لبعض اللبنانيين لمغادرة لبنان عبر أوكرانيا نحو الاتحاد الأوروبي.

حيث كما علمت «الراي» استغلّ البعض الحرب للحصول على إقامة في أوكرانيا إما من خلال الزواج من أوكرانية عبر الانترنت، وإما التسجل في جامعة أو حتى المجيء إلى أوكرانيا ليغادروا بعدها نحو أوروبا بسهولة. لكن هذه المحاولات انكشفت وشعرت دولة مولدوفيا بوجود محاولاتِ فرار عبر أراضيها فباتت تدقّق جداً وتمنع خروج حتى مَن يملكون وثائق شرعية.

كما بات الحصول على فيزا إلى رومانيا او فيزا شنغن أوروبية صعباً جداً ما جعل الخروج من أوكرانيا للبنانيين الباقين عسيراً ومتعذّراً.

اللبنانيون الذين صمدوا في أوكرانيا لم يكن صمودهم لأسباب مادية فقط، أو لاضطرارهم للبقاء بسبب أعمالهم، بل هم لم يغادروا عن اقتناعٍ وحبٍّ لهذا البلد. والدليل على ذلك وجود شبان لبنانيين يحاربون الى جانب الجيش الأوكراني بعدما التحقوا بصفوفه.

وحول هذه المسألة التي تبدو غريبة بالنسبة للكثيرين يقول الناشط الاجتماعي ومنسّق تيار المستقبل في أوكرانيا أحمد كرنبي: «ثمة أوكرانيون من أصل لبناني، بعضهم وُلد وعاش هنا ولديه انتماء وحبّ لأوكرانيا.

مع بداية الحرب كان هناك شعور وطني جارف، وكل الشبان ذهبوا للتطوع في الجيش الذي يحتاج الى أشخاص أكثر من غيرهم، مثل مهندسي الميكانيك والاتصالات، وخبراء المعلوماتية والشبكات الالكترونية.

وفي أوكرانيا يخضع كل طالب لدورة من سنتين مع الجيش يتدرّب خلالها وإذا كان طالب ماجستير فهو يتخرج برتبة ضابط في الاحتياط».

وأضاف: «لذا فإن عدداً من الشبان اللبنانيين – الأوكران ممن يحملون درجة ملازم وأصحاب اختصاصات مطلوبة في الجيش تم قبولهم بين صفوفه بسرعة. ولا شك أن ثمة أسباباً وطنية دفعت بهؤلاء للتطوع، لكن أضيفت إليها أسباب اقتصادية، إذ ان البعض تطوّعوا للحصول على رواتب تمكّنهم من إعالة عائلاتهم في وقتِ الحرب الصعب.

لكن مهما تكن الأسباب فإن هؤلاء الشباب اللبنانيين كانوا على استعداد ليضحّوا بحياتهم من أجل أوكرانيا. وهذا بالفعل ما حدث للأسف مع استشهاد الشاب حسين المهدي 38 عاماً وهو في الأصل من جنوب لبنان، والشاب أحمد عمر أبو العيلة زكريا من شمال لبنان، وهما شابان متزوّجان ويحملان الجنسية الأوكرانية».

ويوضح «أن أبوالعيلة، وهو في الأصل من بلدة فنيدق العكارية اللبنانية، مهندس سقط حين استُهدفت مجموعتُه التابعة لسلاح الهندسة في الجيش الأوكراني من قبل الجيش الروسي، وهو كان يعيش مع عائلته في لبنان لكنه غادر في 2019 مع بداية الأزمة المالية في بلاد الأرز. وبين صفوف الجيش حالياً نحو 15 متطوعاً بين لبناني وفلسطيني كانوا يعيشون على أرض لبنان».

هم ليسوا مرتزقة يحاربون من أجل ربح مادي، بل أبناء بلدٍ يعيش حرباً فوجدوا أنفسهم مضطرّين للدفاع عنه مثلهم مثل أي مواطن أوكراني وإن كانت جذورهم تمتدّ بين بلدين.

الجندي مارك طعمه

«الراي» انفردت بإجراء مقابلة خاصة مع الجندي الأوكراني مارك طعمه وهو لبناني ولد وعاش في منطقة الأشرفية في لبنان ثم انتقل عام 2007 وكان في العشرين من عمره الى أوكرانيا ليتابع تحصيلَه العلمي ويحوز درجة ماستر في الطب البيطري.

«في 24 شباط في الساعة 5.15 تحديداً بدأت الحرب (أو الاعتداء الروسي على أوكرانيا كما يسمّيه) ودخلت الطائرات الروسية وبدأت بقصف المطارات العسكرية. ومع وصول القوات الروسية الى ضواحي كييف بدأتُ أتلقى اتصالاتٍ من العاملين معي في العيادة البيطرية ومن لبنانيين أصدقاء وغيرهم.

لم أتردد أو أفكر مطوّلاً. وعند الساعة 6.50 اتصلتُ بصديق قريب لي مسؤول في الجيش الأوكراني وأعلمتُه أنني أريد الدفاع عن وطني الثاني أوكرانيا. وكان هدفي الأول حماية نفسي والحيوانات الموجودة داخل العيادة البيطرية وفي منزلي، والهدف الثاني الدفاع عن البلد الذي يحتضنني منذ 15 عاماً».

ويضيف: «التحقتُ بالجيش في اليوم نفسه، وعشنا مرحلة صعبة جداً كانت بين أقسى الأوقات التي يمكن للإنسان أن يمرّ بها. كنتُ أوزّع جهودي بين واجباتي العسكرية والمساعدة في إخلاء المواطنين، ولا سيما اللبنانيين، لبلوغ محطات القطار وتأمين الوقود لهم للوصول الى هناك أو نقل عائلاتهم الى خارج المدينة، كما كنتُ أعمل بشكل خاص على مساعدة الطلاب اللبنانيين من كل المناطق على المغادرة. كانت محطات الوقود مقفلة وعملية الإجلاء صعبة وخطرة على الجميع».

ويتابع طعمه: «405 أيام مرّت على دخول الجيش الروسي ومحاولته غزو بلدنا الحبيب وتدميره. لا شك أن الحرب ستطول لكن الحقيقة ستنتصر، لأن الجهد الجبار الذي يبذله الشعب الأوكراني لا يمكن أن ينهزم. فلا قوة قادرة على كسْر أمةٍ لا تموت. لقد قالوا بداية: ثلاثة أيام وينتهي كل شيء لكن لا شك في أنهم أدركوا خطأهم اليوم».

من صميم قلبه وقناعاته يتحدّث طعمه عن أوكرانيا التي أعطتْه الكثير فبنى فيها وأسس لأكثر من عمل، عيادة ومطعم وشركة، لكن همّه الأول كان الدفاع عن هذا البلد الذي أَحَبَّه وردِّ جميلِه. هو الجندي الأوكراني الوحيد المولود في لبنان، أما بقية الجنود الأوكران من أصل لبناني فهم وُلدوا هناك لأم أوكرانية وأب لبناني، لكن انتماءه المزدوج جَعَله أكثر تمسكاً بالدفاع عن بلد لم يشهد ولادته لكنه أعطاه أجمل أيامه.

ويقول طعمه: «لستُ متزوجاً ولا عائلة لي في أوكرانيا، ولكن الحرب أعطتني عائلة كبيرة مؤلفة من كل الشباب والشابات رفاقي في الفرقة الذين تعرّفتُ إليهم في هذه الفترة وعشنا مع بعض أوقاتاً صعبة جداً. كونتُ عائلةَ كبيرة ملأت عندي هذا الشعور بالفراغ الذي كنت أعيشه كون عائلتي اللبنانية بعيدة عني. صحيح أنني تعوّدتُ زيارة لبنان بشكل مستمر، لكنني كنت أود أن أكون أكثر قرباً من عائلتي وأن تكون الى جانبي إلا أن الحرب جعلتْني أشعر بأن عائلتي كبيرة جداً. لم ينظر أحد إليّ كشخص أجنبي ولم أشعر بأي تمييز، بل على العكس تماماً كانوا ينظرون إليّ كشخص يحمل مسؤولية كبيرة ليس مضطراً لتَحمُّلها. لكنني أعرف ان مسؤوليتي الدفاع عن بلدٍ عشت فيه 15 عاماً».

شارك طعمه في الحرب في كل ضواحي كييف. ورغم أنه يفضّل ألا يذكر اسم فرقته ومهماته، إلا أنه حرص على أن يروي تجربتَه كجراح بيطري وَضَعَ خبرتَه في المساعدة الطبية الى جانب اختصاصه الحربي الذي يفضّل عدم ذكره بناء على توصيات من الجيش الأوكراني.

ويقول: «في الفترة الأخيرة صارت الحرب بعيدةً عن كييف، وتركّزت الجبهةُ في منطقة أخرى. وقسم ٌمن فرقتنا موجود هناك حالياً. طبعاً أنا أتمنى أن أنزل الى لبنان لرؤية أهلي، لكنني لا أستطيع مغادرة أوكرانيا وهي تعاني من هذا الوضع الصعب. أشعر بأن الشعب الأوكراني بحاجة لنا، ونحن بحاجة لأن نكون بجانبهم. بعض اللبنانيين الذين غادروا وقد بلغت نسبة المغادرين 90 في المئة بدأوا يعودون اليوم. وأتمنى عل كل لبناني يعيش في هذا البلد الحبيب أن يقدّم كل المساعدة التي يَقدر عليها، إن لم يكن جسدياً فعلى الأقل دعماً معنوياً. ففي النهاية هذا البلد حيث درسنا وعملنا وأسسنا وبنينا مستقبلاً، لا بد أن نجازيه ونردّ له جميلَه في أصعب الأيام التي يعيشها».

بعاطفة يكمل طعمه حديثه عن بلديه لبنان وأوكرانيا، فهو رغم وجوده هناك إلا أن قلبه أيضاً على لبنان الذي يعاني. لم ينسَه لحظة ولم يبتعد قلبياً عن والديه اللذين يعيشان حالة خوف وقلق مستمر عليه، لكنهما يدركان جيداً أن مبادئ الوفاء والالتزام التي زرعاها في نفسه قد أثمرت وفاءً للبلد الذي احتضنه. لكن أمنيته الوحيدة أن يحبّ الشعبُ اللبناني وطنَه كما يحب الأوكرانيون وطنهم.

صرخة اللبنانيين في أوكرانيا… «أعيدوا فتْح السفارة»

كما الشعب الأوكراني، عانى لبنانيو أوكرانيا ويْلات الحرب التي أصابتْهم في الصميم. القسم الأكبر منهم غادر البلد بحثاً عن الأمان وبقي قسم آخَر احتمى في أماكن بعيدة عن الخطر ورَفَضَ ترْك البلد الذي يحب.

لكن اليوم ثمة صرخة ألم يطلقها اللبنانيون الصامدون هناك مع قفل السفارة اللبنانية في كييف أبوابها وترْكهم يتدبّرون أمورهم بأنفسهم في البلدان المجاورة.

مع بداية الحرب شهدت السفارة اللبنانية في كييف حالة من الهلع والتضعضع، لكنها استجمعت نفسها بعد الصدمة الأولى وعملتْ مع اللبنانيين الموجودين في أوكرانيا أي في كييف وخيرسون وسومي وغيرها على إنشاء خلية أزمة، وتم ربْط جميع اللبنانيين عبر شبكة تواصل.

ويروي أحمد كرنبي، وهو ممن ساهموا في تاسيس خلية الأزمة: «بدأنا بسحب الطلاب والعائلات وإرسالهم في اتجاه الغرب أي نحو الحدود الأوروبية. وانتقلتْ السفارة من كييف الى فينيتسا ومعها السفير وطاقم العمل. في هذه الأثناء كان يُمنع على كل شاب يحمل الجنسية الأوكرانية الخروج من البلد فاضطر بعض الشباب اللبنانيين الى تجديد جواز سفرهم اللبناني القديم أو الحصول علىlaisser passer ليتمكّنوا من عبور الحدود. كانت السفارة حينها تقوم بما عليها وتساعد في عملية إجلاء اللبنانيين. وأقامت الحكومة اللبنانية خلية عمل في رومانيا وبولونيا لمساعدة اللبنانيين الخارجين من أوكرانيا. وقد ساهمنا مع مجموعة من الناس في تسهيل هذه العملية والحمدلله كل الناس خرجوا بسلام».

بعد فترة عاد السفير علي ضاهر الى كييف ونقل مقر السفارة واستمرّ في ممارسة أعماله القنصلية حتى كانون الأول 2022 حيث غادر لمناسبة العطلة ولم يَعُد.

وفي هذه الأثناء بدأت تنتشر أخبار عن فساد في السفارة، وقَدِم إليها أحمد سويدان كقائم بالأعمال، وخُصص له مبنى قدّمه مجاناً أشخاص من آل مرهج وذلك لضمان استمرارية العمل في السفارة. لكن الأمور تعثرت لأسباب إدارية وشخصية فلم يتم التحقيق كما يجب في أوضاع السفارة وغادر سويدان بسبب الوضع الأمني وعلّقت وزارة الخارجية عمل السفارة لأجل غير مسمى.

ويقول كرنبي: «نحن اليوم معلّقون بالهواء. فمَن انتهت مدة جوازه اللبناني لم يَعُدْ قادراً على تجديده وبالتالي لا يمكنه الحصول على فيزا للدخول الى رومانيا أو مولدوفيا، ولم يَعُدْ اللبناني المضطر لمغادرة أوكرانيا قادراً على ذلك. لا بريد ولا تصريف أعمال ولا أحد يسأل عنا. علّقت السفارة أعمالها دون إعلامنا ولم يتواصل معنا أحد. تركونا لمصيرنا».

صعب ما يعيشه اللبنانيون في أوكرانيا وكأن ويلات الحرب لا تكفيهم ليأتي تخلّي دولتهم عنهم ليزيد الطين بلة: «إذا توفي أحدنا هنا وأردنا إعادته الى لبنان لا يمكننا ذلك.

وكذلك إذا أردنا تجديد إقامتنا في أوكرانيا أو تسجيل ولدٍ لنا في لبنان. السفارة مسؤولة عن اللبنانيين كلهم حتى الحاصلين على جنسية أوكرانية. لكن كل المعاملات اليوم مستحيلة».

ما دخْل هؤلاء بـ «فساد السفارة» وما يقال عن تحقيقات قضائية؟ هل هم المسؤولون عن حساباتٍ هي في «عالم الغيب»؟

اليوم تضامنوا كلهم ووجهوا رسالة إلى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب يشرحون فيها معاناتهم وضرورة إعادة فتح السفارة لتسيير أمورهم لا سيما أن مئات الطلاب على وشك التخرج من الجامعات ويحتاجون الى مصادقة شهاداتهم من السفارة.

وكذلك فإن الانتقال الى الدول المجاورة لإنجاز معاملاتهم الضرورية أمر مكلف ومحفوف بالمخاطر، كما أن الدولة الأوكرانية لا تعترف بتواقيع السفير أو الموظف الديبلوماسي المختص في الدول المجاورة لأنها غير معتمَدة في أوكرانيا كتمثيل ديبلوماسي غير مقيم للبنان كما تقتضي الأصول الديبلوماسية.

وأوردت الرسالة عدداً من الأسباب السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والمالية التي توجب على الدولة اللبنانية إعادة فتح سفارتها في أوكرانيا لا سيما بعدما تم كشف الفساد وتضاءلت كلفة تشغيل السفارة مع عدم وجود بدلات إيجار تدفعها وانخفاض عدد الموظفين فيها.

وتُنهي الرسالة بان إبقاء السفارة مقفلة لا يؤثر على اللبنانيين المقيمين في أوكرانيا ويعطّل مصالحهم فحسب، بل على العلاقات الديبلوماسية والتجارية بين بيروت وكييف وسيُفهم وكأنه رسالة سلبية من الحكومة اللبنانية تجاه هذا البلد.

من هنا الدعوة الى إعادة فتْح السفارة حتى لا يكون إغلاقها «مكافأة للفاسدين وعقاباً للصادقين الذين يبذلون جهوداً جبارة للحفاظ على المصلحة اللبنانية وإبقاء العلاقات قائمة بين البلدين والشعبين».