IMLebanon

على أبواب “موسم الحرائق”… ما مدى جهوزية الدفاع المدني؟

كتبت سمر الخوري في “المركزية”:

تعرضت والدته لعارض صحيّ في المنصورية ما استدعى نقلها فورا الى المستشفى، اتصل بالدفاع المدنيّ فحضر من مركز المنصورية – المكلّس “سريعا” ولكن “فقيرا”!

نعم فقيرا، لأنّه لا يمتلك من العتاد والمعدات الّا روح الاندفاع لدى عناصره العاملين باللّحم الحيّ.

نعم فقيرا، لأنّ شبابه يحملون المرضى على أكتافهم فالتجهيزات إمّا غير موجودة أو قديمة لا تفي بالغرض.

نعم فقيرا، لأنّ سيارة نقل المرضى بحاجة الى صيانة يدركها حتى من لا خبرة لديه في “الميكانيك”.

نعم فقيرا، لأن لا امكانية لاصلاح ما خرّبته الأزمة، ولا أموال لتحديث المركز وتزويده بالمعدات الكافية.

والمؤسف أنّ هذا المركز ليس الوحيد على هذه الحالة، فأيّ مصير سيلقاه جهاز الدفاع المدنيّ في القابل من الأيّام؟ وهل سيتمكن من الصمود بوجه استفحال الأزمة خصوصا أننا على أبواب “موسم الحرائق”؟!

مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار، يلفت عبر “المركزية” الى أنّ “استفحال الأزمة الإقتصادية الخانقة قد أحدث شللاً في كافة مرافق القطاع العام. وبما أن الدفاع المدني يشكل جزءًا لا يتجزأ من هذا الوطن، فإن هذه الأزمة ترخي بثقلها على هذه المديرية العامة التي تلقى على عاتقها مهام كبيرة سيما تأمين السلامة العامة في كافة المواسم والأزمات”.

عن المشاكل التي يعانيها المتطوعون، يكشف خطار “من ناحية العديد إن غالبية عناصر الدفاع المدني هم من المتطوعين، يواجهون مشاكل يومية للتمكن من الوصول إلى المراكز في ظل الأزمة الإقتصادية الخانقة”. أمّا عن النقص في العتاد فيقول: “من ناحية العتاد فإن الآليات بمعظمها باتت قديمة العهد وتحتاج إلى صيانة دائمة. لذا يسعنا القول أن الجهوزية مؤمنة ولكن وفق الامكانات المتوافرة”.

ولأنّ المواطنين يعوّلون على جهود الدفاع مع اقتراب فصل الصيف، فبأيّ جهوزية هو اليوم؟ يقول خطار: “منذ بداية الأزمة ولغاية الساعة رفعنا شعار “بكل الأوقات حدك” تأكيداً منا على الإستمرار بتأدية رسالتنا الوطنية والإنسانية بصرف النظر عن الظروف القاهرة التي تؤثر علينا بشكل مباشر. لذا نطمئن المواطن ونؤكد على أن عناصر الدفاع المدني هم بجهوزية دائمة لتلبية نداءات الإغاثة على مدار أيام الأسبوع وساعات الليل والنهار وفقاً للإمكانات المتوافرة”.

في المقابل، يكشف أنّ “لدى المديرية العامة للدفاع المدني عدداً كبيراً من الآليات المعطلة والمتوقفة عن العمل. علماً أن الآليات الموضوعة في الخدمة هي بمجملها قديمة العهد وقد مضى على تاريخ وضعها في السير أكثر من عشرين عاماً. وإن الآليات المتوقفة عن العمل كانت عرضة لأعطال ميكانيكية طرأت عليها نظراً للإستهلاك اليومي والتي لم نتمكن من تأمين التصليحات المطلوبة لها نظراً لإصرار “الكاراجات” على تقاضي أجور التصليح بالعملة الأجنبية (الفريش دولار)!

ويضيف “كما أن أزمة المحروقات تفاقم من معاناة المديرية العامة للدفاع المدني فنحن لا زلنا نتعاون مع الجيش اللبناني لتأمين المحروقات للآليات ضمن كميات محدودة”!

حاجات الدفاع المدني الأساسية اليوم، يفنّدها خطار كالتالي:

“أولاً: تأمين الإعتمادات المالية الضرورية لتصليح الآليات لأننا لم نتمكن من إخضاعها للصيانة المطلوبة منذ سنتين ولغاية اليوم بسبب الأزمة. كما ثمة نقص في الإطارات والخراطيم الضرورية لإخماد النيران وسواها من المعدات…

ثانياً: إنهاء ملف تثبيت المتطوعين وهذا ما بتنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه بفضل جهود وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي”.

وفي معرض رده عن عدد المراكز التي لا تزال في الخدمة، وما اذا كان بعضها قد أصبح خارجها، يذكر بأنّ لدى المديرية العامة للدفاع المدني حوالى 225 مركزاً وهي تغطي كافة المناطق اللبنانية، وعند حدوث أي نوع من أنواع الكوارث الكبرى كحرائق الغابات يتم استقدام التعزيزات من المراكز المجاورة لتأمين العدد الكافي من العناصر والتدخل فوراً للسيطرة على النيران والحؤول دون امتدادها إلى المنازل أو المساحات الحرجية المجاورة”.

وعمّا اذا كان الدفاع المدني قد حصل على هبات من الدول المانحة، يقول: “ثمة جهات مانحة دولية تمكنت من تأمين بعض المعدات والتجهيزات لعدد محدود من المراكز. وتقوم المديرية العامة للدفاع المدني على الأثر بقبول هذه الهبات وفقاً للأصول القانونية والادارية المرعية الإجراء وذلك عبر إرسال مشاريع مراسيم إلى وزارة الداخلية والبلديات تمهيداً لاصدارها وفقاً للأصول.

في هذا السياق، لا بد من الإشارة أولاً إلى الدعم الفرنسي الذي تلقاه المديرية العامة للدفاع المدني إثر اتفاقيات التعاون الموقّعة بينها وبين السفارة الفرنسية في بيروت والتي أثمرت تأسيس مركز للتدريب في التحويطة لتعزيز قدرات العناصر في مجال إطفاء الحرائق في الأماكن المغلقة وانتداب أمهر المدربين الفرنسيين لتولي هذه المهمة، وتأمين بعض العتاد اللازم بكميات محدودة للإستمرار في تنفيذ المهام اليومية.

هذا بالإضافة إلى الدور الفاعل لبعض الجهات الأجنبية الأخرى على سبيل المثال إنشاء مركز للتدريب مشابه لمركز التحويطة إنما أصغر حجماً في بلدة برج الملوك (قضاء النبطية) بتمويل من قوات الطوارئ الدولية الـ UN، وبعض الهبات من الدولة البولندية (تركيب نظام الطاقة الشمسية لمركزي الجديدة وبرج حمود)، ومن الدولة الهولندية قبل ثلاث سنوات عبارة عن كمية محدودة من عتاد كامل للانقاذ بواسطة الحبال.

ولا تفوت خطار دعوة “المواطنين إلى التقيّد بإرشادات المديرية العامة للدفاع المدني حفاظاً على الثروة الحرجية التي تضاءلت مساحتها بشكل ملحوظ نتيجة الحرائق التي طالت العديد من المناطق اللبنانية إبّان الأعوام الأخيرة والتي بغالبيتها من فعل الإنسان سواء عن قصد أو من دون قصد”.

ويطالب عبر “المركزية” “القوى السياسية أن يمدوا لنا يد العون للتمكن من النهوض بهذا الجهاز إلى أرقى المستويات علماً أن وبالرغم من الصعوبات كافة، لا زلنا نواصل العمل من دون توقف التزاماً بواجبنا الوطني والإنساني تجاه المواطنين والمقيمين على حد سواء”! فهل من يسمع، ام انهم ينتظرون وقوع الكارثة للمبادرة؟!