IMLebanon

بند اساسي في الاتفاق السعودي –الايراني.. لبنان ضمنه!

كتبت يولا هاشم في “المركزية”: 

أشارت وكالة “بلومبيرغ” إلى أن ظهور الشرق الأوسط كجبهة رئيسية في الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة والصين، أصبح أكثر وضوحا، لا سيما بعد تدخل بكين في الخلاف الآخذ بالاتساع بين واشنطن والرياض.

ورأت الوكالة أن الصين وضعت بصمتها على المنطقة بطريقة لم يكن من الممكن تخمينها قبل ستة أشهر، لا سيما من خلال التوسط في التقارب بين الخصمين الإقليميين القدامى السعودية وإيران. فكيف انقلبت الموازين رأساً على عقب؟

السفير السابق في واشنطن رياض طبارة يؤكد لـ”المركزية” ان “ثمّة تغيرات جيو سياسية في المنطقة، وما يحصل أكبر بكثير من لبنان. فقد أدّى الاتفاق الايراني – السعودي منذ لحظة إعلانه إلى تخريب كل برامج رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، ذاك أن الأخير كان مهتماً مع الاميركيين بمسألة توسيع الاتفاقيات الابراهيمية، وكان حلمه، الذي كان قريبا جدا من تحقيقه،  ان تنضم السعودية الى الدول العربية التي تفتح مجالات مع اسرائيل. وبدأت العلاقات بالتحسّن مع موافقة السعودية عام 2020 على السماح للطائرات التجارية الإسرائيلية، بالعبور في أجوائها أثناء رحلاتها إلى الإمارات. كان نتنياهو يأمل بأن يستكمل مسار “ابراهام” في المنطقة، وكان يقول ان السلام مع المملكة سيشكّل نهاية الصراع العربي –الاسرائيلي، وان حلّ القضية الفلسطينية يكمن في عقد تفاهمات مع الدول العربية، وان توسيع اتفاقيات التطبيع مع جيران اسرائيل، سيكون بمثابة درع ضد إيران. فجاء الاتفاق الايراني – السعودي وأفشل مخططات نتنياهو، حيث قررت السعودية بدلاً من إقامة اتفاقية “ابراهام” مع نتنياهو، الموافقة على طلب ايران إجراء اتفاقات مباشرة معها وتبادل السفراء، فينتهي بذلك الخطر الايراني في المنطقة”.

ويضيف طبارة: “لكن، كي تنجح هذه المسألة، يجب ان توضع على الطاولة المفاوضات الايرانية – السعودية اوراق الميليشيات التي تستعملها ايران، خاصة وان طهران عملت منذ ما بعد الثورة علاقات مع الدول العربية من خلال الميليشيات، كحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق.. وفي كل الدول التي لديها مصلحة مباشرة فيها، اصبحت علاقتها من خلال هذه الميليشيات، وتهدد بتحريكها وفقاً لمصالحها في المنطقة. اليوم، يظهر ان ايران فهمت انه من الافضل ان تكون لديها علاقة دبلوماسية طبيعية مع العرب بدلا من ان تصدّر الثورة، والتي ككل الثورات الشيوعية وغيرها كان الهدف منها تصديرها، لأن الدول التي تصنع ثورة يكون هدفها الاول تصديرها الى العالم. اعتقد ان ايران بدّلت رأيها. هذا المسار اليوم طغى على مسار “ابراهام”، واصبح الخوف من ايران يًعالج من خلال علاقات طبيعية معها وليس من خلال تجمعات مع اسرائيل من اجل الحماية منها. هذا التغيّر كبير، والانطلاقة ستكون من خلال العمل على الميليشيات، واعتقد ان هذا هو البند الاساسي على الطاولة  بعد إبرام الاتفاق الايراني – السعودي، وبدأ بالحوثيين حيث حصلت اتفاقات معهم، واعتقد ان الامور تسير بشكل صحيح. إنما من الجدير ذكره ان هذه الامور لا تسير دفعة واحدة، بل بطرق متقطعة، وتحتاج الى بعض الوقت”.

ويتابع: “كما بدأ الحديث عن العراق، وبدأت الزيارات والمحادثات للوصول الى تفاهم لحلّ قضية الحشد الشعبي. أما في سوريا، فإن الرئيس بشار الاسد يود العودة الى جامعة الدول العربية ولكن دونها عقبات لأن بعض الدول العربية وضعت شروطا واهمها ان التوصل الى تفاهم وتعاون بين جميع الفرقاء داخل سوريا، والقيام باصلاحات ووضع دستور جديد يأخذ بعين الاعتبار كل المكونات، كي تعود الى الحاضنة العربية ويتم تمويل اعادة الاعمار، وهذه قصة طويلة ولكن يتم العمل عليها، خاصة من قبل السعودية. لكن، المهم في الامر ان اليوم الحديث الاساسي والحوار والمفاوضات تتعلق بعلاقة ايران بدول الجوار وهذا معناه علاقة ايران بالميليشيات وماذا سنصنع بالميليشيات التابعة لها او الممولة منها”.

ويؤكد طبارة ان “بعدها يصل دور لبنان الذي يعاني ايضا من مشاكل، وقد وضعت له الدول العربية أيضاً شروطاً، وأهمها ان مفتاح لبنان الى الاسواق الدولية والتعاون الدولي هو عبر إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي يُطالب بإجراء الاصلاحات قبل البدء بالعمل مع لبنان. كم يستغرق هذا الامر من الوقت؟ لا اعرف. اعتقد ان الأمر ليس بالسهل ودونه عقبات، لأن عندما يدخل الصندوق ليحل مشاكل البنية التحتية اللبنانية، سيفتح ملفات قديمة لدرسها ومعرفة من نهب الأموال، وهذا الامر سيؤدي الى سجن عدد كبير من المسؤولين. لذلك ستبقى الدفاعات الداخلية قوية لمواجهة عمل صندوق النقد وسيكون من الصعب اختراقها، وهنا تكمن العقدة. ولكن كيف ومتى تحل المشكلة؟ اعتقد ان دور لبنان يصل عندما تحتّم مصلحة الدول الغربية او الفاعلة عليها ضبط الامور، تماماً كما حصل مع اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع اسرائيل، عندما أصبحت اوروبا بحاجة الى الغاز وضعت الدول الاوروبية والاميركية كل ثقلها لإنجازه. حتى حزب الله وقع الوثيقة رغم أنها تتضمن اكثر من عشرين مرة كلمة اسرائيل، وأيضاً رئيس الجمهورية الذي كان يرفض التوقيع على اي امر، وأُنجِز الترسيم. لماذا؟ لأن الضغوطات اصبحت اقوى. اليوم اذا وضعت هذه الدول نصف هذه الضغوطات تتحلحل كل الامور في لبنان”.