IMLebanon

سيناريوهات رئاسية: ما المطلوب من “المعارضة” و”الثنائي”؟!

كتب طوني جبران في “المركزية”:

قياسا على حجم وكثافة الحراك الديبلوماسي تتنوع السيناريوهات التي تقارب الاستحقاق الرئاسي الى درجة يمكن معها الحديث عن مجموعة منها تحاكي الحاجة الى استغلال بعض المحطات الاقليمية بعيدا عن اي موعد أو استحقاق داخلي. فكل الإتصالات الجارية تنحو الى مزيد من التعقيدات في الداخل يوازيها إصرار خارجي على ضرورة الحسم في لحظة ما، بانتظار تحديد ساعة الصفر لهذه المرحلة إن اضطرت الى ذلك.

على هذه الخلفيات، قالت مصادر ديبلوماسية لـ “المركزية” ان معظم الاطراف المعنية بالاستحقاق الرئاسي باتت على علم بالكثير مما هو مطلوب منها في المرحلة القصيرة المدى. وأولاها توحيد المواقف من المرشحين ووقف كل أشكال المناورات والتحضير لمرحلة خوض الاستحقاق تحديدا في ساحة النجمة حيث مقر السلطة التشريعية ومنبع كل السلطات الدستورية بعيدا من المنابر الاعلامية والمقرات السياسية والحزبية. فالعملية الانتخابية لا تخاض عبر شاشات التلفزيون ولا عبر التسريبات الاعلامية والجيوش الالكترونية والاعلامية التي تتلاعب باعصاب اللبنانيين وتزيد من مآسيهم.

وتضيف: لا يعتقدن احد ان مثل هذه التسريبات الوهمية التي تنسب المواقف الى هذه الدولة أو تلك لا يمكن ان يكون لها اي تأثير لدى هذه الدول ومواقع القرار فيها. وان كان لبنان قد استنجد بها وأمل اللبنانيون منها خيرا، على الجميع ان يدرك انها سعت وما زالت الى إخراجهم من المآزق التي يعيشونها. فالمصلحة اللبنانية هي التي قادت العديد منهم إلى التورط مجددا في الرمال اللبنانية وليس لأي منها مصلحة خاصة بشعوبها وحكوماتها وقادتها ومكانتها في المجتمع الدولي فهي تعالج الوضع في بلد لا يوازي في حجمه ومآزقه ما تعانيه إحدى الشركات الدولية التي تمتلكها ومنها ما هو عابر للقارات.

ولذلك، لا يمكن إلا ان يتنبه المسؤولون الى الوضع المأساوي الذي يعيشه اللبنانيون والمقيمون على أراضيه وقد بلغ مراحل متقدمة من الانهيارات المخيفة والشاملة. وهي لا تقف عند الانهيار المالي والنقدي الذي كان يمكن معالجته منذ بداية الازمة وحالت المناكفات والاحقاد السياسية والحزبية دون النظر اليه وتقدير مخاطره منذ اللحظة الاولى. فعصى لبنان وتخلى عن كل المبادرات التي كان يمكن ان تضع حدا لفقدان محتويات الخزينة العامة قبل ان تلجأ الى جيوب اللبنانيين وما ادخروه في منازلهم بعد مصادرة حساباتهم المصرفية ووضع اليد عليها والتصرف بها دون أي وجه قانوني.

وسألت المصادر، الم يدرك اللبنانيون بعد، ان الأزمة لا تعالج بـ “كرتونة اعاشة” او بـ “بمنحة مالية” محدودة كانت في متناول أفقر الناس اليوم، قبل ان تتحول حلما لدى البعض منهم عندما تسمح لهم بسلة غذائية دون القدرة على ضمان تأمين ابسط الخدمات الكهربائية والمحروقات والادوية عدا عن الاستشفاء الذي بات حلم ما بين 80 الى 85 % من اللبنانيين.

انطلاقا من هذه المؤشرات تبرر المصادر عينها ارتفاع لهجة الوسطاء الغربيين والخليجيين ومن بينهم مجموعة سفراء “لقاء باريس الخماسي” ان على جميع المعنيين بالاستحقاق الرئاسي حسم المواقف النهائية وازالة الالتباسات المحيطة بالكثير من المواقف المزدوجة التي تسمح للبعض بأن لديه أوراقا مخفية لا بد من استخدامها في لحظة “الحشرة” بطريقة ادت الى الحاق الاذى بمجموعة من النواب المترددين عن اتخاذ اي موقف وآخرين باتوا يبحثون عن مصلحة شخصية متجاهلين الظروف التي جاءت بهم موجة “الانتفاضة” و”الثورة” ويعتقدون انهم كيانات منفصلة ومتفردة ادت الى تفكيك قوى وكتل نيابية وتهدد أخرى بولاءآت مختلفة وآنية.

واضافت المصادر من المهم جدا، ان نصل الى مرحلة تسمح بأن يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة انتخابية هي الحلقة الثانية عشرة من مسلسل انتخابات الرئيس من أجل توفير الظروف الديمقراطية بحدها الادنى لانتخاب رئيس البلاد بعدما تبين ان ليس من سلطات مؤهلة للحفاظ على كيانات مؤسسات الدولة في غيابه، فهو وايا كانت صلاحياته يبقى الناظم لعمل المؤسسات والسلطات والتنسيق في ما بينها واعطاء كل صاحب حق حقه فتتوقف النزاعات في ما بينها وعلى اكثر من مستوى .

وانطلاقا مما تقدم، يفترض بقوى المعارضة ان تتفق على مرشحها الأوحد من اجل ان يكون في مواجهة آخر. وإن بقي “الثنائي الشيعي” متمسكا بترشيحه بفرنجية دون وجود اي اسم بديل ما لم يتم التوافق عليه، عليه التخلي تلقائيا ومن دون اي نقاش عن “الميثاقية” التي يمسك بها وكأنها عصا التهديد بها في ظل رفض البحث بأي خطة “باء”. ذلك ان انتخاب اي مرشح رئاسي بدون ان ينال اي صوت شيعي – مع ان الإنتخاب سري- لا يمكن نزع الصفة الميثاقية. عنه فالأصوات التي جاءت ببري الى مجلس النواب وميقاتي الى السرايا افتقدت إلى الصوت المسيحي الوازن رغم “سرية” الانتخاب. فالقضية ليست عددية – مذهبية عندما يتصل الأمر باحتكار تمثيل طائفة كاملة كالطائفة الشيعية والتهديد بنزع الصفة “الميثاقية – الوطنية” عن اي موقف أو مرشح آخر يتمتع بمروحة تمثيلية مسيحية وسنية ودرزية وازنة ويفتقد الى الدعم الشيعي.

وإن كانت هذه الثنائية لا تسعى الى فرض ارادتها على المكونات اللبنانية الاخرى كما لفت الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالأمس، على قائديها ومواقع القوة فيها وقف التهديد بهذا “المنطق التقسيمي” وعدم تكرار الاخطاء التي ارتكبت وعطلت الكثير من الاستحقاقات السابقة وجعلت طائفة كاملة في مواجهة داخلية وخارجية بعدما ارتبط اي رجل اعمال او مواطن شيعي في العالم بـ “مشروع ارهابي” يتعرض لكل اشكال العقوبات المالية والسياسية في أكثر من دولة .

وما بين هذه الملاحظات التي لا يمكن تجاهلها من المهم جدا التوصل الى سيناريو رئاسي قابل للتطبيق يقود الى مواجهة منطقية بين مرشحين جديين والدخول في مسلسل الدورات المتتالية الى حين انتخاب الرئيس. وان كان الاعتقاد يسود ان بامكان انتخاب الرئيس بالنصف زائد واحدا كما انتخب رئيس مجلس النواب لا يستساغ على مستوى رئيس الدولة فمن المهم جدا الاعتراف بالانقسام العمودي بين اللبنانيين وتجاوز مثل هذه الحالة التي جاءت برئيس مجلس النواب بالالتفاف الفوري حول من انتخب رئيسا ليكون الجميع متساويا في تحمل مسؤوليته. فعملية الإنقاذ تستدعي وجوده قبل تفكك المؤسسات نهائيا.

وختاما تقول المصادر أن التطلع الى دور الرئيس يتجاوز موقعا احتكر صاحبه في السلطة التشريعية منطق الترشح وحالت الآحادية دون التنوع الموجود في الطوائف الاخرى. وهو نموذج مهما كان سيئا فان السعي الى تفكيكه وتجاوز سلبياته لا يقوم إلا بقيام الدولة التي تحمي الجميع وتحول دون احتكار السلاح لهذا التمثيل الطائفي النيابي كما احتكار المواقع الادارية والعسكرية والقضائية برضى هذه الثنائية وليس من المنطق استنساخه على أي مستوى آخر.