IMLebanon

ماذا يحمل مؤتمر بروكسل للبنان؟

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

لم يعد خافيا أن ملف النزوح السوري في لبنان أصبح ضاغطاً مما يتطلب التحرك بشكل جدي لوضع الحلول الممكنة له. وبالتوازي مع الإرباك الحكومي المتعمّد تجاه هذا الملف، برز كلام وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار إذ اعتبر أن “الحوار السياسي مع نظام الأسد سيساعد على حلحلة الأزمة السورية في لبنان”. ومن قناة نتائج قمة جدة غمز قائلا” الوفد اللبناني في القمة العربية اكتفى بإعلان موقف بدلا من حث الدول العربية على اتخاذ خطوات فعالة والتوصل الى التزام يخرج لبنان من الأزمة”.

وسط هذا الجدل البيزنطي المبني على حسابات سياسية، يبقى التركيز على مؤتمر بروكسل الذي سيُعقد في 15 حزيران المقبل لبحث ملف النزوح حيث سيمثل لبنان حجار ووزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب. فهل بدأ العمل على إعداد الخطة التي سيحملها معه الوفد إلى المؤتمر والتي تعكس من دون شك سياسة الحكومة تجاه هذا الملف؟.

المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني زياد الصائغ يوضح أن “مؤتمر بروكسل ينكب منذ انطلاقته على المسائل الإنسانية في الأزمة السورية، ومنها قضية اللاجئين والنازحين. وبالتالي من غير الواقعي التعويل على أي مقاربة قد ترِد في هذا المؤتمر تحمل طابعاً سياسياً بالعمق، لكن من الواقعي فهمُ أن لقاءً مماثلاً يبقى فرصة للديبلوماسية الأوروبية والشرق أوسطية للبحث معاً في خيارات معالجة الأزمة بكافة تشعباتها ومنها عودة اللاجئين والنازحين”.

في ما يخص الديبلوماسية اللبنانية يقول الصائغ:”لا بد من الإعتراف بأنها مربكة وملتبسة ومتناقضة الطروحات في مسألة اللاجئين السوريين، ومن الواضح بمكان أنها تستند إلى مقاربات شعبوية وديماغوجية تنطلق من الكلام عن خطرٍ كياني في الحد الأقصى من دون بذل أي جهدٍ لتدارك هذا الخطر الكياني، إلى الحد الأدنى في الكلام عن الأعباء الهائلة جراء النزوح واللجوء بعيداً من إنجاز دراسة متكاملة”.

ويأسف “كوننا سنشهد في بروكسل مقاربة لبنانية غبّ الطلب، بعيداً عن أي سياسة عامة متماسكة ، وسنخسر فرصة جديدة لنتصرّف كدولة ذات سيادة قادرة على التعاون مع المجتمع الدولي في قضيةٍ شديدة التعقيد”.

الصورة التي تكوّنت في اجتماع عمان على مستوى وزراء الخارجية وغياب لبنان هي أنّ على الأسد التزام 4 تعهدات قبل إقرار التطبيع والإعمار من بينها إقرار خطة لإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم. وهذه النقطة الأخيرة كانت الدافع إلى عقد الاجتماع في الأردن كونها تعتبر أنّ أمامها فرصة نادرة للتخلّص من عبء النازحين.

وفي قمة جدة طُرِح ملف النازحين وتمت مناقشته مباشرة بحضور بشار الأسد الذي عاد إلى الحضن العربي وشارك في القمة العربية بعد غياب طويل. فهل يمكن البناء على ما ورد في بيان جدة حول ملف النازحين. بكلام أوضح هل بات بالإمكان القول ما بعد قمة جدة ليس كما قبلها في ما يرتبط بهذا الملف؟

“إعلان جدة الأخير صوَّب على أهمية عودة اللاجئين والنازحين، وثمة لجنة اتصال خماسية عربية في هذه القضية ، نأمل أن ينضم إليها لبنان. لكن يبقى التحدّي في أين هو ملف لبنان المتماسك ديبلوماسياً لطرح خيارات التعاطي مع هذه العودة من المسارات، إلى الآليات، إلى المعوِّقات .وهذا يقتضي إطلاق التشاور الدقيق مع الأمم المتحدة، إذ يجب الأخذ في الإعتبار أن قوى الأمر الواقع تعطِّل العودة على رغم شعارات الترحيب بذلك، ومن ناحية أخرى يجب الإعتراف أن المجتمع الدولي معني بالإنكباب على إنجاز حل سياسي في سوريا، يوقف الإستنزاف والتغيير الديمغرافي” يختم الصائغ.

حتى اللحظة لا تزال دعوة الوزير هكتور حجار لتشكيل لجنة وزارية للذهاب إلى سوريا لمناقشة ملف النزوح مع الحكومة السورية تدور في فلك المباحثات، علمأ ان الأجواء التي تلقفتها الحكومة من عودة سوريا إلى الحضن العربي ومشاركة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في قمة جدة تترجم بالإيجابية بحسب أوساط وزارية. لكن هل تكفي “الإيجابية” المبنية على أرجحية التطبيع مع سوريا لعودة النازحين إلى ديارهم وهل سيبادل بشار الأسد العرب و”إيجابية” الديبلوماسية اللبنانية بتنفيذ الشروط المتعلقة بملف النزوح السوري؟

في مذكرة التفاهم الموقعة بين الأمن العام اللبناني ومفوّضية اللاجئين منذ العام 2003 على أثر أزمة لجوء عدد من العراقيين إلى لبنان بسبب احتلال العراق حينها، إشارة واضحة في مقدمتها عن أن لبنان لا يحتمل أن يكون بلداً للتوطين وتنص حرفياً على أنّ لبنان بلد غير مهيّأ ليكون بلد لجوء بالنظر لاعتبارات اجتماعية واقتصادية وديموغرافية. والحلّ في إعادة توطين اللاجئين المعترف بهم من قبل مكتب المفوضية في بلد آخر وعبارة طالب لجوء تعني طالب لجوء إلى بلد آخر غير لبنان”.

وكما النازح العراقي كذلك السوري وقبله الفلسطيني وبعده من يدري من سيكون ومن أي بلد سينزح .لكن ما لا يقبل الشك أن النزوح واحد وتداعياته على الدولة المضيفة كارثية. يكفي أن يتذكر المعنيون ذلك.