IMLebanon

تلويح أميركي بعقوبات على بري لـ”احتجازه” الرئيس العتيد

كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي” الكويتية:

هي مسألة ساعات وتدخل الانتخابات الرئاسية في لبنان فصلاً جديداً في سياق لعبة «عضّ الأصابع» التي ستشتدّ تحت عنوان فتْح أبواب البرلمان (للجلسة رقم 12) التي ستطرقها غالبية المعارضة مع «التيار الوطني الحر» بمرشّحٍ مشترك هو الوزير السابق جهاد أزعور الذي لم يعتقد «حزب الله» ورئيس مجلس النواب نبيه بري أنه سيتحوّل ورقةً تقلب الطاولة والقواعد التي اعتقدا أنهما أرسياها لإدارة الأزمة الرئاسية على قاعدة «ان كل الطرق توصل الى انتخاب سليمان فرنجية».

وكانت الكواليس السياسية أمس تشهد وضع اللمسات الأخيرة على كيفية إعلان تبنّي ترشيح أزعور من المعارضة والتيار الحر، وسط معلوماتٍ لـ «الراي» عن أن الاتجاه هو لحصول «إعلان متزامن» من مختلف القوى الداعمة له من دون أن تحصل مَشهديّة جامعة، باعتبار أن تقاطُع مؤيّدي هذا الترشيح من «على الضفتين» جاء على قاعدة تَراجُع كل منهما خطوة نحو شخصية حيادية من دون أن تتبدّل الاصطفافاتُ السياسية نحو تَحالُف أو جبهةٍ جديدة.

وفيما كان أزعور يُجْري مشاوراتٍ عن بُعد مع عدد من النواب التغييريين ويناقش معهم نقاطاً تدخل في سياق برنامجه في حال وصوله إلى سدة الرئاسة، فإنّ اقترابَ المعارضة و«التيار الحر» من الإعلان الرسمي عن تبنّي هذا الخيار الذي تطوي معه غالبية المعارضة صفحة ترشيح النائب ميشال معوّض، بدا أنه أرْبَك بوضوح فريق الممانعة الداعِم لفرنجية والذي كان انبرى إلى ما يشبه «الهروب إلى الأمام» قبل أيام واصفاً اعتماد أزعور من قِبَل «تقاطُع المعارضة – التيار» مناورةً للإطاحة بزعيم «المردة» قبل أن يتظهّر أمس أن هذا الفريق بات للمرة الأولى منذ الأزمةِ الرئاسية في موقعٍ دفاعي بعدما نجح خصومُه السياسيون في «اقتناص» افتراق التيار الحر عنه على خلفية رفْضه السير بفرنجية وتحويل الـ «لاءين» (من المعارضة والتيار) إلى «نعم» على اسم محدّد.

وإذ أكدت أوساط واسعة الاطلاع ضمن الفريق الذي يواكب عمل «خلايا» التحضير لإعلان دعْم أزعور لـ «الراي» أن لحظة التبنّي الرسمي ستكون بمثابة مفصل جديد في هذا الملف، رفضتْ استباق الأمور بالحديث عما إذا كان كل التكتل النيابي لرئيس التيار جبران باسيل سيصبّ لمصلحة أزعور حين تدقّ ساعة الانتخاب في ساحة النجمة «فنحن نسير خطوة خطوة، وما سيحصل بالترشيح سيشكّل أولاً عامل ضغط على الرئيس بري للدعوة إلى جلسة انتخاب رئاسية في أسرع وقت».

وفي السياق نفسه، اعتبرت مصادر سياسية أن الترشيح الرسمي المرتقَب لأزعور سـ«يقلب الأدوار» بحيث تنتقل كرة تعطيل الاستحقاق وتجميد الدعوة لاستكمال جلسات الانتخاب من ملعب المعارضة التي كانت تُرشق من «الممانعة» بأنها غير قادرة على الاتفاق على اسم وبأنها تجاهر بأنها لن تؤمّن نصاب أي جلسة يكون فوز فرنجية فيها مضموناً، إلى ملعب «حزب الله» والرئيس بري الذي سيكون في موقع الممتنع عن فتْح البرلمان سواء لانتخاب أزعور أو أقلّه لتنافُس «على المنخار» بينه وبين فرنجية.

عقوبات أميركية

وفي رأي الأوساط أن امتناعَ بري عن تحديد موعد لمثل هذه الجلسة، بحجة أن ترشيح أزعور مناورة أو «غير جدي» سيضعه هذه المرة في مواجهة مع الخارج الذي يتقاطع على ترْك اللعبة الديموقراطية تأخذ مجراها تحت قبة البرلمان، وهو المناخ الذي ساد حتى في لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وصولاً لموقف متقدّم جاء من واشنطن حيث عاد التلويح بـ «عصا» عقوبات على معرقلي الاستحقاق الرئاسي وبينهم على بري الذي تبرز للمرة الأولى دعوات لشموله بـ «العقاب».

وكان بارزاً في هذا الإطار، ما أعلنته مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى بربارا ليف من «اننا نعمل مع الأوروبيين لدفْع البرلمان اللبناني إلى القيام بواجبه في انتخاب رئيس للبلاد»، مؤكدة أن «إدارة بايدن تنظر في إمكان فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين على خلفية عدم انتخاب رئيس».

وإذ نقلت تقارير لبنانية ربْطاً بما أعلنتْه ليف أن هناك لائحة تضم 19 شخصية لبنانية على رأسها بري قد تصْدر بحقها عقوبات عن وزارة الخزانة بموجب «قانون ماغنيتسكي» إذا ثبت تورطها في تعطيل عمل البرلمان كي لا يُنتخب رئيس للجمهورية في غضون هذا الشهر، تزامن موقف ليف مع الكشف عن رسالة من الحزبين الديموقراطي والجمهوري وجّهها رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايكل مكول والعضو المنتدب غريغوري ميكس إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن للتعبير عن القلق البالغ إزاء الأزمة السياسية والاقتصادية المتصاعدة في لبنان في ظل الفراغ الرئاسي.

وأكدت الرسالة «ان على الطبقة السياسية في لبنان أن تتغلب على اختلافاتها عاجلاً وأن تلتزم بالسعي نحو تحقيق مصالح شعب لبنان. وعلى البرلمان أن يتجاوز أشهراً من عدم التوافق لانتخاب رئيس جديد بشكل عاجل وخالٍ من الفساد والتأثيرات الخارجية غير المشروعة».

وشددت على «أن على الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين أن يكرروا بصوت واحد ضرورة أن ينتخب البرلمان رئيساً من هذا القبيل وندعو أيضاً الإدارة الأميركية إلى استخدام كل السلطات المتاحة، بما في ذلك فرض عقوبات إضافية على أفراد محدَّدين يساهمون في الفساد ويعرقلون التقدم في البلاد، للإيضاح للطبقة السياسية في لبنان أن الوضعَ الحالي غير مقبول».

وبدا واضحاً أن الملف الرئاسي دَخَل مرحلة جديدة من «التدافع الخشن» السياسي في ظلّ صعوبة تَصَوُّر رضوخ «حزب الله» وبري لضغط المعارضة وترْكها تحدّد «المكان والزمان المناسبيْن» للمعركة الرئاسية في جولتها «الحاسمة» التي لن يقبل فيها الحزب حتى بإطاحة ترشيح فرنجية ومساواته بأزعور بحال لم ينل أي منهما أكثرية 65 صوتاً في الدورة الثانية ما يُخشى أن يمهّد لـ «خيار ثالث» يَعتبر فريق الممانعة أن ثمة دولاً تحبّذه مثل قائد الجيش العماد جوزف عون.

وكان بري أمس واضحاً في تأكيد أنه لن يسلّم للضغوط وهو أعلن في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي «أن أبواب المجلس النيابي لم تكن ولن تكون موصدة أمام جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، في حال أُعلن عن ترشيحين جدييْن على الأقل للرئاسة وخلاف ذلك من تشويش وتهديد لا يعود بفائدة ولا ينفع لاسيما مع رئيس المجلس».