IMLebanon

“بلديات لبنان… بين الحياة والموت”

كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:

واقع البلديات في لبنان وسبل استدامتها في ظل الأزمات التي تعانيها نتيجة الوضع الراهن، شكّلا محور المؤتمر الذي نظّمته رئيسة بلدية بكفيا – المحيدثة نيكول الجميّل في سراي بكفيا أمس، تحت عنوان «بلديات لبنان… بين الحياة والموت»، وذلك بالتعاون مع «بيت المستقبل» و مؤسسة «كونراد أديناور».

في حضور حشد من الشخصيات الرسميّة والقانونية ورؤساء البلديات وأصحاب الخبرة والإختصاص، أوضح الرئيس أمين الجميّل خلال كلمة له أنّ هدف المؤتمرين التصدّي للمشكلة الوجودية الناجمة عن تفاقم الإنهيار المالي الذي يشكّل بدوره عصب البلديات والمحرّك الأول لأنشطتها»، وأمل في أن يؤسّسَ هذا المؤتمر «لحوارٍ وطني حول دور البلديات واتحادات البلديات في الإصلاح الإداري والنظام السياسي المأزوم. وأن يفتحَ النقاشَ الحرّ الهادف الى إيجاد المقوّمات الضرورية لبقاء البلديات وصمودها في ضيعنا ومدننا بخاصة أنها ترمز الى آخر معالم الدولة التي بسقوطها يسقطُ المواطن في أرضه».

من جهتها، كشفت رئيسة بلدية بكفيا – المحيدثة السيدة نيكول الجميّل، أنّ الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها لبناننا عموماً والبلديات خصوصاً حتّمت «الالتقاء من أجل مناقشة سبل التعامل مع الأزمات التي باتت تعصف ببلدياتنا».

وتخلّل المؤتمر عرض مسهب للباحث في الدوليّة للمعلومات السيّد محمد شمس تناول خلاله واقع البلديات والتّحديات التي تواجهها. وتولّى رئيس هيئة الشراء العام جان العليّة، شرح أهميّة تعامل البلديات مع هيئة الشراء العام، وملاءمة تطبيق هذا القانون لما للرقابة المركزية من أهميّة على نجاح عمل الوحدات اللامركزية.

في حين عرض القاضي في ديوان المحاسبة الدكتور إيلي معلوف الواقع المالي للبلديات والتحدّيات القانونية المطلوب القيام بها لتعزيز إيراداتها، إلى جانب تشديده على وجوب أن تحقّق الإدارة المالية الأهداف والخدمة العامة للمواطن إضافة الى الشفافية. وتوقّف عند تأجيل الانتخابات وما يترتّب عن هذا الإجراء من انتقاص للديمقراطية.

بدوره، قارب محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي، العوائق الإداريّة في طريق عمل البلديات والعلاقة مع الجهات المانحة. وشدّد على أن السلطة المركزية أصبحت مثقلة بالأعباء خصوصاً بعد تفاقم الأزمة الماليّة، ودعا إلى إعادة النظر في عمل الإدارة من خلال إعادة النظر في إدارة الأهداف المنوط بالعمل البلدي القيام بها. وخلال الجلسة الختاميّة، ناقش كلّ من النائب سامي الجميل ووزير الداخلية والبلديات السابق زياد بارود، والبروفسور نهى الغصيني، واقع البلديات في ظل الجمود القانوني والقيود الرقابيّة. وإذ عرض الوزير بارود مآل قانون اللامركزية الإدارية المعدّ من اللجنة التي ترأسها في هذا الصدد، أكّد النائب سامي الجميّل أن «اللامركزية كانت الهاجس الأول وأحد الأهداف التي عملنا عليها، مشدّداً على وجوب تحصين وتفعيل وتطوير اللامركزية في لبنان، لافتاً الى المطالبة بفصل وزارة الداخلية عن البلديات للتفرّغ لمتابعة الهموم اللامركزية، مشيراً إلى أنّه طرح تعديلات للانتخابات البلدية وطالب بتقصير مدة ولاية المجلس البلدي الى 5 سنوات واعتماد الكوتا النسائية بنسبة 30 في المئة في الترشيح.

التوصيات النهائيّة لمؤتمر “بلديّات لبنان بين الحياة والموت”

في ختام المؤتمر صدرت عنه التوصيات الآتية:

– يتوجّه المؤتمرون الى كافة المراجع الرسميّة وأصحاب الشأن لا سيما مجلسي النواب والوزراء، بأن يجعلوا العمل البلدي من أولويّات اهتماماتهم لما له من إنعكاس مباشر على المواطنين ومصالحهم، وإيجاد التشريعات اللازمة لذلك، مع ما يتطلّبه الأمر من تعديلات ملحّة على قانون البلديّات الصادر بالرقم 118/77 تاريخ 30/6/1977 وقانون الرسوم والعلاوات البلديّة الصادر بالرقم 60 / 88 تاريخ 12/8/1988 وتعديلاتهما، وجميع القوانين ذات الصلة لتواكب التطورات المتسارعة على كافة الصعد.

– بإنتظار إنتظام العمل التشريعي، إيجاد الوسائل اللازمة وإتخاذ الإجراءات والتدابير الفوريّة من أجل ديمومة العمل البلدي ودعمه ومؤازرته وذلك عبر إعتماد معايير موحّدة في كافة البلديات ينتج عنها زيادة الرسوم والضرائب بنسبة عشرة أضعاف، أسوة بما جرى إعتماده في سائر الإدارات الرسميّة التي باتت تحتسب صرف الدولار الأميركي على سعر 15000 ل.ل بحده الأدنى بدل 1500 ل.ل.

ـ وضع آلية سريعة ومرنة تمكّن من زيادة الرسوم البلدية كلما دعت الحاجة (كربطها بالزيادات الطارئة على الرواتب والأجور وفق نسب معيّنة)، وتحسين الجباية وتأمين موارد إضاقية كي تتناسب مع الواقع المالي والاقتصادي المستجدّ في ظل تدهور قيمة العملة الوطنية وغياب التشريعات اللازمة.

ـ إعطاء الحق للبلديّات بإيداع الأموال بالعملات الاجنبية تلافيًا لفقدان قيمتها.

ـ إعتماد سعر صرف موحّد تعتمده كافة البلديّات في العقود المنظّمة بالعملات الأجنبية.

ـ التحويل التلقائي للأموال الى الصندوق البلدي المستقل والتوزيع الفوري لها وفق مواعيد ثابتة.

– اعتماد التخمين العقاري وفق الأسعارالرائجة حالياً من اجل إنجاز معاملات تسوية مخالفات البناء.

ـ إعفاء البلديّات من الديون المترتبة عليها لصالح شركة سوكلين والمؤسسات والمصالح المستقلّة بهدف مساعدتها على تجاوز الظروف الصعبة التي تمر بها.

ـ عدم إقتطاع او إستعمال أي مبلغ من أموال الصندوق البلدي المستقل لغير هدف دعم البلديات.

ـ تحويل الغرامات التي تفرضها المحاكم بسبب مخالفات الأنظمة البلديّة وقوانين البناء الى صناديق البلديات.

ـ إضافة مادة قانونية تتيح للبلديّات إستيفاء بدل خدمات مأجورة لصالح جهاز الشرطة لديها، أسوة بقانون تنظيم قوى الأمن الداخلي.

ـ إنشاء وزارة مستقلّة للبلديّات وفصلها عن وزارة الداخليّة، بحيث يصبح الوزير متفرغا بالكامل لمتابعة شؤون العمل البلدي، من دون أية إهتمامات أخرى تتقدم عليه في الأولوية، لا سيما وأن تشعّب صلاحيات وزارة الداخلية وتوسّع مهماتها وإختلاط الأمن بالإدارة، يعيق عمل الوزير ويجعله غير قادر على الإحاطة بجميع أمور البلديات وحاجاتها.

ـ العمل الجاد على إقرار قانون اللامركزيّة، لما له من تأثير إيجابي على البلديات والمواطنين على السواء والذي يساهم في التخفيف عن كاهلهم الكثير منالمشقّات والعناء.

ـ تخفيف القيود الرقابية على البلديّات من قبل كافة السلطات والهيئات والإدارات وإعطاءها هامشا أوسع من الصلاحيات وحرية التصرف توفيرا للجهد والوقت.

متابعة إصدار النصوص والقوانين التي تتيح إنشاء شراكة بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل الشراكة بين البلديات والمجتمع الاهلي.

ـ رفع السقوف المالية الواردة في قانون الشراء العام التي تحتاج الى تصديق المحافظين والقائمقامين. والتأكيد على ان دفاتر الشروط التي تعرض على هيئة الشراء العام تنتفي حلجتها للتصديق من قبل اي مرجع آخر .

ـ إستثناء موظفي البلديات من الزيادات الطارئة على الرواتب والأجور وبدلات النقل العائدة للقطاع العام، ولحظ الزيادات العائدة لهم بصورة مستقلة بعد الأخذ بعين الإعتبار الواقع المالي والوظيفي للبلديات وضعف إيراداتها قياسا على إيرادات الإدارات المركزية، لا سيما وأنها تتمتع بالإستقلالية الإدارية والمالية.

ـ إيجاد حلول عمليّة من أجل تأمين الإستشفاء والطبابة للموظفين من خارج موازنة البلديّات عبر إنتسابهم الى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي أو تعاونية الموظفين، أو عبر إنشاء صندوق تعاضدي تشارك فيه كافة البلديّات. فلا تصحّ مساواتهم بموظفي القطاع العام في بعض الأمور وإستثناءهم في أمور أخرى.

ـ عدم تكليف البلديّات بمهمات خارجة عن صلاحياتها، أو تفوق طاقتها على المتابعة والتنفيذ، وعدم ترتيب أية التزامات على البلديّات من دون موافقتها.

ـ تسهيل شؤون تعاقد البلديّات مع أصحاب الإختصاص كالإستشاريين والمحامين والمهندسين.

ـ إشراك ممثلين عن البلديّات عند دراسة أي قانون متعلق بها في اللجان النيابيّة.

ـ تسهيل أمور التعاون مع الجهات المانحة، وعمليّة قبول الهبات وتنفيذ المشاريع لا سيما تلك الواردة بالعملات الأجنبية.

– ويعلن المجتمعون ومن مبدأ أن الضرورات تبيح المحظورات، عن نيتهم في البدء بمضاعفة الرسوم مع مراعاة الظروف الخاصة لكل بلديّة، وذلك ضماناً لإستمرارية المرفق العام المتمثل بالبلديات.

– كما يتمنى المجتمعون على المراجع المعنية إعتماد تلك التوصيات، وإتخاذ الإجراءات الآيلة الى قوننتها ووضعها موضع التنفيذ، في سبيل إنتظام العمل البلدي وتفاديا لإنهيار البلديّات وإقفالها، وهي التي باتت تنازع من أجل البقاء، لا سيما وأنها تشكّل الملاذ الأخير للمواطن على صعيدي الإنماء والخدمات، وحجر الزاوية في عملية إعادة النهوض بالوطن.