IMLebanon

“العفو الدولية” تحذّر من زيادة الوفيات في سجون لبنان

 

 

طالبت «منظمة العفو الدولية» السلطات اللبنانية بـ«إعطاء الأولوية بصورة مُلحّة لصحة السجناء» مع تضاعف عدد الوفيات في السجون التي تديرها وزارة الداخلية في عام 2022 مقارنةً بعام 2018، وهو العام الذي سبق بداية الأزمة الاقتصادية الحادة المستمرة.

 

وتظهر الأرقام التي شاركتها وزارة الداخلية مع «منظمة العفو الدولية»، ارتفاع معدلات الوفاة من 14 في 2015 و18 في 2018 إلى 34 في 2022. وألقت السلطات باللوم عن تدهور صحة السجناء على الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ العام 2019، وأدت الأزمة إلى وفاة 3 سجناء، في حين طاولت الموظفين والعسكريين والخدمات الحكومية.

 

واعتبرت المنظمة أنه «يجب على السلطات القضائية إجراء تحقيقات سريعة ونزيهة وفعالة في حالات الوفاة كافة في الحجز لتحديد مدى إسهام سوء تصرف موظفي السجن أو إهمالهم في حدوث هذه الوفيات، ومساءلة أي شخص يتبين أنه يتحمل مسؤولية».

 

 

وقالت المنظمة في تقرير نشرته الأربعاء: «يجب أن تكون هذه الزيادة الحّادة في الوفيات جرس إنذار للسلطات اللبنانية، بحيث تتعاون مع المجتمع الدولي على تحسين أوضاع السجون، بما في ذلك الرعاية الصحية». كما أكدت أنه «ينبغي على السلطات أيضاً التحقيق في مدى ارتباط الزيادة الحادة في الوفيات بعوامل بنيوية، مثل الاكتظاظ وقلة الموارد الوافية والإفلات من العقاب على المعاملة السيئة، وهي عوامل تفاقمت جميعها بفعل الأزمة الاقتصادية».

 

وازدادت حدة الاكتظاظ في السجون اللبنانية في السنوات الأخيرة. وأصبحت تتجاوز طاقتها الاستيعابية بنسبة 323 في المائة، ويقبع نحو 80 في المائة من المحتجزين في الحجز الاحتياطي. وأدى مزيج من الاكتظاظ وأوضاع الاحتجاز المزرية إلى تدهور صحة السجناء. وفي الوقت نفسه، شهدت الموارد اللازمة لتقديم الرعاية الصحية تراجعاً هائلاً، في ضوء انخفاض قيمة العملة والارتفاع الحاد في نسبة التضخم.

 

وانخفضت القيمة الحقيقية لميزانية وزارة الداخلية المخصصة لتقديم الرعاية الصحية إلى السجناء من 7.3 مليون دولار أميركي في 2019 إلى نحو 628 ألف دولار أميركي في 2022. ونتيجة لذلك؛ لا يوجد عدد كافٍ من الموظفين في السجون، وتفتقر صيدلياتها إلى الأدوية الأساسية مثل المُسكّنات والمضادات الحيوية.

 

وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، آية مجذوب: «إن الزيادة الحادة في الوفيات في الحجز يجب أن تكون جرس إنذار للحكومة اللبنانية بأن السجون اللبنانية في حاجة إلى إصلاح عاجل وهائل. وينبغي على الحكومة تخفيف الاكتظاظ في السجون، بما في ذلك من خلال استخدام التدابير غير السالبة للحرية كبدائل للحجز الاحتياطي، وتخصيص موارد إضافية لضمان تلقّي السجناء رعاية صحية كافية وحصولهم الفوري على الرعاية الطبية الطارئة».

 

وأضافت أن «الأزمة الاقتصادية ليست عذراً تسوقه سلطات السجن من أجل حرمان السجناء من الحصول على الأدوية، أو إلقاء كلفة الاستشفاء على كاهل عائلات السجناء، أو تأخير نقل السجناء إلى المستشفيات. وينبغي على القضاء أن يُجري تحقيقاً سريعاً ونزيهاً في كل حالات الوفاة في الحجز، ويجب معالجة أي تقصير وإهمال من جانب السلطات، بما في ذلك بحسب مقتضى الحال من خلال مقاضاة المسؤولين عن ذلك».

 

وبحسب مجذوب، لم تقدّم وزارة الداخلية أي تفسير لأسباب هذه الوفيات في الحجز. وإذ يجد تحقيق «منظمة العفو الدولية» أن الزيادة الملموسة في عدد الوفيات في الحجز مرتبطة بالأزمة الاقتصادية التي تشلّ البلد، إلا أنه سجّل أيضاً نواحي قصور في السجون وتقصير من قبل السلطات الصحية في تقديم الرعاية الطبية الوافية في الوقت المناسب إلى المحتجزين، ومن ضمن ذلك إلى الحالات التي تتطلب علاجاً طارئاً.

 

وأجرت المنظمة بين سبتمبر (أيلول) 2022 وأبريل (نيسان) 2023 مقابلات مع 16 شخصاً، من ضمنهم سجناء وأفراد عائلات أشخاص توفوا في الحجز. واستعرضت تقارير طبية عدة، علاوة على صور ومقاطع فيديو التقطها أشخاص في السجن. وقد بعثت منظمة العفو الدولية برسائل إلى وزارَتي الداخلية والصحة تضمنت أسئلة حول الوفيات في الحجز. فأرسلت الوزارتان رديهما اللذين أُدرجا في التحقيق.

 

وأبلغت عائلات ثلاثة من المتوفين «منظمة العفو الدولية» أن موظفي السجن تجاهلوا شكاوى المحتجزين وأعراضهم قبل وفاتهم؛ ما أخّر تقديم العلاج لهم ونقلهم إلى المستشفيات، وأدّى إلى تدهور حالاتهم الصحية.

 

وقالت المنظمة الدولية إنه منذ بداية الأزمة الاقتصادية، تقاعست الحكومة عن تسديد فواتير المستشفيات المتعلقة بعلاج المحتجزين؛ ما أدى إلى رفض العديد من المستشفيات قبول المرضى الوافدين من السجون أو اشتراط دفع مبلغ مالي مقدماً، حتى في الحالات التي تتطلب علاجاً طارئاً؛ ما يشكل انتهاكاً للقانون اللبناني. وبحسب الأرقام التي اطلعت وزارة الداخلية منظمة العفو الدولية عليها، أُدخل 846 محتجزاً إلى المستشفى في 2018 و107 فقط في 2022.

 

وحضت المنظمة الدولية الحكومة اللبنانية بدعم من المجتمع الدولي على تخصيص موارد إضافية لضمان تمكُّن سلطات السجون من تحسين الأوضاع ومستوى الرعاية الصحية في السجون وغيرها من أمكنة الاحتجاز.